العين الاخبارية
يبدو أن المعركة المفتوحة التي توعدت بشنها المليشيات ضد مصالح واشنطن، عقب خسائرها عند الحدود السورية، قد بدأت منذ 3 أيام بتصعيد متلاحق.
وكانت أولى الردود الواضحة من قبل مليشيا الفصائل المسلحة، أول أمس الأثنين، حين هاجمت صواريخ كاتيوشا قاعدة عين الأسد العسكرية التي تستضيف قوة أمريكية مختصة بشؤون التدريب وتقدم الدعم الفني سلاح الجو العراقي.
ولكن مصادر أمنية عراقية أكدت أن هنالك هجوماً سبق ذلك بيومين، بطائرة مسيرة استهدفت مقتربات مطار اربيل ولكنها اسقطت قبل بلوغ أهدافها.
وسبق ذلك اتهام مليشيا كتائب "حزب الله"، سلطة إقليم كردستان بأنها سمحت بانطلاق الطائرات الأمريكية التي استهدفت مخازن أسلحتها عند دير الزور السورية والقائم العراقية وذلك من أربيل.
وفي تلك الأثناء، كانت كتائب "حزب الله"، و"سيد الشهداء"، التي طالتها الضربة الجوية الأمريكية في الـ28 من الشهر الماضي، تجمع خسائرها وتضغط للتكتم على حجم الدمار الذي لحق بمستودعات الأسلحة عند مواقعها الحدودية.
وصبيحة ليلة الاستهداف التي أفصحت عنها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، كانت تلك المليشيات تتوعد الولايات المتحدة بـ"حرب مفتوحة"، في العراق والأماكن التي تمتد فيها أذرع إيران العسكرية.
وفي الساعات الأولى من أمس الثلاثاء، هاجمت 3 طائرات مسيرة، الجناح العسكري من قاعدة التوحيد الثالثة قرب مبنى السفارة الأمريكية، في المنطقة الرئاسية شديدة التحصين وسط العاصمة بغداد.
وبحسب مصادر أمنية، تمكنت منظومة الدرع الصاروخي التي تنشرها السفارة الأمريكية فوق مبنى السفارة، من إسقاط طائرة وتعطيل الجهاز الفني لمسيرتين أخريين.
ومساء أمس الأربعاء، هاجمت طائرة مفخخة بدون طيار، مطار أربيل في إقليم كردستان، استهدفت موقعا عسكريا للدعم اللوجستي تابع للقوات الأمريكية، ولكن لم تسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية.
ويعد هذا الهجوم هو الرابع من نوعه الذي يستهدف مطار أربيل منذ نحو عام، فيما كانت كان الأعنف بينها في فبراير/شباط من العام الماضي، والذي نفذ بـ8 صواريخ نوع كاتيوشا، اتهمت سلطات كردستان، فصائل من المليشيات بالوقوف وراء تلك العملية.
وقال مسؤول البعثة الأممية في العراق، جينين بلاسخارت، في تغريدة لها صباح اليوم، إن قصف مطار أربيل "إهانة لسيادة القانون وجر البلاد نحو المجهول".
غير أن المليشيات العراقية عازمة على إضعاف هيبتها سلطة ومؤسسات، دون الاكتراث لتلك التحذيرات والمطالب، بشن هجوم آخر خلال أقل 24 ساعة استهدف "عين الأسد"، بوابل من الصواريخ.
وأكدت قوات التحالف الدولي، تعرض الجناح العسكري في قاعدة الأسد غرب العراق، إلى هجوم بـ14 صاروخاً، أصيب خلالها 3 أشخاص، فيما تفيد المعلومات الأولية بانطلاقها من منطقة قريبة من الموقع في قضاء هيت.
وفي وقت لاحق، أصدرت، خلية الإعلام الأمني العراقية، بياناً أوضحت من خلاله تفاصيل الهجمات الصاروخية التي استهدفت القاعدة غرب الانبار.
وأضافت، أن "العجلة أطلقت 14 صاروخاً باتجاه قاعدة عين الأسد الجوية سقطت في محيط القاعدة، في غضون ذلك انفجرت بقية الصواريخ التي كانت متبقية بداخلها، مما أدى إلى أضرار في دور المواطنين القريبة وأحد المساجد".
تصعيد إيراني وتوعد أمريكي
ويرى مختصون في الشأن السياسي ومراقبون لتطورات الأوضاع في العراق والمنطقة، أن ما سجل خلال اليومين الماضيين يعد تصعيداً خطيرا وتطوراً ينذر تعقد الصراع بين واشنطن وطهران.
ويؤكد الخبير الأمني العراقي، أحمد الزيادي، أنه "مع دخول الطائرات المسيرة واستخدامها من قبل المليشيات العراقية والمعروفة بولائها لإيران في استهداف التواجد الأمريكي بشقيه السياسي والعسكري، قد انحرفت مسار الصراع ودار نحو الدائرة الأكثر تعقيداً".
ويوضح الزيادي، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "ذلك التكتيك الجديد المتبع من قبل تلك الفصائل يفتح باب الاحتمالات القلقة والخطيرة على مصراعيها ويجعل كل شيء متوقعاً ومستهدفاً ضمن تقاطع الخطوط بين واشنطن وطهران في أرض العراق".
وتأتي الهجمات الأربع الأخيرة في غضون اليومين الأخيرين، والتي توزعت ما بين أربيل والانبار وبغداد، كما يقول الخبير الأمني، بانها "الحرب باتت مكشوفة ومعلنة بشكل أكثر وضوحاً وأقل خجلاً".
ويربط الزيادي، التصعيد الأخير لتلك الهجمات، بالضربة العسكرية التي تلقتها مليشيات "الحشد"، والتي فقدت من خلالها مخازن كبيرة من الأسلحة والاعتدة التي لم يعلن عن حجمها لغاية الآن".
فيما يرى رئيس المركز الأمريكي الكردي للدراسات الاستراتيجية كاروا خوشناو، أن "الهجمات وتصعيد الموقف جاءت لحمل ثلاثة رسائل هامة أولها لتأكيد حضور ثقل تلك الفصائل المسلحة استعداداً لخوض الانتخابات المزمع إجرائها في أكتوبر المقبل".
والدلالة الثانية هي أن "إيران تحاول الضغط على الدول الغربية لتحقيق تقدما في مباحثات ملفها النووي عبر العراق وقطع الطريق أمام المصالح الأمريكية.
ويستدرك خوشناوا بالقول: "الرسالة الثالثة والأخيرة هي محاولة إيرانية لإشعار الولايات المتحدة بأنها تمتلك الخيوط والملفات الرئيسة والحيوية ليس في العراق فحسب، وإنما في المنطقة برمتها بما يعني أن طهران لديها القدرة في التأثير على المصالح الأمريكية عند ذلك المحيط".
وبشأن تداعيات ذلك التصعيد، يلفت إلى أن "الرئيس الأمريكي جو بايدن صرح في أكثر من مرة بأنه سيرد بقوة على أي هجمات تهدد مصالح واشنطن في العراق، وقد ترجم ذلك الأمر وفي حالة نادرة لرئيس ديمقراطي، بتخويل البنتاغون باختيار الرد المناسب في حال وقوع أي تهديد يطال مصالح واشنطن من قبل تلك الفصائل".
فيما يقدم المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، زاوية أخرى يربط من خلالها أسباب التصعيد الأخير للفصائل المسلحة، تتعلق بشأن الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي التي يعتزم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي باستئنافها خلال زيارة إلى واشنطن يجريها الشهر المقبل.
ويوضح الكاتب لـ"العين الإخبارية"، أن "تلك الفصائل تحاول استباق الوقت بتوظيف إملاءاتها على طبيعة ذلك التفاهم والضغط على حكومة بغداد للرضوخ لمطالب المليشيات خشية أن تكون في مرمى التحييد والانكماش إذا ما مضى العراق في جولة المباحثات الرابعة بقرار وطني خالص".