فرانس برس
يقول الناشط الحقوقي عيسى عمرو الذي احتجزته قوات الأمن الفلسطيني الأسبوع الماضي إنه كان حينها يفكر بصديقه نزار بنات الذي توفي بعدها بعدة أيام على أثر اقتحام عناصر من الجهة ذاتها منزله.
يعد كل من عيسى ونزار من المعارضين البارزين للسلطة الفلسطينية التي يقول النشطاء إنها لم تعد تتسامح مع من يخالفها الرأي.
لكن وفاة نزار بنات (43 عاما) الخميس بعد وقت قصير من اقتحام قوة أمنية فلسطينية منزله واعتقاله وضربه بعنف، أشعلت احتجاجات غاضبة في الضفة الغربية المحتلة.
يقول عمرو (41 عاما) لوكالة فرانس برس "عندما اعتقلوني بالقوة بتهمة لا أساس لها، شعرت أنهم عازمون على التخلص منا".
ويضيف "عندما كنت رهن الاعتقال فكرت بصديقي نزار ... لا أعتقد أنهم كانوا يخططون لقتله، أعتقد أنهم استخدموا العنف معه (لإساكته)".
والناشطان من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 وتعتبر نقطة توتر مستمر خاصة مع وجود نحو ألف مستوطن يعيشون في وسطها تحت الحماية العسكرية الإسرائيلية المشددة بين حوالى 200 ألف فلسطيني.
ولا ينشط عمرو وبنات فقط ضد السلطة الفلسطينية التي تتهمها جماعات حقوقية بالفساد وغيرها من الانتهاكات، بل ضد "الاحتلال" الإسرائيلي كذلك.
في العام 2018 اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومقرها نيويورك، السلطة الفلسطينية بتنفيذ "اعتقالات تعسفية" و"ممارسة التعذيب الممنهج" الذي "قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية".
- "أخاف أن أُقتل" -
يقود محمود عباس (86 عاما) السلطة الفلسطينية وهو مستمر في رئاستها رغم انتهاء ولايته منذ العام 2009 وامتناعه عن إجراء انتخابات.
الشهر المنصرم، ألغى عباس الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في 22 من الشهر ذاته والرئاسية التي كان يفترض ان تُنظم في تموز/يوليو ملقيا باللوم على منع إسرائيل السماح بإجرائها في القدس الشرقية المحتلة التي ضمتها وتعتبرها عاصمة لدولتها.
مساء الثلاثاء قال وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة إن اللجنة التي شكلت للتحقيق في وفاة نزار بنات قد أوصت بإحالة تقريرها ومرفقاته إلى الجهات القضائية "لاتخاذ المقتضى القانوني اللازم وفق القانون والتشريعات الفلسطينية".
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قد أعلن في وقت سابق معاقبة من تثبت مسؤوليته في الحادثة.
أما العائلة فقالت إنها ترفض نتائج التحقيق وبدت مقتنعة بأن السلطة الفلسطينية تعرف هوية المتورطين.
وخلال مسيرة في المدينة القديمة في الخليل برفقة مراسل فرانس برس لا يتوقف عمرو عن إلقاء التحايا والسلام على الناس فهو معروف بينهم، ويقول إن العمل كناشط في الضفة الغربية أصبح محفوفا بالمخاطر.
ويضيف "بالنسبة لي البيئة لم تعد آمنة (...) أنا خائف من أن أقتل لكنني لن أتوقف".
ويروي الناشط الحقوقي تجربة تعرضه للتعذيب خلال احتجازه في عام 2017 لمدة أسبوع يقول إنه تعرض خلالها للضرب في غرفة صغيرة ومُنع من مقابلة محاميه وهُدد بقطع رأسه.
ويوضح عمرو أن سبب استهدافه من قبل السلطة الفلسطينية يعود إلى كونه "على اتصال بجهات دولية عدة وصوتي يصل إلى صناع القرار في جميع أنحاء العالم".
ويضيف "إنهم لا يريدون ذلك، يريدوو أن يكونوا الصوت الوحيد للشعب الفلسطيني".
رغم كل ذلك، يعتبر عمرو أن من واجبه ومسؤوليته انتقاد انتهاكات المسؤولين الفلسطينيين. ويقول "إذا كان محمود عباس (يقود) دكتاتورية فيجب أن أتحدث عن ذلك (...) يجب أن أتحدث عن السجناء السياسيين".
- بين ديكتاتوريتين -
أسس عيسى عمرو مجموعة "شباب ضد الاستيطان" التي تعمل ضد التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية الذي يعتبر غير شرعي بموجب القانون الدولي.
ويقول لفرانس برس إنه لم يعد يتذكر عدد المرات التي اعتقلته فيها إسرائيل وكل ما يتذكره أنه كان يعتقل أحيانا "مرتين في الأسبوع وأحيانا مرتين في اليوم".
في شباط/فبراير الماضي أصدرت محكمة عسكرية إسرائيلية ضد عمرو حكما بالسجن لثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة مالية بقيمة 3500 شيكل (1,070 دولارا) بعد إدانته بتنظيم تظاهرة "غير قانونية" و"التصدي للجنود جسديا" أثناء اعتقاله.
من جهتها، أكدت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن على أن معاقبة عمرو سببها تنظيم احتجاجات سلمية ومشاركته فيها.
واعتبرت المنظمة أن معاقبته تقررت على أساس "مصالح سياسية بحتة".
وعن طبيعة التهديدات التي يتعرض لها من قبل السلطة الفلسطينية وإسرائيل يقول "أحيانا أشعر أنني شخص وحيد بين دكتاتوريتين".
ويضيف "أنا خائف من كليهما" معتبرا أن السلطة الفلسطينية تعمل في الخفاء "كمقاول" للدولة العبرية.