مع تصاعد شرارة الاحتجاجات داخل الأهواز وامتدادها إلى العاصمة طهران ومدن كأصفهان وكرج، استقدمت السلطات الإيرانية ميليشيات من العراق موالية لها لقمع ثورة الأهواز جنوب البلاد، على غرار الاستعانة بميليشيات من عناصر عراقية وأفغانية وباكستانية في انتفاضات أخرى سابقة.
وأوضحت مصادر أهوازية لموقع "سكاي نيوز عربية" أن السلطات الإيرانية استقدمت أكثر من 1500 عنصر من الميليشيات الموالية لها في العراق لمساندتها مع تمدد الاحتجاجات من الأهواز إلى مناطق أخرى، وهو ما يشكل تهديدا كبيرا لطهران مع اقتراب تسلم الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي السلطة التنفيذية في البلاد خلفا لحسن روحاني أغسطس المقبل.
ودخلت الاحتجاجات في الأهواز ومناطق واسعة في جنوب إيران يومها الثامن، وسط عمليات اعتقالات واسعة وإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
ومنذ 15 يوليو الجاري، خرج آلاف الأهوازيين في خوزستان جنوب إيران، احتجاجا على نقص المياه وانتشار الجفاف، وانقطاع الكهرباء، بعد بناء الحكومة سدودا على 5 أنهار تمر بالأهواز لتحويل المياه إلى الداخل الإيراني، ما قلل كمية المياه في المنطقة.
وتنكر السلطات الإيرانية أن أغراضا سياسية وراء قرارات تحويل مجاري الأنهار في الأهواز، إلى درجة أن الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني اتهم السكان العرب بالمسؤولية عما يجري من أزمة مياه في المنطقة، لاستمرارهم في زراعة الأرز المحلي.
وبحسب المصادر، فإن الميليشيات الموالية التي عبرت الحدود الإيرانية العراقية بكامل معداتها العسكرية إلى الأهواز لقمع الثورة، تتشكل من ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها طهران إلى ميليشيات الحشد الشعبي لمواجهة الأزمات في الأهواز، فقد استعانت بتلك الميليشيات بقيادة نائب الحشد آنذاك أبو مهدي المهندس (قتل في غارة أميركية ببغداد يناير 2020 مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري) كخطة استباقية لأي احتجاجات بالأهواز بعد فشل الحكومة في مواجهة احتجاجات أبريل 2019.
وحينها نشر موقع "إيران إنترناشونال" المعارض أن قوافل تابعة للحشد الشعبي، وحركة النجباء، ولواء فاطميون العسكري (مكون من اللاجئين الأفغان) دخل إلى محافظتي خوزستان ولرستان، باعتبارها "وفودا إغاثية لمتضرري الفيضانات في إيران".
ونقل الموقع عن وكالة "فارس" للأنباء آنذاك، أن قوافل الحشد الشعبي وحركة النجباء، شملت 100 مركبة خفيفة وثقيلة.
كما تحدثت تقارير صحفية معارضة في يناير 2018 عن استعانة إيران بعناصر من الحشد الشعبي لقمع المظاهرات المتواصلة ضد النظام، وانتشرت في شوارع عبادان وخرمشهر وفي حي الثورة في الأهواز.
ومحافظة خوزستان تقع ضمن منطقة الأهواز ذات الغالبية العربية، وهي غنية بالنفط والمياه في آن واحد، لكن سكانها يتهمون السلطات الإيرانية بممارسة التهميش والاضطهاد ضدهم.
ووجّه رئيس اللجنة التنفيذية لدولة الأهواز، الدكتور عارف الكعبي، نداءات عاجلة إلى مشايخ وأبناء القبائل العربية في العراق، والقريبة من الحدود العراقية الإيرانية، بالانتفاضة ووقف عمليات نقل المرتزقة من العراق إلى الأهواز.
وأوضح الكعبي لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه وفقا لما ورد إليهم هناك عمليات نقل من المرتزقة الموالين لإيران من العراق إلى الأهواز، لقمع الاحتجاجات، وسط مخاوف من ارتكاب هذه الميليشيات عمليات عنف وقتل بحق الشعب العربي الأهوازي الأعزل.
وعن سبب توجيه مناشدات للقبائل العربية في العراق وليس لحكومة العراق قال: "لا نوجّه نداءنا إلى الساسة العراقيين لأننا نعرف أنهم مغلوب على أمرهم، لكن من هنا نناشد أبناء القبائل العربية العراقية الأصيلة، ولا سيما تلك التي تقطن قرب الحدود العراقية الأهوازية بأن لا تسمح بالمرتزقة الذين يأتمرون بأوامر الحرس الثوري أن يعبروا الحدود لقتل أبناء شعبنا العربي الأهوازي".
وتابع الكعبي في ندائه للقبائل العربية العراقية: "لا تنسوا بأننا تربطنا بكم الأخوة والعروبة والدم، وحتى قبائلنا متداخلة على الحدود، لهذا نرجو منكم منع هؤلاء من دخول أرض الأهواز حقنا للدماء".
وحذر الكعبي من أن هناك مخططا من قبل السلطات الإيرانية لـ "عسكرة" الاحتجاجات، واتخاذها ذريعة لعمليات القتل والقمع والاعتقالات الغير مشروعة، مؤكدا أن الأهوازيين شعب يناضل من أجل حقوقه والدفاع عن حياته، في ظل الانتهاكات الواسعة من قبل السلطات الإيرانية بحقهم.
ولفت إلى أن المخطط بدأ مبكرا عبر إقدام قوات الحرس الثوري بحرق سوق "علوي" في حي الثورة بمدينة الأهواز في محاولة لإظهار المشاركين في الانتفاضة بمظهر "المخربين".
وبحسب الكعبي، فإن حصيلة الاحتجاجات المستمرة منذ 15 يوليو هي "اعتقال حوالي ألفي أهوازي، وأكثر من 10 قتلى، ومئات المصابين".
وكانت تقارير حقوقية ومنظمات أهوازية، منها حركة رواد النهضة لتحرير الأهواز، قد أشارت إلى استخدام الحرس الثوري الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع في مواجهة الاحتجاجات.
كما انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، لمتظاهر يقول: "لستُ خصمك ... عمري 22 عاما ... أريد حقي ... لا تطلقوا النار... كن رجلا".
وأصدر مكتب المدعي العام في خوزستان بيانين يهددان المتظاهرين بمواجهة "حاسمة"، ومع ذلك، تجاوز نطاق الاحتجاجات خوزستان، وفي أماكن مثل يزدان وأصفهان وكرج تم ترديد الشعارات الداعمة لمتظاهري خوزستان.
ومع استمرار الاحتجاجات أعلنت مجموعة الدفاع عن الوصول إلى الإنترنت "نتبلوكس دوت كوم" تعطل خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول في أجزاء مختلفة من إيران.
ودفع توسع رقعة احتجاجات الأهواز، وما رافقها من تعامل أمني وعسكري قمعي معها، بالرئيسين الإيرانيين السابقين أحمدي نجاد ومحمد خاتمي إلى التنديد بآليات تعامل السلطات مع المحتجين.