أكد قانونيون على الحاجة لإيجاد نصوص تشريعية منظمة لعمليات التصويت والاقتراع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب ما فرضته جائحة كورونا (كوفيد 19) من ضروريات لاستمرار الحياة والأعمال اليومية، فيما بين القانونيون أن الظروف الاستثنائية تجعل بعض النصوص القانونية الموجودة حالياً في قانون الخطابات والمعاملات الإلكترونية، قابلة للتنفيذ في بعض الإشكاليات الحاضرة اليوم، كما يمكن إصدار قرارات من الوزراء المختصين باعتماد التصويت الإلكتروني.

وبدأت البحرين منذ وقت طويل إصدار تشريعات للمعاملات الإلكترونية بإصدار المرسوم بقانون رقم (28) لسنة 2002 بشأن المعاملات الإلكترونية، والذي تضمن العديد من مواضع التعاملات الإلكترونية ولذلك يعتبر الأساس القانوني لمثل هذه التعاملات حيث تضمنت مواده موضوعات التعامل الإلكتروني، لكنه لم يلزم أي شخص بإرسال أو تسلم أو استعمال سجل أو توقيع إلكتروني بدون موافقته على ذلك صراحة وباستثناء الجهات العامة.

وحرص المشرع مؤخراً على تضمين تشريعاته الجانب التكنولوجي أو التقني أو الإلكتروني عموماً، نظراً لإيمانه وقناعته بضرورة مواكبة ومراعاة التطورات التي تتسارع في نطاق التعاملات التي تحولت من الشكل التقليدي إلى الشكل الإلكتروني، محاولاً بذلك وضع إطار قانوني للتعامل الإلكتروني بحيث تستوعب التشريعات القائمة مجمل التعاملات الإلكترونية على نحو يكشف جوانب الغموض وعدم الوضوح فيها، ووصولاً لذلك فقد قام المشرع بسن عدد من التشريعات ذات العلاقة.

ولفت المستشار يوسف الهاشمي إلى النص الصريح قانون مباشرة الحقوق السياسية والتي تتحدث عن سرية الانتخاب أو التصويت حتى لا يعلم أحد اختيارات المصوت، حيث جاء في المادة الثالثة والعشرين ما نصه " يجرى الاستفتاء والانتخاب بالاقتراع العام السري المباشر، ويكون إبداء الرأي في الاستفتاء أو الانتخاب بالتأشير على البطاقة المعدة لذلك، وفي المكان المخصص للاقتراع.

وأكد الهاشمي على أن النص صريح في قضية سرية التصويت، لكنه أشار إلى أحد الحقوق الخاصة بالناخب أو المصوت، وهو حق إبطال الصوت، والذي كان يحدث بالشطب على المرشحين أو وضع علامات من شأنها إبطال الصوت، منوهاً بنص المادة السادسة والعشرين الذي ذكر "تعتبر باطلة جميع الأصوات المعلقة على شرط، أو التي تعطى لعدد أكثر من العدد المطلوب انتخابه، أو المثبتة على غير البطاقة المعدة لذلك، أو التي تحمل أية علامة تشير إلى شخصية الناخب أو تدل عليه"، وقال إن نص المادة غير متحقق إلكترونياً، وتحتاج إلى إيجاد ذلك الخيار عند التصويت الإلكتروني.

لكن الهاشمي أوضح أنه في ظل ظروف الجائحة يمكن تعديل التشريعات أو إصدار قرارات تفسر نصوص المواد بما يفتح المجال أمام التصويت الإلكتروني، ومباشرة هذا الحق بصورة تضمن الحقوق للمقترعين.

وفي محاولة لتفادي إشكاليات التصويت الإلكتروني، أشار المحامي عبدالله العلي إلى قرار وزارة الصناعة والتجارة والسياحة بتمديد مدة سريان القرار رقم (26) لسنة 2020 بشأن السماح للشركات التجارية بعقد اجتماعاتها عبر وسائل الاتصال الإلكترونية أو الهاتفية بصورة استثنائية إضافة إلى التمديد لمجالس الإدارة للشركات المساهمة، وقال إن القرار استثنى أعمال الاقتراع التي تكون سرية وفقاً لأحكام قانون الشركات التجارية، وسمح بالتمديد لمجالس الإدارة للشركات الخاضعة لإشراف الوزارة والتي أوشكت مدد التمديد لفترة مجالس إدارتها بمقتضى المادة (172) من قانون الشركات التجارية.

لكنه ألمح لإمكان اللجوء لعمليات التوقيع الإلكتروني ويكون ذلك من خلال التمرير بأن يمر المحضر على الشركاء للتوقيع عليه وإثبات ذلك بوسائل إلكترونية متاحة في التطبيقات التي تستخدم في هذا المجال.

من جانبه قال المحامي نبيل القصاب إن المادة 2 من المرسوم بقانون رقم 54 لسنة 2018، تبين نطاق سريان أحكامه على المعاملات والتصرفات بجميع أنواعها، كما تسري أحكامه على سندات الملكية والصكوك القابلة للتداول التي تكون في شكل إلكتروني، وذلك مع مراعاة الأحكام الخاصة في شأن هذه السندات والصكوك في القوانين ذات العلاقة.

كما نوه القصاب إلى المادة 5 من ذات القانون والتي تبين مدى حجية السجلات الإلكترونية في الإثبات، حيث أشارت الفقرة (أ) إلى أن "للسجـلات الإلكترونيـة، في نطـاق المعاملات المدنيـة والتجارية، ذات الحجيـة المقررة فـي الإثبات للمحـررات العرفية، ويكون لهـا ذات الحجية المقررة فـي الإثبات للمحررات الرسميـة فـي أحكام قانون الإثبـات في المواد المدنيـة والتجارية متـى استوفت الشروط الـواردة فيـه، والشروط الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون، والقـرار الصادر من السلطة المختصة بالتنسيق مع الوزير المعني بشؤون العدل في هذا الشأن.

وكذلك الفقرة (ب) التي نصت على "لا ينكـر الأثر القانوني للمعلومات الواردة فـي السجل الإلكتروني، لا مـن حيث صحتها أو حجيتهـا، لمجـرد ورودها – كلياً أو جزئياً – في شكل سجل إلكتروني أو الإشارة إليها في هذا السجل".

وأكد القصاب أنه يمكن تفسير نص الفقرة (د) من المادة في القانون "يراعى في تقدير حجية السجل الإلكتروني في الإثبات، عند النزاع في سلامته ما يلي: 1 – مدى الثقة في الطريقة التي يتم بها إنشاء أو تخزين أو إرسال السجل الإلكتروني. 2 – مدى الثقة في الطريقة التي تم بها توقيع السجل الإلكتروني. 3 - مدى الثقة في الطريقة التي استعملت في المحافظة على سلامة المعلومات. 4 - أية أمور أخرى ذات علاقة بسلامة السجل الإلكتروني"، بأن يتم وضع حزمة قرارات تتيح لعمليات التصويت الإلكتروني أن تجرى نظراً لطول فترة التأجيل.

من جانبها، أكدت المحامية شهناز علي أنه لا يوجد نص قانون حالياً يخص التصويت والاقتراع إلكترونياً، لكنها أشارت للظروف الاستثنائية الخاصة بجائحة كورونا وما فرضته من أمر واقع يجب التعامل معه باستخدام البدائل المتاحة لتسيير الأعمال، وقالت إن استخدام برامج إلكترونية مثل زووم وتيمز وغيرها، يمكن أن يفي بالغرض في عمليات التصويت والاقتراع البسيطة، مثل اجتماعات مجالس الإدارة والجمعيات العمومية، لكنه لن يكون فعالاً في انتخابات عامة يشارك فيها المواطنون مثل انتخابات المجالس التشريعية والبلدية.

الإمارات تفعل التصويت الإلكتروني

وعلى الصعيد الإقليمي اعتمدت الإمارات في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي على نظام تصويت إلكتروني متقدم يحتوي على بطاقات ذكية مستندة على البيانات البيولوجية للتحقق من هوية الناخبين. وتتم عملية التصويت الإلكتروني باستخدام أجهزة حاسوب مزودة بشاشات تعمل باللمس لاختيار المرشحين بدلاً من استخدام بطاقات الاقتراع الورقية التقليدية. ويعتمد النظام على تكنولوجيا تشفير إلكتروني خاصة في عملية فرز واحتساب الأصوات بشكل يضمن سلامة الإجراءات ويوفر حماية للناخبين من عمليات سرقة الهوية.

وفي النظام الأمريكي تتولى كل ولاية أمريكية بنفسها مسؤولية تنظيم وإدارة عملية انتخاب الرئيس. حيث تقوم كل ولاية بتعيين مدير انتخابات تناط به مهمة فرز أصوات الناخبين. أما مهمة تنظيم الانتخابات فإنها تناط بالدوائر الانتخابية في كل ولاية، حيث تضع هذه الدوائر ضوابط الاقتراع وتحدد أوقات فتح مراكز التصويت وإقفالها، كما تحدد طريقة التصويت: إلكتروني أو تقليدي.