بلومبرغ
إنَّها شركة تدفع لموظفيها برمز رقمي من ابتكارها الخاص، يقع مقرّها أينما كان مؤسسها. وهناك قائمة متزايدة من البلدان التي لا تريد أي علاقة معها. إنَّها "بينانس" (Binance Holdings) التي قد تكون أكبر الأشياء وأكثرها جنوناً في عالم العملات المشفَّرة الأكثر جنوناً.
أهلاً بكم في عالم تشانغ بينغ زو، مطوِّر البرامج المراوغ الذي يرتدي صندلاً من ماركة "فليب فلوب"، ويسميه الجميع "سي زي" (CZ) – والعقل المدبر وراء "بينانس"، التي تعدُّ في الوقت الحالي، أكبر بورصة عملة مشفَّرة على هذا الكوكب، برغم أنَّ المملكة المتحدة أطاحت للتو بشركة تابعة لها، في حين قدَّمت تايلاند شكوى جنائية ضد الشركة للعمل بدون ترخيص.
بدون عنوان محدد
تأسست "بينانس" في الصين، ثم نُفيت إلى اليابان، وبعد ذلك نفت نفسها إلى مالطا، ثم أصبح مقرّها الرسمي اليوم في جزر كايمان، لكن بشكل غير رسمي؛ فإنَّ الشركة
لا يوجد لها مقر على وجه التحديد في أيِّ مكان.
تعيش المنصة على الإنترنت، ويبدو أنَّها حتى الآن بعيدة كل البعد عن محاولات المنظِّمين لتحديد كيفية ومكان عملها بدقة. وفي جوهر هذه الشركة، نجد "سي زي"، وهو شخصية يقدسها مناصرو العملات المشفَّرة، ولديه حوالي 3 مليون متابع على "تويتر"، وقد صرَّح برغبته في تخفيف الرقابة الحكومية. ويعيش في سنغافورة في الآونة الأخيرة.
الآن فقط، ترغب سلطات العديد من البلدان بمعرفة المزيد عن تجربة "سي زي" التي دامت لأربع سنوات في تداول العملات المشفَّرة. يعدُّ التوبيخ الذي تلقَّته الشركة من المملكة المتحدة واحداً من أكبر الضربات حتى الآن، فلا يمكن لشركة "بينانس ماركتس" (Binance Markets) بيع منتجات أو حتى الإعلان عنها في المملكة المتحدة، وهي الخطوة التي دفعت بنك "باركليز" (Barclays) إلى منع المدفوعات ببطاقات الخصم إلى هذه البورصة.
وتحقق وزارة العدل الأمريكية ودائرة الإيرادات الداخلية بالفعل فيما إذا كانت "بينانس" قناة لغسيل الأموال والتهرُّب الضريبي. كما تحقق لجنة تداول العقود الآجلة للسلع فيما إذا كانت "بينانس" تسمح للأمريكيين بوضع رهانات تنتهك اللوائح الأمريكية. وقالت هيئة التنظيم المالي في ألمانيا، إنَّها تشعر بالقلق من انتهاك الشركة للقواعد من خلال بيع أسهم مرمَّزة لشركة "تسلا" وشركات أخرى.
قالت "بينانس" لـ"بلومبرغ"، إنَّها ملتزمة باتباع القواعد، وتسعى جاهدة لتكون شريكاً للجهات الرقابية في اجتثثات السلوكيات السيئة، وهي الرسالة التي تؤكِّد عليها الشركة باستمرار.
الغرب المتوحش
يُظهر التدقيق أنَّه في الغرب المتوحش للعملات المشفَّرة – كما يمكن تعميم الوقف على الشرق والشمال والجنوب أيضاً - يمثِّل التعامل مع "بينانس" تحديات لا تعدُّ ولا تحصى، ففي العام الماضي، رفض قاضٍ فيدرالي دعوى قضائية رفعها متعاقد مع "بينانس" في بورتلاند بأوريغون، لأنَّ الشركة الناشئة ليس لديها مكاتب ومديرون في الولايات المتحدة، وقضت المحكمة بعدم اختصاصها.
كانت هذه القضية واحدة من قضايا الوقت الذي سيطرت على أخباره أنباء العملات المشفَّرة، وملفات الميم. يشير مساعدو "سي زي" إلى أنفسهم على أنَّهم "بينانسيون"، ومثل جميع "البينانسيين" الجيدين، لم يتم الدفع لستيف رينولدز بالدولار، أو اليورو، أو الين، ولكن بعملة "بي إن بي" (BNB)، الرمز المميز للشركة. بعد أن اختلف "رينولدز" مع "بينانس"، زعم أنَّ "سي زي" هدد بإيذائه مالياً. ثم، عندما تحقق "رينولدز" من حساب "بينانس" الخاص به وجده فارغاً. وزعم أنَّه فقد ما قيمته نحو 300 ألف دولار من "بي إن بي".
قال "رينولدز" في مقابلة معه: "سرق "سي زي" مني المال شخصياً"، مكرراً المزاعم التي أدلى بها في دعواه القضائية. وأضاف: "هناك أشخاص عملوا مع "بينانس" لقناعتهم بها، لكن تمَّ الغدر بهم".
نفت "بينانس" ارتكابها لأي خطأ. وأشار المحامي الخاص بها، روبرتو غونزاليس، المسؤول السابق في إدارة أوباما، خلال جلسة استماع إلى أنَّ الشركة لديها سبب وجيه للاستيلاء على أموال "رينولدز"، دون تقديم تفاصيل محددة. استخدمت "بينانس" حجج عدم الاختصاص القضائي في دعاوى قضائية أخرى - حتى الآن، لتمنع خصومها من التحقيق في سجلات الشركة الداخلية بحثاً عن أيِّ علامات على روابط داخل الولايات المتحدة.
أقرَّ "سي زي" في منشور على المدونة بتاريخ 6 يوليو أنَّ "بينانس" لم "تفهم دائماً كل شيء بشكل صحيح، لكنَّنا نتعلَّم ونتحسن كل يوم". وأضاف أنَّ العملات المشفَّرة تحتاج إلى مزيد من التنظيم، إذ يشعر المزيد من الناس بالأمان للمشاركة في السوق. لكنَّه رفض إجراء مقابلة معه من أجل هذه القصة.
نظام حيوي مزدهر
مع الارتفاع الجنوني لسعر عملة "بتكوين"، جذبت منصة "بينانس" جحافل من المتداولين اليوميين المتحمِّسين لقضاء ساعات على شاشات الكمبيوتر في تبادل الرموز. يمكن القول أيضاً، إنَّها حلم عشاق العملات المشفَّرة، وأصحاب الميول الليبرتارية "التحررية"، وكابوس الاحتياطي الفيدرالي، والبنوك المركزية الأخرى. إنَّها نظام حيوي مالي مزدهر لا تستطيع الحكومات من خلاله التحكُّم في طباعة الأموال أو مراقبة التعاملات بسهولة، بما في ذلك الجرائم المحتملة.
تدير "بينانس" كل شيء بدءاً من المحافظ الرقمية حتى "البلوك تشاين" الخاصة بها، التي تتيح للأشخاص إنشاء تطبيقات تداول العملات المشفَّرة المستندة إلى موقع إنترنت شهير لتتبُّع العملات المشفَّرة، الذي أدرج رمز "بي إن بي" باعتباره رابع أكبر عملة رقمية في العالم الأسبوع الماضي بعد ارتفاعه بنسبة 1700% على مدار العام الماضي.
يقول أولئك الذين تقاطعت مساراتهم مع "سي زي"، إنَّه يلهم مناصريه بطريقة قريبة من أتباع الدين. ويقولون أيضاً، إنَّه مصمَّم على تجنُّب الروتين الحكومي الذي يمكن أن يبطئ زخم "بينانس"، وفقاً لمقابلات مع أكثر من عشرة أشخاص على دراية بعمليات الشركة. طلب معظمهم عدم ذكر أسمائهم حتى يتمكَّنوا من التحدُّث بصراحة.
عندما تواجه الشركة انتقادات، غالباً ما ينتقل "سي زي" إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ويصف المقالات الإخبارية بأنَّها (FUD) - وهي اختصار للخوف، وعدم اليقين، والشك، وهذا يعادل وصف الأخبار بأنَّها مزيفة. خلال محادثة واحدة في مارس مع المعجبين على منصة وسائل التواصل الاجتماعي "كلوب هاوس" (Clubhouse)، قال، إنَّ المنافسين قاموا أحياناً برشوة الصحفيين لكتابة "أمور سيئة عن "بينانس".
وقالت "بينانس" في بيان أرسلته عبر البريد الإلكتروني إلى "بلومبرغ": "نحن نأخذ التزاماتنا القانونية على محمل الجد. إنَّ عمر شركتنا أقل من أربع سنوات، وما تزال في طور التطور. نحن فخورون بخطوات الامتثال التي اتخذناها في هذه الفترة القصيرة، ونتطلَّع إلى بناء هياكل أكثر قوة في الأشهر والسنوات القادمة".
أما بالنسبة لملياردير العملات المشفَّرة؛ فإنَّ "سي زي" لا يظهر ثروته. عادةً ما يرتدي هذا الرجل البالغ من العمر 44 عاماً قمصاناً وسراويل قصيرة، ولكنَّه يرتقي لارتداء الملابس التي تحمل علامة "بينانس" عند الظهور في فعاليات العملات المشفَّرة أو يجري مقابلات تلفزيونية. نشأ "سي زي" في مقاطعة جيانغسو الصينية، وانتقلت عائلته إلى فانكوفر عندما كان مراهقاً. بعد دراسته لعلوم الكمبيوتر في جامعة ماكجيل بمونتريال، كانت إحدى أوائل وظائفه هي العمل في منصة تداول في "بلومبرغ إل بي، الشركة الأم لـ"بلومبرغ نيوز".
صعود بينانس
بحلول عام 2014، كان "سي زو" هو المسؤول الفني الرئيسي لشركة "أوك كوين" (OKCoin)، ثم لأكبر بورصة "بتكوين" في الصين. وساعد في إطلاق منصة تداول خارج البلاد بميزات ستصبح فيما بعد سمة مميزة لـ"بينانس": كانت سهلة الاستخدام، وقدَّمت للعملاء الكثير من الرموز للشراء والبيع. تعمل المنصة أيضاً على تقويض المنافسين من خلال رسوم تعاملات مخفَّضة، وعروض مجانية للمقيمين الصينيين.
في يونيو من عام 2017، أسس "سي زي" شركة "بينانس"، وأحاط نفسه بدائرة داخلية من المحامين والمصرفيين الذين تلقوا تعليمهم في "آيفي لييغ" (Ivy League)، الذين كانوا متحمسين لفرصة جني ثروات من خلال الدخول إلى شركة ناشئة قيد الإنشاء. كان صعود الشركة سريعاً، ودعمه سماح "بينانس" للعملاء بفتح حساب باستخدام عنوان بريد إلكتروني، دون أي حاجة لأوراق ثبوتية.
في غضون عام، تجاوز حجم تداول "بينانس" جميع المنافسين، وقال "سي زي" للموظفين بانتظام، إنَّها قد تصبح أول شركة بقيمة تريليون دولار، وفقاً لشخص سمع تلك الملاحظة. ومع ذلك، لم تكن "بينانس" شركة عامة، وكان "سي زي" يتحكَّم في الأسهم.
كانت للشركة خصائص أخرى غير عادية. وقال أشخاص مطَّلعون، إنَّ عمال "بينانس" يفتقرون إلى مزايا الموظفين المصنَّفين كمتعاقدين مع كيان مسجل في جزر كايمان.
نُصح الموظفون أيضاً بإبقاء أي انتماءات إلى "بينانس" بعيداً عن المواقع الاحترافية مثل "لينكدإن". تمَّ تسديد النفقات في بعض الأحيان من الحساب المصرفي الشخصي لـ"سي زي"، وفقاً لما ذكره شخصان مطَّلعان على الأمر. و عندما كان رمز "بي إن بي" أقل سيولة، يتذكر بعض العمال أنَّ سعره قد ارتفع قبل أيام الدفع مباشرة، مما أدى إلى عدد أقل من العملات التي أنشأتها "بينانس" لتلبية كشوف الرواتب.
مشكلة الولايات المتحدة
بحلول عام 2018، واجهت "بينانس" مشكلة تطورت مع الولايات المتحدة، حيث لم يتم تسجيلها في لجنة الأوراق المالية والبورصات أو هيئة تداول السلع الآجلة أو وزارة الخزانة، لكن حوالي 40% من أعمالها كانت في أمريكا. سيكون هذا جيداً إن كانت البورصات تسمح فقط للعملاء الأمريكيين بتداول بتكوين، والتي تقع في الغالب خارج إشراف المنظمين، لكن "بينانس" تقدم مشتقات مرتبطة بالرموز، وفقاً لموقعها على شبكة الإنترنت، وهي عملية مرفوضة ما لم يكن لدى الشركات التراخيص المناسبة.
ظهرت أدلة منفصلة على أن المجرمين كانوا يتدفقون على "بينانس". وبعد فحص عدد من التعاملات، خلصت شركة "تشايناليزيز" (Chainalysis) إلى أن المزيد من الأموال المرتبطة بالأنشطة غير المشروعة تتدفق عبر "بينانس" أكثر من أي بورصة تشفير أخرى، وفقاً لتقرير أصدرته شركة التحاليل الجنائية لبلوك تشاين في يناير 2020. وقال "تشايناليزيز"، في تقرير أحدث، يمكن للأشخاص شراء حسابات "بينانس" بسهولة وغيرها من البورصات على الشبكة المظلمة.
قالت "بينانس" في قصة نشرتها "بلومبرغ" في مايو إنها تلتزم بمتطلبات مكافحة غسيل الأموال في الولايات القضائية التي تعمل فيها وتعمل مع شركات مثل "تشايناليزيز" لتحسين أنظمة الامتثال الخاصة بها.
ظهرت أيضاً إشارات إلى متسللين يُزعم أنهم يستخدمون "بينانس" لنقل الأموال الناجمة من هجمات برامج الفدية وغيرها من الجرائم في سجلات المحاكم الأمريكية التي رفعها المدعون الفيدراليون. وقال شخصان مطلعان على الأمر إن عمال "بينانس" أدركوا في مرحلة ما أن الإيرانيين كانوا يستخدمون بورصة الشركة، في انتهاك محتمل للعقوبات الأمريكية. ذكرت "كوين ديسك" (CoinDesk) في نوفمبر 2018 أن "بينانس" أرسلت تنبيهاً عبر البريد الإلكتروني للعملاء الذين يبدو أنهم مقيمون في إيران، وطالبتهم بسحب أصولهم.
قالت تونيا إيفانز، الأستاذة في كلية ديكنسون للحقوق في جامعة بنسلفانيا والتي تدرّس مقرراً عن العملات المشفرة: "يقود المنظمون في جميع أنحاء العالم أقسامهم لفحص البورصات بعناية، خاصة تلك التي تتمتع بمدى انتشار وشهرة وحجم تداول مثل "بينانس". والبورصات التي تغض الطرف عن المخاوف التنظيمية المتعلقة بغسل الأموال والأوراق المالية غير المسجلة والمدفوعات مقابل الأنشطة غير القانونية، تقوم بذلك على مسؤوليتها".
مساعدة الجهات الرقابية
تقول "بينانس" إن الالتزام بالقواعد يمثل أولوية قصوى، وهي نقطة تم التأكيد عليها من خلال توظيفها لأكثر من 200 متخصص في الامتثال في العام الماضي. في الشهر الماضي، انتقل "سي زي" إلى "تويتر" ليذكر إشادة وكالات إنفاذ القانون الروسية والأوكرانية بـ"بينانس" نتيجة مساعدة الشركة في تعقب مجرمي الإنترنت.
أصدرت "بينانس" في وقت لاحق بياناً صحفياً يوضح بالتفصيل كيفية عملها مع العديد من الدول، بما في ذلك السلطات الأمريكية، للتحقيق في منظمة إجرامية تعرف باسم "فانسيكات" (FANCYCAT) قالت إنها مرتبطة بأكثر من 500 مليون دولار من أضرار برامج الفدية.
حاول "سي زي" أيضاً التأكيد على جهود "بينانس" لإبعاد الأمريكيين عن البورصة الرئيسية. خلال جلسة مارس على "كلوب هاوس"، قال إن "بينانس" تقوم بتحليل شامل لمعاملات البلوك تشاين لمنع أي نشاط غير قانوني. قال "سي زي": "أعتقد أن لدينا خوارزميات باكتشاف الأشخاص الأكثر تقدماً في الولايات المتحدة في الصناعة، وليس فقط صناعة التشفير"، وأضاف أن التكنولوجيا جيدة جداً لدرجة أنها تمنع أحياناً عن غير قصد العملاء الذين زاروا الولايات فقط.
لم تمنع هذه القيود كيف أتوود، المستثمر في "ليتل روك"، التي يقع مقرها في أركنساس والذي يدير "كريبتو كيف" (CryptoKeif). في 15 يونيو، تداول "أتوود" على "بينانس" لساعات متتالية، وقام ببث مباشر لنفسه شاهده أكثر من 1000 شخص على ""تويتش" (Twitch) وشجعوه، وفي وقت من الأوقات، نام على كرسيه بينما استمرت الكاميرا في الدوران. كان "أتوود" يشتري ويبيع عقود بتكوين الآجلة، وهي منتجات كان من المفترض أن تكون محظورة.
في مقابلة، قال "أتوود" إنه تعلم كيفية الوصول إلى "بينانس" من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو عبر الإنترنت التي شرح فيها المتداولون كيفية استخدامهم للشبكات الخاصة الافتراضية، أو شبكات (VPN)، لإخفاء مواقعهم. وأضاف "أتوود" أنه خسر حوالي 80 ألف دولار، لكنه كان يأمل في استعادة بعضها من خلال "كيف كوين"، كرمز استخدم "بينانس" في إنشائه.
وقال "أتوود" عندما سئل عما إذا كان قلقاً من أن تداوله قد يكون قد انتهك القواعد: "أنا قلق بشأن ذلك، لكن لم يكن لدي أي شخص للتحدث معه حول هذا الموضوع".
القمع الأمريكي
كافحت "بينانس" للعمل في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة. وقدم هاري تشو، المحامي السابق في "وول ستريت"، عرضاً تقديمياً على برنامج "باور بوينت" (PowerPoint) إلى "سي زي" والمديرين التنفيذيين الآخرين في عام 2018، يوضح بالتفصيل كيف يمكنهم إنشاء كيان أمريكي ولكن مع السماح للأمريكيين بالوصول إلى خدمات "بينانس" غير المنظمة من خلال شركات وهمية ووسائل أخرى، كما قال شخصان مطلعان على الأمر. قالت "بينانس"، في إيداعات المحكمة، إنها لم تنفذ الاقتراح أبداً. وفي عام 2019، ساعد "زو" في تأسيس "بينانس الولايات المتحدة" (Binance.US)، وهي شركة منفصلة تقدم خدماتها للعملاء الأمريكيين، وفقاً لملفات الشركة.
لم يعد رقم هاتف "زو" نشطاً ورفض المتحدثون باسم "بينانس" و"بينانس الولايات المتحدة" توفير معلومات الاتصال الخاصة به.
وفي إشارة إلى أن السلطات أصبحت أكثر عدوانية، رفعت وزارة العدل الأمريكية اتهامات جنائية العام الماضي ضد أربعة مديرين تنفيذيين في "بيت ميكس" (BitMEX)، وهي بورصة عملات مشفرة منافسة. تضمنت المزاعم عدم تنفيذ ضوابط منع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والسماح للمقيمين في الولايات المتحدة بالتداول بشكل غير قانوني في عقود بتكوين الآجلة. ودفع ثلاثة من المتهمين ببراءتهم في حين بقي الرابع طليقاً.
إنَّها شركة تدفع لموظفيها برمز رقمي من ابتكارها الخاص، يقع مقرّها أينما كان مؤسسها. وهناك قائمة متزايدة من البلدان التي لا تريد أي علاقة معها. إنَّها "بينانس" (Binance Holdings) التي قد تكون أكبر الأشياء وأكثرها جنوناً في عالم العملات المشفَّرة الأكثر جنوناً.
أهلاً بكم في عالم تشانغ بينغ زو، مطوِّر البرامج المراوغ الذي يرتدي صندلاً من ماركة "فليب فلوب"، ويسميه الجميع "سي زي" (CZ) – والعقل المدبر وراء "بينانس"، التي تعدُّ في الوقت الحالي، أكبر بورصة عملة مشفَّرة على هذا الكوكب، برغم أنَّ المملكة المتحدة أطاحت للتو بشركة تابعة لها، في حين قدَّمت تايلاند شكوى جنائية ضد الشركة للعمل بدون ترخيص.
بدون عنوان محدد
تأسست "بينانس" في الصين، ثم نُفيت إلى اليابان، وبعد ذلك نفت نفسها إلى مالطا، ثم أصبح مقرّها الرسمي اليوم في جزر كايمان، لكن بشكل غير رسمي؛ فإنَّ الشركة
لا يوجد لها مقر على وجه التحديد في أيِّ مكان.
تعيش المنصة على الإنترنت، ويبدو أنَّها حتى الآن بعيدة كل البعد عن محاولات المنظِّمين لتحديد كيفية ومكان عملها بدقة. وفي جوهر هذه الشركة، نجد "سي زي"، وهو شخصية يقدسها مناصرو العملات المشفَّرة، ولديه حوالي 3 مليون متابع على "تويتر"، وقد صرَّح برغبته في تخفيف الرقابة الحكومية. ويعيش في سنغافورة في الآونة الأخيرة.
الآن فقط، ترغب سلطات العديد من البلدان بمعرفة المزيد عن تجربة "سي زي" التي دامت لأربع سنوات في تداول العملات المشفَّرة. يعدُّ التوبيخ الذي تلقَّته الشركة من المملكة المتحدة واحداً من أكبر الضربات حتى الآن، فلا يمكن لشركة "بينانس ماركتس" (Binance Markets) بيع منتجات أو حتى الإعلان عنها في المملكة المتحدة، وهي الخطوة التي دفعت بنك "باركليز" (Barclays) إلى منع المدفوعات ببطاقات الخصم إلى هذه البورصة.
وتحقق وزارة العدل الأمريكية ودائرة الإيرادات الداخلية بالفعل فيما إذا كانت "بينانس" قناة لغسيل الأموال والتهرُّب الضريبي. كما تحقق لجنة تداول العقود الآجلة للسلع فيما إذا كانت "بينانس" تسمح للأمريكيين بوضع رهانات تنتهك اللوائح الأمريكية. وقالت هيئة التنظيم المالي في ألمانيا، إنَّها تشعر بالقلق من انتهاك الشركة للقواعد من خلال بيع أسهم مرمَّزة لشركة "تسلا" وشركات أخرى.
قالت "بينانس" لـ"بلومبرغ"، إنَّها ملتزمة باتباع القواعد، وتسعى جاهدة لتكون شريكاً للجهات الرقابية في اجتثثات السلوكيات السيئة، وهي الرسالة التي تؤكِّد عليها الشركة باستمرار.
الغرب المتوحش
يُظهر التدقيق أنَّه في الغرب المتوحش للعملات المشفَّرة – كما يمكن تعميم الوقف على الشرق والشمال والجنوب أيضاً - يمثِّل التعامل مع "بينانس" تحديات لا تعدُّ ولا تحصى، ففي العام الماضي، رفض قاضٍ فيدرالي دعوى قضائية رفعها متعاقد مع "بينانس" في بورتلاند بأوريغون، لأنَّ الشركة الناشئة ليس لديها مكاتب ومديرون في الولايات المتحدة، وقضت المحكمة بعدم اختصاصها.
كانت هذه القضية واحدة من قضايا الوقت الذي سيطرت على أخباره أنباء العملات المشفَّرة، وملفات الميم. يشير مساعدو "سي زي" إلى أنفسهم على أنَّهم "بينانسيون"، ومثل جميع "البينانسيين" الجيدين، لم يتم الدفع لستيف رينولدز بالدولار، أو اليورو، أو الين، ولكن بعملة "بي إن بي" (BNB)، الرمز المميز للشركة. بعد أن اختلف "رينولدز" مع "بينانس"، زعم أنَّ "سي زي" هدد بإيذائه مالياً. ثم، عندما تحقق "رينولدز" من حساب "بينانس" الخاص به وجده فارغاً. وزعم أنَّه فقد ما قيمته نحو 300 ألف دولار من "بي إن بي".
قال "رينولدز" في مقابلة معه: "سرق "سي زي" مني المال شخصياً"، مكرراً المزاعم التي أدلى بها في دعواه القضائية. وأضاف: "هناك أشخاص عملوا مع "بينانس" لقناعتهم بها، لكن تمَّ الغدر بهم".
نفت "بينانس" ارتكابها لأي خطأ. وأشار المحامي الخاص بها، روبرتو غونزاليس، المسؤول السابق في إدارة أوباما، خلال جلسة استماع إلى أنَّ الشركة لديها سبب وجيه للاستيلاء على أموال "رينولدز"، دون تقديم تفاصيل محددة. استخدمت "بينانس" حجج عدم الاختصاص القضائي في دعاوى قضائية أخرى - حتى الآن، لتمنع خصومها من التحقيق في سجلات الشركة الداخلية بحثاً عن أيِّ علامات على روابط داخل الولايات المتحدة.
أقرَّ "سي زي" في منشور على المدونة بتاريخ 6 يوليو أنَّ "بينانس" لم "تفهم دائماً كل شيء بشكل صحيح، لكنَّنا نتعلَّم ونتحسن كل يوم". وأضاف أنَّ العملات المشفَّرة تحتاج إلى مزيد من التنظيم، إذ يشعر المزيد من الناس بالأمان للمشاركة في السوق. لكنَّه رفض إجراء مقابلة معه من أجل هذه القصة.
نظام حيوي مزدهر
مع الارتفاع الجنوني لسعر عملة "بتكوين"، جذبت منصة "بينانس" جحافل من المتداولين اليوميين المتحمِّسين لقضاء ساعات على شاشات الكمبيوتر في تبادل الرموز. يمكن القول أيضاً، إنَّها حلم عشاق العملات المشفَّرة، وأصحاب الميول الليبرتارية "التحررية"، وكابوس الاحتياطي الفيدرالي، والبنوك المركزية الأخرى. إنَّها نظام حيوي مالي مزدهر لا تستطيع الحكومات من خلاله التحكُّم في طباعة الأموال أو مراقبة التعاملات بسهولة، بما في ذلك الجرائم المحتملة.
تدير "بينانس" كل شيء بدءاً من المحافظ الرقمية حتى "البلوك تشاين" الخاصة بها، التي تتيح للأشخاص إنشاء تطبيقات تداول العملات المشفَّرة المستندة إلى موقع إنترنت شهير لتتبُّع العملات المشفَّرة، الذي أدرج رمز "بي إن بي" باعتباره رابع أكبر عملة رقمية في العالم الأسبوع الماضي بعد ارتفاعه بنسبة 1700% على مدار العام الماضي.
يقول أولئك الذين تقاطعت مساراتهم مع "سي زي"، إنَّه يلهم مناصريه بطريقة قريبة من أتباع الدين. ويقولون أيضاً، إنَّه مصمَّم على تجنُّب الروتين الحكومي الذي يمكن أن يبطئ زخم "بينانس"، وفقاً لمقابلات مع أكثر من عشرة أشخاص على دراية بعمليات الشركة. طلب معظمهم عدم ذكر أسمائهم حتى يتمكَّنوا من التحدُّث بصراحة.
عندما تواجه الشركة انتقادات، غالباً ما ينتقل "سي زي" إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ويصف المقالات الإخبارية بأنَّها (FUD) - وهي اختصار للخوف، وعدم اليقين، والشك، وهذا يعادل وصف الأخبار بأنَّها مزيفة. خلال محادثة واحدة في مارس مع المعجبين على منصة وسائل التواصل الاجتماعي "كلوب هاوس" (Clubhouse)، قال، إنَّ المنافسين قاموا أحياناً برشوة الصحفيين لكتابة "أمور سيئة عن "بينانس".
وقالت "بينانس" في بيان أرسلته عبر البريد الإلكتروني إلى "بلومبرغ": "نحن نأخذ التزاماتنا القانونية على محمل الجد. إنَّ عمر شركتنا أقل من أربع سنوات، وما تزال في طور التطور. نحن فخورون بخطوات الامتثال التي اتخذناها في هذه الفترة القصيرة، ونتطلَّع إلى بناء هياكل أكثر قوة في الأشهر والسنوات القادمة".
أما بالنسبة لملياردير العملات المشفَّرة؛ فإنَّ "سي زي" لا يظهر ثروته. عادةً ما يرتدي هذا الرجل البالغ من العمر 44 عاماً قمصاناً وسراويل قصيرة، ولكنَّه يرتقي لارتداء الملابس التي تحمل علامة "بينانس" عند الظهور في فعاليات العملات المشفَّرة أو يجري مقابلات تلفزيونية. نشأ "سي زي" في مقاطعة جيانغسو الصينية، وانتقلت عائلته إلى فانكوفر عندما كان مراهقاً. بعد دراسته لعلوم الكمبيوتر في جامعة ماكجيل بمونتريال، كانت إحدى أوائل وظائفه هي العمل في منصة تداول في "بلومبرغ إل بي، الشركة الأم لـ"بلومبرغ نيوز".
صعود بينانس
بحلول عام 2014، كان "سي زو" هو المسؤول الفني الرئيسي لشركة "أوك كوين" (OKCoin)، ثم لأكبر بورصة "بتكوين" في الصين. وساعد في إطلاق منصة تداول خارج البلاد بميزات ستصبح فيما بعد سمة مميزة لـ"بينانس": كانت سهلة الاستخدام، وقدَّمت للعملاء الكثير من الرموز للشراء والبيع. تعمل المنصة أيضاً على تقويض المنافسين من خلال رسوم تعاملات مخفَّضة، وعروض مجانية للمقيمين الصينيين.
في يونيو من عام 2017، أسس "سي زي" شركة "بينانس"، وأحاط نفسه بدائرة داخلية من المحامين والمصرفيين الذين تلقوا تعليمهم في "آيفي لييغ" (Ivy League)، الذين كانوا متحمسين لفرصة جني ثروات من خلال الدخول إلى شركة ناشئة قيد الإنشاء. كان صعود الشركة سريعاً، ودعمه سماح "بينانس" للعملاء بفتح حساب باستخدام عنوان بريد إلكتروني، دون أي حاجة لأوراق ثبوتية.
في غضون عام، تجاوز حجم تداول "بينانس" جميع المنافسين، وقال "سي زي" للموظفين بانتظام، إنَّها قد تصبح أول شركة بقيمة تريليون دولار، وفقاً لشخص سمع تلك الملاحظة. ومع ذلك، لم تكن "بينانس" شركة عامة، وكان "سي زي" يتحكَّم في الأسهم.
كانت للشركة خصائص أخرى غير عادية. وقال أشخاص مطَّلعون، إنَّ عمال "بينانس" يفتقرون إلى مزايا الموظفين المصنَّفين كمتعاقدين مع كيان مسجل في جزر كايمان.
نُصح الموظفون أيضاً بإبقاء أي انتماءات إلى "بينانس" بعيداً عن المواقع الاحترافية مثل "لينكدإن". تمَّ تسديد النفقات في بعض الأحيان من الحساب المصرفي الشخصي لـ"سي زي"، وفقاً لما ذكره شخصان مطَّلعان على الأمر. و عندما كان رمز "بي إن بي" أقل سيولة، يتذكر بعض العمال أنَّ سعره قد ارتفع قبل أيام الدفع مباشرة، مما أدى إلى عدد أقل من العملات التي أنشأتها "بينانس" لتلبية كشوف الرواتب.
مشكلة الولايات المتحدة
بحلول عام 2018، واجهت "بينانس" مشكلة تطورت مع الولايات المتحدة، حيث لم يتم تسجيلها في لجنة الأوراق المالية والبورصات أو هيئة تداول السلع الآجلة أو وزارة الخزانة، لكن حوالي 40% من أعمالها كانت في أمريكا. سيكون هذا جيداً إن كانت البورصات تسمح فقط للعملاء الأمريكيين بتداول بتكوين، والتي تقع في الغالب خارج إشراف المنظمين، لكن "بينانس" تقدم مشتقات مرتبطة بالرموز، وفقاً لموقعها على شبكة الإنترنت، وهي عملية مرفوضة ما لم يكن لدى الشركات التراخيص المناسبة.
ظهرت أدلة منفصلة على أن المجرمين كانوا يتدفقون على "بينانس". وبعد فحص عدد من التعاملات، خلصت شركة "تشايناليزيز" (Chainalysis) إلى أن المزيد من الأموال المرتبطة بالأنشطة غير المشروعة تتدفق عبر "بينانس" أكثر من أي بورصة تشفير أخرى، وفقاً لتقرير أصدرته شركة التحاليل الجنائية لبلوك تشاين في يناير 2020. وقال "تشايناليزيز"، في تقرير أحدث، يمكن للأشخاص شراء حسابات "بينانس" بسهولة وغيرها من البورصات على الشبكة المظلمة.
قالت "بينانس" في قصة نشرتها "بلومبرغ" في مايو إنها تلتزم بمتطلبات مكافحة غسيل الأموال في الولايات القضائية التي تعمل فيها وتعمل مع شركات مثل "تشايناليزيز" لتحسين أنظمة الامتثال الخاصة بها.
ظهرت أيضاً إشارات إلى متسللين يُزعم أنهم يستخدمون "بينانس" لنقل الأموال الناجمة من هجمات برامج الفدية وغيرها من الجرائم في سجلات المحاكم الأمريكية التي رفعها المدعون الفيدراليون. وقال شخصان مطلعان على الأمر إن عمال "بينانس" أدركوا في مرحلة ما أن الإيرانيين كانوا يستخدمون بورصة الشركة، في انتهاك محتمل للعقوبات الأمريكية. ذكرت "كوين ديسك" (CoinDesk) في نوفمبر 2018 أن "بينانس" أرسلت تنبيهاً عبر البريد الإلكتروني للعملاء الذين يبدو أنهم مقيمون في إيران، وطالبتهم بسحب أصولهم.
قالت تونيا إيفانز، الأستاذة في كلية ديكنسون للحقوق في جامعة بنسلفانيا والتي تدرّس مقرراً عن العملات المشفرة: "يقود المنظمون في جميع أنحاء العالم أقسامهم لفحص البورصات بعناية، خاصة تلك التي تتمتع بمدى انتشار وشهرة وحجم تداول مثل "بينانس". والبورصات التي تغض الطرف عن المخاوف التنظيمية المتعلقة بغسل الأموال والأوراق المالية غير المسجلة والمدفوعات مقابل الأنشطة غير القانونية، تقوم بذلك على مسؤوليتها".
مساعدة الجهات الرقابية
تقول "بينانس" إن الالتزام بالقواعد يمثل أولوية قصوى، وهي نقطة تم التأكيد عليها من خلال توظيفها لأكثر من 200 متخصص في الامتثال في العام الماضي. في الشهر الماضي، انتقل "سي زي" إلى "تويتر" ليذكر إشادة وكالات إنفاذ القانون الروسية والأوكرانية بـ"بينانس" نتيجة مساعدة الشركة في تعقب مجرمي الإنترنت.
أصدرت "بينانس" في وقت لاحق بياناً صحفياً يوضح بالتفصيل كيفية عملها مع العديد من الدول، بما في ذلك السلطات الأمريكية، للتحقيق في منظمة إجرامية تعرف باسم "فانسيكات" (FANCYCAT) قالت إنها مرتبطة بأكثر من 500 مليون دولار من أضرار برامج الفدية.
حاول "سي زي" أيضاً التأكيد على جهود "بينانس" لإبعاد الأمريكيين عن البورصة الرئيسية. خلال جلسة مارس على "كلوب هاوس"، قال إن "بينانس" تقوم بتحليل شامل لمعاملات البلوك تشاين لمنع أي نشاط غير قانوني. قال "سي زي": "أعتقد أن لدينا خوارزميات باكتشاف الأشخاص الأكثر تقدماً في الولايات المتحدة في الصناعة، وليس فقط صناعة التشفير"، وأضاف أن التكنولوجيا جيدة جداً لدرجة أنها تمنع أحياناً عن غير قصد العملاء الذين زاروا الولايات فقط.
لم تمنع هذه القيود كيف أتوود، المستثمر في "ليتل روك"، التي يقع مقرها في أركنساس والذي يدير "كريبتو كيف" (CryptoKeif). في 15 يونيو، تداول "أتوود" على "بينانس" لساعات متتالية، وقام ببث مباشر لنفسه شاهده أكثر من 1000 شخص على ""تويتش" (Twitch) وشجعوه، وفي وقت من الأوقات، نام على كرسيه بينما استمرت الكاميرا في الدوران. كان "أتوود" يشتري ويبيع عقود بتكوين الآجلة، وهي منتجات كان من المفترض أن تكون محظورة.
في مقابلة، قال "أتوود" إنه تعلم كيفية الوصول إلى "بينانس" من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو عبر الإنترنت التي شرح فيها المتداولون كيفية استخدامهم للشبكات الخاصة الافتراضية، أو شبكات (VPN)، لإخفاء مواقعهم. وأضاف "أتوود" أنه خسر حوالي 80 ألف دولار، لكنه كان يأمل في استعادة بعضها من خلال "كيف كوين"، كرمز استخدم "بينانس" في إنشائه.
وقال "أتوود" عندما سئل عما إذا كان قلقاً من أن تداوله قد يكون قد انتهك القواعد: "أنا قلق بشأن ذلك، لكن لم يكن لدي أي شخص للتحدث معه حول هذا الموضوع".
القمع الأمريكي
كافحت "بينانس" للعمل في الولايات المتحدة منذ فترة طويلة. وقدم هاري تشو، المحامي السابق في "وول ستريت"، عرضاً تقديمياً على برنامج "باور بوينت" (PowerPoint) إلى "سي زي" والمديرين التنفيذيين الآخرين في عام 2018، يوضح بالتفصيل كيف يمكنهم إنشاء كيان أمريكي ولكن مع السماح للأمريكيين بالوصول إلى خدمات "بينانس" غير المنظمة من خلال شركات وهمية ووسائل أخرى، كما قال شخصان مطلعان على الأمر. قالت "بينانس"، في إيداعات المحكمة، إنها لم تنفذ الاقتراح أبداً. وفي عام 2019، ساعد "زو" في تأسيس "بينانس الولايات المتحدة" (Binance.US)، وهي شركة منفصلة تقدم خدماتها للعملاء الأمريكيين، وفقاً لملفات الشركة.
لم يعد رقم هاتف "زو" نشطاً ورفض المتحدثون باسم "بينانس" و"بينانس الولايات المتحدة" توفير معلومات الاتصال الخاصة به.
وفي إشارة إلى أن السلطات أصبحت أكثر عدوانية، رفعت وزارة العدل الأمريكية اتهامات جنائية العام الماضي ضد أربعة مديرين تنفيذيين في "بيت ميكس" (BitMEX)، وهي بورصة عملات مشفرة منافسة. تضمنت المزاعم عدم تنفيذ ضوابط منع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والسماح للمقيمين في الولايات المتحدة بالتداول بشكل غير قانوني في عقود بتكوين الآجلة. ودفع ثلاثة من المتهمين ببراءتهم في حين بقي الرابع طليقاً.