«الأمانة» هي شرط سلامة العمل، وأي عمل يقوم به الإنسان دون أدنى أمانة، فهو خائن للأمانة، ولا يستحق البقاء في عمله، ولا يستحق الأجر عليه في حال لم يوفِ أمانته. ومع كل هذا، فإن كشف عدم الالتزام بالأمانة، يعدُّ من أصعب الأمور، وذلك بسبب الظروف الحالية كما سنوضحه في السطور القليلة القادمة. في ظل جائحة كورونا وما ألقت بظلاله علينا، وفي ظل الإجراءات الاحترازية المشددة، فإنه لا خيار أمام المواطنين والمقيمين من المراجعين للمؤسسات العامة والخاصة في حال أرادوا إنجاز معاملاتهم، سوى الذهاب نحو المعاملات الإلكترونية لا غير. وبسبب إغلاق الكثير من مكاتب مؤسسات القطاع العام بسبب قيود الجائحة في وجوه المراجعين، وعدم استقبال أو التعامل مباشرة مع أصحاب المصالح والمعاملات، وعدم إمكانية دخول المقرات الحكومية، فلا خيار وقتها من إنجاز المعاملات، إمَّا عبر الحكومة الإلكترونية أو عبر الاتصال المباشر. وربما يكون هذا الأمر، هو خيار المستقبل أيضاً وليس الحاضر فقط. لكن، ما نود الإشارة له هنا، هو ضرورة أن يتحلى الموظف في القطاع العام بالأمانة، وعدم التأخير في إنجاز معاملات المراجعين، والرد على اتصالاتهم واستفساراتهم، وعدم تأخير وتعطيل مصالحهم. وأن لا يستغل «الموظف» العمل من المنزل مثلاً، أو من خلال مكتبه الذي لا يلتقي فيه بالمراجعين على الإطلاق، فيقوم عامداً أو مقصراً بعدم إنجاز المعاملات في أوقاتها المحددة.

بمعنى، إذا كان إنجاز المعاملة «الفلانية» قبل الجائحة يستغرق من الموظف لأجل إتمامها بالكامل أقل من عشر دقائق، فيجب أن تُنجز اليوم في عشر دقائق أيضاً وليس عشرة أيام، وأن لا يستغل الموظف عدم حضوره مقر عمله، أو العمل من مقرِّهِ لكن دون وجود مراجعين يطالبونهُ بإنجاز المعاملات في وقتها، ليقوم بتأجيل إنجاز مصالح الناس ليتضرروا.

نعم، هذا ما عنيناه في مقدمة هذا المقال، وهو أن الموظف الذي لا ينجز أعماله في أوقاتها، لأنه يستغل عدم وجود رقابة مباشرة عليه من المنزل أو حتى من العمل، فيقوم بإنجاز أقل عدد من المعاملات، وفي أطول وقت ممكن كذلك، لأنه يفتش عن راحته الشخصية، فهو غير مؤتمن على العمل، ولا يستحق أجراً على عمله.

إن الذي يستطيع مراقبة الموظف في عمله قبل المسؤول، هو الضمير، فإذا غاب الضمير أو مات، فهنا تكمن الكارثة.