بينت تجارب الشعوب منذ نشأة الدولة الحديثة القائمة على المواطنة وعلى منظومة الحرية والحقوق والواجبات، أن الخيار بين الطائفية والوطن هو بالضبط كالخيار بين الحياة والموت. وينطبق هذا على الجميع، بمن في ذلك المجتمعات العربية، خاصة في ضوء طبيعة النسيج المجتمعي القائم في الغالب على التعدد والتنوع لماهيات إثنية ودينية وطائفية تعيش منذ قرون في نوع من الانسجام «الظاهري على الأقل»، ضمن شراكات تكرست تحت مظلة الدولة وحمايتها.
وبالرغم من قوة هذا التنوع في بعض الأحيان، فإنه لم يمنع من العيش المشترك في نوع من الانسجام، خاصة في ظل الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة المتساوية، والتي تكون في تقاطع تام مع تاريخ الأوهام الذي يحاول البعض تفصيله وتكريسه على مقاسهم، بديلاً عن الوطن والمواطنة. هذا التاريخ الذي تصول فيه وتجول النزعات والحسابات الطائفية أو الإثنية أو القبلية التي تعلن صراحة أو سراً: «نحن وبعدنا الطوفان»، تشكل خطراً جسيماً على وحدة الأوطان واستمرارها في التاريخ، ولذلك فالوطن لا يحتمل ولا يطيق منافسة هذه الطائفية أو الإثنية له، لأنها إذا ما ترسخت حلت محل الوطن وأضاعته، كما نرى حالياً في عدد من البلدان العربية وغير العربية التي تعاني من اضمحلال التفكك، ونفي الوطن إلى العدم وتشييد على أنقاضه عالماً من المليشيات والتنظيمات المولدة للحروب التدميرية العقيمة. ومن الواضح اليوم أن الأخطر على الأوطان أولئك الذين يعلنون صراحة بأنهم طائفيون ويريدون اقتسام كل شيء بناء على المحاصصة الطائفية، ولكن لا يقل خطراً عنهم أولئك الذين يتمسكون بخطاب موارب ويعلنون أنهم ضد الطائفية، ولكنهم في الواقع لا يفعلون شيئاً سوى تكريسها، وهذا النوع من الازدواجية يمهد لأنواع من جديدة من الاحتراب، انطلاقاً من نزعات استعلائية وربما حتى تطهيرية، لا ترى أي حاجة لأي نوع من الوحدة الوطنية أو الشراكة الوطنية «هنالك كتابات صريحة تعلن ذلك». وعندما تنجح الطائفية في إحلال نفسها محل الوطن فإنها تلغيه بالضرورة، وعندما تسيطر الجماعات الطائفية – أياً كان لونها – فإنها تباشر على الفور التطهير العِرقي الطائفي عبر ميليشياتها على شاكلة الحروب التطهيرية. فلا مجال هنا لأية حلول تلفيقية تخترع توازنات وهمية، وبدائل ذات مسميات تغطي جوهرها الأيديولوجي المتخفي، فمهما أطلق الطائفيُّ على نفسه من مسميات سياسية، فهو في الواقع يرفض البديل الديمقراطي الذي جوهره المواطنة المتساوية والحرية للجميع والتعددية والتسامح والقبول بالعيش المشترك ودولة القانون، ولذلك فإن الوعي بمخاطر هذه الطائفية المتصاعدة، لا يكفي لوحده لتجاوز مخاطر الطائفية، بل يجب بذل جهد وطني لمنع انتقال تأثير هذا الخراب إلى عقول الأجيال الجديدة. وهنا يقع على عاتق الدولة مسؤولية مضاعفة في هذا الجانب، لتكريس وتعزيز الديمقراطية والشراكة الوطنية التي تأخذ بعين الاعتبار حقوق ومصالح الجميع.
وبالرغم من قوة هذا التنوع في بعض الأحيان، فإنه لم يمنع من العيش المشترك في نوع من الانسجام، خاصة في ظل الدولة المدنية التي تقوم على المواطنة المتساوية، والتي تكون في تقاطع تام مع تاريخ الأوهام الذي يحاول البعض تفصيله وتكريسه على مقاسهم، بديلاً عن الوطن والمواطنة. هذا التاريخ الذي تصول فيه وتجول النزعات والحسابات الطائفية أو الإثنية أو القبلية التي تعلن صراحة أو سراً: «نحن وبعدنا الطوفان»، تشكل خطراً جسيماً على وحدة الأوطان واستمرارها في التاريخ، ولذلك فالوطن لا يحتمل ولا يطيق منافسة هذه الطائفية أو الإثنية له، لأنها إذا ما ترسخت حلت محل الوطن وأضاعته، كما نرى حالياً في عدد من البلدان العربية وغير العربية التي تعاني من اضمحلال التفكك، ونفي الوطن إلى العدم وتشييد على أنقاضه عالماً من المليشيات والتنظيمات المولدة للحروب التدميرية العقيمة. ومن الواضح اليوم أن الأخطر على الأوطان أولئك الذين يعلنون صراحة بأنهم طائفيون ويريدون اقتسام كل شيء بناء على المحاصصة الطائفية، ولكن لا يقل خطراً عنهم أولئك الذين يتمسكون بخطاب موارب ويعلنون أنهم ضد الطائفية، ولكنهم في الواقع لا يفعلون شيئاً سوى تكريسها، وهذا النوع من الازدواجية يمهد لأنواع من جديدة من الاحتراب، انطلاقاً من نزعات استعلائية وربما حتى تطهيرية، لا ترى أي حاجة لأي نوع من الوحدة الوطنية أو الشراكة الوطنية «هنالك كتابات صريحة تعلن ذلك». وعندما تنجح الطائفية في إحلال نفسها محل الوطن فإنها تلغيه بالضرورة، وعندما تسيطر الجماعات الطائفية – أياً كان لونها – فإنها تباشر على الفور التطهير العِرقي الطائفي عبر ميليشياتها على شاكلة الحروب التطهيرية. فلا مجال هنا لأية حلول تلفيقية تخترع توازنات وهمية، وبدائل ذات مسميات تغطي جوهرها الأيديولوجي المتخفي، فمهما أطلق الطائفيُّ على نفسه من مسميات سياسية، فهو في الواقع يرفض البديل الديمقراطي الذي جوهره المواطنة المتساوية والحرية للجميع والتعددية والتسامح والقبول بالعيش المشترك ودولة القانون، ولذلك فإن الوعي بمخاطر هذه الطائفية المتصاعدة، لا يكفي لوحده لتجاوز مخاطر الطائفية، بل يجب بذل جهد وطني لمنع انتقال تأثير هذا الخراب إلى عقول الأجيال الجديدة. وهنا يقع على عاتق الدولة مسؤولية مضاعفة في هذا الجانب، لتكريس وتعزيز الديمقراطية والشراكة الوطنية التي تأخذ بعين الاعتبار حقوق ومصالح الجميع.