محرر الشؤون المحلية

أكد أعضاء في مجلس النواب وخبراء في الأمن الغذائي أن الدولة الخليفية وضعت نظام إدارة حكيماً لموارد الدولة، واستطاعت أن تؤسس لنظام التقاعد المعمول به اليوم باعتباره أحد مرتكزات الحياة الكريمة للمواطن، منوهين بالرؤية الاقتصادية السباقة في توفير الرواتب والأجور وأساسيات معيشة المواطن.

وأشاروا إلى ما قام به حكام الدولة الخليفية من الإنفاق بسخاء على رعاياها في الزبارة بتوفير المؤن الغذائية والعتاد العسكري لتوفير متطلبات العيش الكريم انطلاقاً من واجب مسؤولية الحاكم تجاه رعاياه.

ولفتوا إلى أن مبدأ حكام الدولة الخليفية كانوا يحرصون على تفعيل مبدأ الشورى من خلال مشاورة القبائل في تعيين المسؤول عن تنفيذ سياسة الدولة في بسط الأمن في شبه جزيرة قطر.

وأكد رئيس لجنة الثروة الغذائية في غرفة تجارة وصناعة البحرين ومؤسس مجلس الأعمال البحريني الهندي خالد الأمين، أن ما وصلت إليه البحرين اليوم من قدرة على تعزيز الأمن الغذائي، يأتي عبر سياق تاريخي من العمل المتواصل في الدولة الخليفية منذ نشأتها، مروراً بجميع حكامها الكرام، وصولاً إلى العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، وقال: «إن نظام التموين الذي ظهر مع بداية الدولة الخليفية يعتبر اللبنة الأولى لنظم إدارة موارد الدولة وعدالة توزيع الثروات على أفرادها بما يضمن العيش الكريم لكافة من يعيشون في كنف الدولة».

ولفت الأمين إلى ما فطنت إليه الدولة الخليفية منذ بداية التأسيس، حيث كانت مواردها الغذائية ترتكز على الزراعة بكافة أنواعها وخاصة زراعة النخيل، ثم صيد الأسماك واللؤلؤ الذي كان يستخدم في عمليات التبادل التجاري بين الدول، من خلال السفن التجارية التي تأتي من الهند محملة بالمواد الغذائية، وتعود باللؤلؤ وما يصنعه الحرفيون في تلك الفترة، وقال: «إن حكام الدولة الخليفية استطاعوا أن يوازنوا بين موارد الدولة وآليات توزيعها على السكان، والقدرة على توفير سلع أخرى من الواردات القادمة من دول شرق آسيا».

وأشار الأمين إلى أن الدولة الخليفية انتهجت سياسة حكيمة في إدارة جزر البحرين وتوابعها، من ذلك الاهتمام بتفعيل مبدأ الشورى الذي دعا إليه الدين الحنيف من خلال مشاورة زعماء القبائل القطرية للتوافق على تعيين المسؤول عن أمن شبه جزيرة قطر والذي يتولى بسط الأمن نيابة عن الحاكم ويتكفل بحماية الحدود.

وبين أن حكام الدولة الخليفية كانوا يتعاملون مع رعاياهم بسخاء، حيث تم تخصيص مخصصات شهرية لرعايا الدولة في شبه جزيرة قطر لتوفير العيش الكريم.

واعتبر الأمين أن المخصصات التي كانت تفرضها الدولة الخليفية لرعاياها في شبه جزيرة قطر كانت بدايات لوضع موازنة رسمية للدولة مبوبة بحسب المصروفات.

الرفاه الاجتماعي في الزبارة

وأكد النائب ورجل الأعمال أحمد صباح السلوم أن الرؤية الاقتصادية منذ بدايات تأسيس الدولة الخليفية في القرن الثامن عشر وضعت في الاعتبار الحرص على الاهتمام بالإيرادات التجارية وكان تنوعها واضحاً، من خلال ما ورد في الوثائق التاريخية من فتح خطوط التجارة بين الزبارة والدول المحيطة، واستفادة الحكام آنذاك من البيئة المناسبة بالموانئ الممتدة على سواحل الخليج العربي والهند، في رسم خطة تجارية واقتصادية تستمر وتحافظ على تأمين كل الاحتياجات من السلع والبضائع، بالإضافة إلى تبادل المنتجات وتحقيق وبناء اقتصاد متين.

وذكر السلوم أن حكام الدولة الخليفية استطاعوا وضع نظام متوازن لتحقيق حياة كريمة للرعايا بتوفير مقومات العيش الكريم بعد أن تم وضع السياسة والرؤية الاقتصادية لتوفير حياة اجتماعية رغيدة وهو ما حقق توازناً اجتماعياً مستداماً أدى إلى حفظ الحقوق وتأمين الحياة الكريمة، موضحاً أن نظام التموين الذي اعتمدت من خلاله الدولة الخليفية على تأمين الحياة الكريمة لرعاياها وتوفير الأمن بتحصين الزبارة وشق القنوات المائية ووضع اللبنات لتوفير بيئة اقتصادية عوامل خلقت حالة من الاستقرار الذي هيأ للانتقال إلى مرحلة جديدة من الرفاه الاجتماعي بتوفير ضمان اجتماعي لحماية الرعايا في حال الشيخوخة أو المرض، مبيناً أن النظام التقاعدي الذي سبق به حكام الدولة الخليفية ما كان سائداً بالمنطقة حمل بعداً اجتماعياً يدل على الحكمة والدراية التي تمتع بها حكام الدولة الخليفية.

توزيع المخصصات على الرعايا في الزبارة

من جانبه أشار عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب النائب أحمد العامر إلى الحنكة الإدارية منذ تأسيس الدولة الخليفية في القرن الثامن عشر، حيث لم تقتصر على إدارة الموارد الاقتصادية وحسن توزيعها على أفراد المجتمع، بل امتدت لتوفير ضمان اجتماعي لغير القادرين على العمل، من كبار السن ومن أصيبوا بعجز يعيقهم عن توفير مصدر للدخل، وقال: «إن ذلك الفكر يعتبر بداية ما يعرف اليوم بنظام التأمين الاجتماعي، بصورته المتطورة».

كما لفت العامر إلى ما سرده فيلم «الوطن» الوثائقي من منح حكام الدولة الخليفية الصلاحية لرؤساء القبائل بتوزيع المخصصات السنوية على أفراد قبائلهم، والذي يعرف في أنظمة الحكم الحديثة بمبدأ لا مركزية الإدارة، أو توزيع الاختصاصات على الجهات المعنية، وقال: «إن ذلك الأسلوب المتبع في تلك الفترة يوضح مدى تفرد الدولة الخليفية بنظام إداري غير مسبوق، أسهم في وضع أسس دولة مدنية توفر حياة كريمة للمواطن في جميع مراحل حياته، لافتاً إلى أن تلك السياسة لم تكن مقتصرة على فترة معينة، بل كانت نهجاً ثابتاً لحكام الدولة الخليفية في مختلف العهود».

وقال: «إن الدولة الخليفية كانت تقوم بواجبها تجاه رعاياها في الزبارة الذين يخضعون لسيادة الدولة بتوفير المؤن والتموين الغذائي ومنح المخصصات السنوية وتوفير السلاح لبسط الأمن، ويأتي ذلك انطلاقاً من مسؤولية الدولة في توفير الحياة الكريمة لرعاياها وسد حاجاتهم وحمايتهم».