قالت صحيفة ”واشنطن بوست" الأمريكية إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يواجه أزمة ثلاثية الأبعاد.

وأضافت: ”يواجه عباس إسرائيل التي لا تبدي اهتماما بالمشروع السياسي الذي يمثل موقفه، وفي نفس الوقت فإنه يرأس الشعب الفلسطيني الغاضب بشدة من حكمه الاستبدادي المتصاعد، بالإضافة إلى تآكل شرعيته السياسية في أعقاب قراره بإلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية".

وأوضحت، في تحليل إخباري نشرته على موقعها الإلكتروني، أنه ”لا تزال التظاهرات مستمرة.. تجمع مئات المحتجين الفلسطينيين في مدينة رام الله في الضفة الغربية، وهتفوا من جديد ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس".

ومضت بالقول: ”خلال مسيرة يوم السبت الماضي، لم يواجه المحتجون نفس التحرش والعنف الذي تعرضوا له من جانب قوات الأمن الفلسطينية في الأسابيع الماضية، ولكن في الأيام التالية تم اعتقال عدد من النشطاء والمحامين والأكاديميين من جانب القوات الإسرائيلية وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، حيث عمل الجانبان بشكل وثيق معا لفترات طويلة".

واستطردت: ”اندلعت الاضطرابات نتيجة مقتل نزار بنات، الناشط البارز والمعارض للرئيس عباس.. ووفقا لشهود، فقد تعرض للاعتقال والضرب من جانب قوات الأمن الفلسطينية في غارة قبل الفجر يوم 24 يونيو الماضي، وبعد ساعات قليلة علمت أسرته أنه توفي في الحجز".

وأردفت: ”أدت ملابسات وفاته إلى إشعال الغضب الشعبي، وتسببت في خروج الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في الضفة الغربية، وقوبل هذا الغضب بقمع ومضايقات من جانب قوات الأمن الفلسطينية، في ظل تقارير متنوعة بأن الصحفيين والمحتجين كانوا هدفا لقوات الأمن في ظل الاحتجاز التعسفي ضدهم".

وأشارت إلى أن وفاة نزار بنات تحولت إلى غضب واسع النطاق ضد السلطة الفلسطينية والرئيس عباس، المستمر في السلطة منذ 16 عاما، حيث تعكس تلك التظاهرات والدعوات المتصاعدة للإضراب العام حالة الإحباط المتزايدة إزاء الفساد وعدم الكفاءة على مستوى القيادة الفلسطينية.

جاء ذلك في أعقاب إلغاء الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي كانت مقررة في الربيع الماضي، بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي أشارت فيه استطلاعات الرأي إلى تراجع الدعم لعباس وحركة فتح التي يتزعمها.

وأضافت ”واشنطن بوست" أنه ”انهارت عملية السلام مع إسرائيل، ودخل عباس في صراع مع حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وتواكب الصراع بينهما مع الصعود المستمر لليمين الإسرائيلي، حيث يرفض قطاع عريض من النواب المنتخبين فكرة حل الدولتين، ويضغطون من أجل ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية".

ويواجه عباس الآن إسرائيل غير المهتمة بالمشروع السياسي، ورأيا عاما فلسطينيا غاضبا من سياساته، كما أن قراره بإرجاء الانتخابات أثار استياء الناشطين، وعكس تآكل شرعيته السياسية، التي يقول منتقدوه إنها شريك للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وتابعت الصحيفة الأمريكية: ”تحولت السلطة الفلسطينية إلى ما يشبه الشركة الخاصة الغارقة في الفساد المالي والإداري، تتعاون مع الاحتلال، وتعمل عن قرب مع السلطات الأمنية الإسرائيلية، وتلعب دورا وظيفيا لصالحهم".

وأضافت: ”أدان مسؤولو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مقتل نزار بنات، وطالبوا السلطة الفلسطينية بإجراء تحقيق شامل، لكن المحللين يشككون في أن المتبرعين الدوليين لصالح عباس سيقومون بأي تحول كبير في سياساتهم تجاه عباس".