تلفزيون الشرق
قال مسؤولون أميركيون إن إدارة الرئيس جو بايدن، تدرس التراجع شبه الكامل عن بعض أكثر عقوبات سلفه دونالد ترمب صرامة، والمفروضة على إيران، في محاولة لإعادة طهران إلى الامتثال للاتفاق النووي المبرم في عام 2015.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير عن مسؤولين مطلعين قولهم، إن واشنطن أصبحت تفكر بأفق أوسع بشأن ما قد تكون مستعدة لتقديمه لإيران، مع استمرار المحادثات غير المباشرة في العاصمة النمساوية فيينا، لاستكشاف إمكانية إحياء الاتفاق النووي.

ورفض المسؤولون الأميركيون مناقشة العقوبات التي يتم النظر في رفعها، لكنهم قالوا إنهم منفتحون على رفع أي عقوبات لا تتفق مع الاتفاق النووي، أو تحرم إيران من الإعفاء الذي تستحقه إذا عادت إلى الامتثال للاتفاق.

وبسبب الطبيعة المعقدة لهيكل العقوبات، يمكن أن يشمل ذلك عقوبات غير نووية، مثل تلك المرتبطة بالإرهاب، وتطوير الصواريخ وحقوق الإنسان، بحسب الوكالة.

وشدد مسؤولو إدارة بايدن، على ضرورة اتخاذ هذه الخطوة، بسبب ما وصفوه بأنه محاولة متعمدة من قبل إدارة ترمب، لعرقلة أي عودة إلى الصفقة، إذ أنه بموجب اتفاقية عام 2015، كان على الولايات المتحدة رفع العقوبات المرتبطة ببرنامج إيران النووي فحسب.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن "أي عودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) تتطلب تخفيف العقوبات، لكننا نفكر فقط في إزالة تلك العقوبات التي تتعارض مع الاتفاق".

وتابع: "حتى إذا انضممنا مرة أخرى إلى خطة العمل الشاملة المشتركة - التي تظل افتراضية - فإننا سنحتفظ بالعقوبات على إيران، ونواصل تنفيذها بسبب الأنشطة التي لا تغطيها الاتفاقية، بما في ذلك انتشار الصواريخ الإيرانية، ودعم الإرهاب، وانتهاكات حقوق الإنسان".

وبحسب "أسوشيتد برس"، عندما أعاد ترمب فرض العقوبات على طهران بعد الانسحاب من الاتفاق في عام 2018، لم يكتف بإعادة فرض العقوبات النووية، بل إنه أضاف أيضاً عقوبات تخص الإرهاب وملفات أخرى، وفرضت إدارته مجموعة من العقوبات الجديدة على كيانات، لم تكن خاضعة للعقوبات في السابق.

"موقف محرج"

ووضعت خطوة ترمب الإدارة الحالية في موقف محرج، وفق "أسوشيتد برس"، إذ تطالب إيران اليوم، بإزالة جميع العقوبات. وإذا لم ترفع الولايات المتحدة بعضاً منها على الأقل، تقول طهران إنها لن توافق على وقف أنشطتها النووية المحظورة بموجب الاتفاق.

ولكن إذا قدمت إدارة بايدن تنازلات تتجاوز العقوبات الخاصة بالأسلحة النووية، فمن المرجح أن ينتهزها منتقدون جمهوريون وآخرون، كدليل على رضوخ الإدارة لإيران، وفقاً للتقرير.

ويقول المسؤولون السابقون في إدارة ترمب، إن جميع العقوبات "مشروعة"، ونقل التقرير عن غابرييل نورونها، كبير مستشاري وزارة الخارجية السابق بشأن إيران، قوله إن "جميع عقوبات عهد ترمب، تمت الموافقة عليها من قبل محامين بوزارة العدل المهنية، وكان يمكن رفضها إذا لم تكن شرعية".

لكن مسؤولاً كبيراً في وزارة الخارجية الأميركية منخرط في المفاوضات، قال إن المسؤولين الآن "يجب أن يبحثوا كل العقوبات التي فرضت على طهران، للنظر فيما إذا كانت مفروضة بشكل شرعي أم لا".

وقال المسؤول، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، لـ"أسوشيتد برس"، إن "الولايات المتحدة ستكون مستعدة لرفع العقوبات التي كانت ستحرم إيران من فوائد الاتفاق.

ويمكن أن تشمل هذه العقوبات "قيوداً على قدرة إيران على الوصول إلى النظام المالي الدولي، بما في ذلك التعامل في المعاملات القائمة على الدولار"، بسحب قوله.

وفي الأسبوع الماضي، لفت برايس إلى أن "هناك عقوبات لا تتفق مع خطة العمل الشاملة المشتركة"، وصرح: "كما قلنا، إذا استأنفت إيران امتثالها للاتفاق النووي، سنكون مستعدين لرفع تلك العقوبات". من دون الخوض في التفاصيل.

وتشير تلك التعليقات إلى أن العقوبات المفروضة على البنك المركزي الإيراني، وشركات النفط والشحن الوطنية الإيرانية، وقطاعات التصنيع والبناء والمالية في إيران، أصبحت في حالة توقف، بحسب التقرير. وذلك لأن العقوبات المفروضة على البنوك والنفط والشحن وغيرها، التي فرضت ظاهرياً من قبل إدارة ترمب بسبب "الإرهاب والصواريخ الباليستية ومخاوف حقوق الإنسان"، تؤثر أيضاً على تخفيف العقوبات النووية.

ويقول مسؤولون أميركيون حاليون، إنه "لم يتم اتخاذ أي قرارات بعد، ولن يتم الاتفاق على أي شيء في فيينا، حتى تتم تسوية كل شيء يتعلق بتخفيف العقوبات، وعودة إيران إلى الامتثال للاتفاق النووي"، وفقاً لتقرير الوكالة الأميركية.

لكن منتقدي الاتفاق النووي، يشتبهون في أنه "سيتم إلغاء العقوبات المفروضة على الأشخاص أو الشركات أو الوكالات الحكومية أو الكيانات الأخرى المحددة، لتخفيف العقوبات النووية في اتفاق 2015، حتى لو تمت معاقبتهم لاحقاً لأسباب أخرى".

وقال مارك دوبويتز ، الناقد البارز لصفقة إيران، والمدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن "إدارة بايدن تتطلع إلى السماح بتواجد عشرات المليارات من الدولارات في خزائن النظام الإيراني، حتى لو كان ذلك يعني رفع العقوبات عن الكيانات الرئيسية المدرجة على القائمة السوداء، بسبب الإرهاب وانتشار الصواريخ".

اختلاف بشأن طبيعة العقوبات

وذكر التقرير أن إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، تعاملت مع نفس القضية إلى حد كبير، بعد إبرام الصفقة النووية في عام 2015. واتخذت موقفاً مفاده بأن بعض العقوبات التي فرضتها سابقاً إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش لأسباب تتعلق بالإرهاب، يجب أن تُصنف فعلياً على أنها عقوبات نووية، وبالتالي رفعت بموجب الصفقة.

إلا أنه، وفقاً للتقرير، كانت العديد من الدول والشركات الدولية مترددة في القفز إلى السوق الإيرانية، خوفاً من أن تخفيف العقوبات لم يكن واضحاً، وأن رئيساً أميركياً في المستقبل قد يعيد فرض العقوبات. الآن، ظهر هذا القلق من جديد.

بحسب "أسوشيتد برس"، يكثف الجمهوريون في الكونغرس ومعارضو الحكومة الإيرانية، جهودهم لتقنين موقف ترمب المتشدد تجاه إيران، من خلال تشريعات جديدة.

وعلى رغم أنه من غير المرجح إقرار قانون يمنع العودة إلى الاتفاق النووي، إلا أن هناك دعماً واسعاً من الحزبين للقرارات التي تشجع الإدارة الأميركية، على اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران.

ولفت تقرير "اسوشيتد برس" إلى دعوة أكثر من 220 من الرعاة الديمقراطيين والجمهوريين، الأربعاء، إدارة بايدن إلى الاعتراف بـ "حقوق الشعب الإيراني ونضاله من أجل إقامة جمهورية إيران ديمقراطية وعلمانية وغير نووية، مع تحميل النظام الحاكم المسؤولية عن سلوكه المدمر".