ملاحظة جديرة بالاهتمام أن روابط الجماعات الدينية في غالبيتها روابط اجتماعية بالدرجة الأولى، بمعنى أنك تجد أفراد عائلة ما يشكلون كتلة معتبرة داخل الكتلة الأم فتجد من عائلة ألف مجموعة كبيرة ومن عائلة باء أيضاً وأحياناً تجد صلة نسب بين ألف وباء، وحين ترصد المجموعة النشطة تجد صلة القرابة واحدة دماً أو نسباً، فالتجمعات العائلية لها أثر كبير في نشر الأفكار وجذب الاهتمام، وما عليك إلا أن تفتح دفاتر العضوية في أي جمعية خيرية لترى أربع عائلات أو خمساً يشكل أفرادها عصب هذه الجمعية أو تلك.

هذه الظاهرة منطقية جداً في عالمنا العربي أو في الشرق عموماً ولا تحتاج إلى جهد كبير كي تلاحظها، وهي أمر طبيعي ولا بأس فيه، وكما قلنا سابقاً يشكرون على عملهم التطوعي الخيري إذ هم يقدمون خدمة لأوطانهم ولمجتمعاتهم.

الخلل كما قلنا في مقال سابق فيما لو حادت تلك الأعمال الخيرية عن خط الدولة ونهجها الرسمي، أو خرجت أي من تلك الأنشطة عن اختصاصها، أو تعاطت مع جهات تمنع الدولة التعاطي معها لأسباب أمنية، في هذه الحالة فإن الأثر والتبعات على أي خروج عن القانون أو حتى خروج عن استحقاقات السيادة والأمن أو الحوم حول شبهاتهما، إن تم رصدها أو إنفاذ القانون عليها فإنك ستجد ضرراً كبيراً يقع على الأسرة الواحدة فهناك إخوة أو أبناء عمومة أو «نسايب» دائماً ينخرطون في أنشطة واحدة مشتركة تراقبها السلطات وتضع فيها بقية الإخوة والعائلة تحت المراقبة، ونتيجة لكتلات العوائل داخل الجمعيات فإن أثر وتبعات تلك الهواجس الأمنية يتسع نطاقها على أكثر من فرد من الأسرة الواحدة.

هذا الوضع لا تنفرد به الدول القمعية أو البوليسية أو أي توصيف مما يغرسونه في أذهان الشباب، هذه ليست معلومات سرية إنها حسابات منطقية، هذا الوضع هو الطبيعي الذي تقوم به أجهزة الأمن في كل دول العالم من أدناه إلى أقصاه أياً كان نظام الدولة السياسي بما فيها أعرق الدول الديمقراطية فهي الأخرى لديها أجهزة أمنية تراقب أي خروج عن القانون والأهم تراقب أي احتمال وتوقع، فمهمتها ليست كشف المخالفة أو الجريمة بعد وقوعها إنما وظيفتها منعها قبل أن تحدث، لهذا هي ترصد مواقع الخطر بشكل استباقي وتبقيها قريبة من العين.

لهذا الخطاب موجه للعناصر النسائية في تلك الجمعيات إذ إن رادار المرأة دائماً ما يعمل بشكل استباقي خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالأسرة والأبناء هنا تتحول المرأة إلى جهاز رصد استباقي ينتبه إلى مواضع الخطر على الأبناء عند أول مؤشر يلفت الانتباه.

الانتباه المبكر إلى النية في أي نشاط خيري وأي موقف سياسي يمكن أن يتقاطع مع اتجاهات الدولة جدير بأن يفتح أجهزة الرادار مبكراً ومنعه قبل حدوثه، فحس المرأة والأم هنا لا يضاهى.

الدولة منحت للجميع حرية العمل وحرية التفكير وحرية ممارسة العمل السياسي تحكمها جميعاً - كما في أي دولة - ضوابط قانونية، ومهمتك عزيزتي البحرينية أن تقيسي الخط الفاصل بين ما هو ممنوع وما هو مشروع بمقياسك أنت كمواطنة بحرينية وكأم وابنة وأخت، لا بمقياس جماعات أو تنظيمات أو دول أجنبية، ونحن على ثقة بذكائك وبصيرتك.