العين الإخبارية

أثر إغلاق عملية المقاصة بين المصارف الليبية على جميع الجوانب الحياتية للمواطن الليبي خاصة في الجنوب والشرق.

ويمنع إقفال المقاصة المصرفية -منذ 2014 إلى الآن- بعض مندوبي المصارف الواقعة في المناطق من الحصول على السيولة النقدية مباشرة من المصرف المركزي مما يضطرهم للاقتراض لتوفيرها.

ويهدد إقفال غرف المقاصة المصرفية أمام المندوبين بالعودة لنقطة انعدام السيولة بسبب هذا الإجراء الذي قد يوقف حتى الدفع الإلكتروني وقبول الصكوك المصدقة بين المصارف.

وانقسم المصرف الليبي المركزي إلى رئيسي في طرابلس وفرعي في المنطقة الشرقية منذ 2014 منذ سيطرة الإخوان على العاصمة.

وتعاني البلاد منذ ذلك الحين من انقسام مالي وتردي في قيمة العملة وإقفال للمقاصة وغير ذلك.

إصلاحات اقتصادية

ومع انطلاق مسارات التسوية للأزمة الليبية 2020 تم الاتفاق على خطوات تنفيذية للإصلاح الاقتصادي من بينها فتح المقاصة إلا أن ذلك لم ينفذ على الأرض وبقي الوضع على ما هو عليه.

وفي مطلع أغسطس/آب الجاري أصدر مصرف ليبيا المركزي فرع المنطقة الشرقية أوامره إلى مدراء المصارف ومدراء المناطق بعدم قبول الصكوك الإلكترونية بغرفة المقاصة اليدوية ابتداء من 26 أغسطس/آب الجاري، لعدم استجابة البنوك التجارية للإصلاحات الاقتصادية.

ويرى خبراء اقتصاد في ليبيا أن إقفال المقاصة تسبب في مديونية كبيرة على فروع المصارف خاصة في المنطقة الشرقية وبدورها عجزت عن القيام بأعمالها.

وقال الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية" إن إقفال المقاصة المصرفية أثر على نمو الاقتصاد الليبي.

وأضافوا أن سياسة المركزي في الإقراض بدل فتح المقاصة، تعتبر سياسة لها مضاعفات مستقبلية خصوصا في مسألة إقفال الميزانيات المصرفية كل عام.

تحكم في سعر الصرف

يرى الخبير الاقتصادي الليبي خالد المنفي، أن خفض سعر الصرف يمكن التحكم فيه عبر منع استيراد سلع بعينها مثل العطور والشكولاتة والأثاث والمفروشات والمشروبات بكافة أنواعها لفترة محددة بحيث يقل الطلب على الدولار.

وأضاف المنفي لـ"العين الإخبارية" أن إقفال المقاصة تسبب في مديونية كبيرة على فروع المصارف في المنطقة الشرقية وبدورها عجزت عن القيام بأعمالها، لكن لا علاقة لها بسعر الصرف لكنها ستسرع من الإصلاحات المالية كتوفير السيولة بالنقد المحلي.

وأكد الخبير الاقتصادي على أن خفض سعر الصرف يتطلب طريقة لخفض الطلب عليه وأهمها كبح جماح الاستيراد.

محدودية نمو الاقتصاد

وفي ذات السياق، أكد إبراهيم عبدالله أستاذ الاقتصاد الليبي، على أن إقفال المقاصة المصرفية يؤثر على نمو الاقتصاد الليبي، بسبب الانشقاق الموجود بالفعل داخل المؤسسة الاقتصادية.

وأضاف عبدالله لـ"العين الإخبارية" أن فتح المقاصة المصرفية بين كامل المصارف الليبية سوف يسهم في توفر السيولة بشكل كبير لكن الطلب على العملة الأجنبية سيستمر بسبب إقبال التجار.

وأوضح أستاذ الاقتصاد الليبي، أن خطوات تقليص سعر الصرف للنقد الأجنبي تبدأ من توفير كميات ضخمة داخل البلاد وخارجها للتجار والموردين الأمر الذي سينهي هيمنة السوق السوداء ويعزز الثقة بين المواطن الليبي ودولته.

وتابع أن ثاني الخطوات الفعلية هي توفير السيولة للمواطنين في أي وقت في المصارف لأن أسواق المضاربة السوداء تستغل حاجة المواطن للنقد وتبيع له العملة الأجنبية بسعر غالي لغرض تحويلها لسيولة نقدية.

وأكد عبدالله على أن إدارة مصرف ليبيا المركزي لها الدراية الكاملة بالخطوات التي توقف ارتفاع أسعار الصرف لكن السياسة الأحادية الجانب من قبل مدير مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير تؤجل في كل مرة إدراج سعر صرف جديد للعملة.

مضاعفات مستقبلية

ومن جانبه، قال محمد صالح سويلم الخبير الاقتصادي أن سياسة المركزي الليبي في الإقراض بدل فتح المقاصة تعتبر سياسة لها مضاعفات مستقبلية خصوصا في مسألة إقفال الميزانيات المصرفية كل عام.

وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن المصرف المركزي مستمر في الإقراض خصوصا للمصارف التجارية الأمر الذي لن يعجل بتوفير السيولة في وقت قريب، لافتا إلى أن العملة الأجنبية ستستمر في الارتفاع إذا لم يتوفر النقد المحلي للمواطنين في المصارف.

وتابع سويلم أن رفع القيود عن صغار التجار وتوفير النقد الأجنبي خارج الدولة الليبية من المصرف الخارجي سيعدل أسعار السلع في البلاد مرجحا أن أسعار السلع الغذائية ستصل إلى نصف ثمنها في حال طبق هذا الإجراء.

وأوضح أن الأوضاع السياسية غير المستقرة هي من تتحكم في اقتصاد البلاد، وأن وجود سلطة موحدة غير منقسمة على نفسها سيسهم بشكل كبير في حل الأمور العالقة داخل المؤسسة النقدية الليبية.

وكان سعر صرف الدينار الليبي مقابل الدولار الأمريكي لا يتجاوز 1.25 دينار للدولار الواحد خلال عام 2010 قبل أحداث 27 فبراير، إلا أن انقسام المؤسسات الذي حدث في 2014 نتيجة انقلاب الإخوان على السلطة المنتخبة في ليبيا رفع سعر الصرف ليصل الآن إلى 5.05 دينار للدولار الواحد.

ومنذ انقلاب الإخوان على السلطة الشرعية في ليبيا عام ٢٠١٤ تشهد المؤسسة النقدية الليبية حالة من الانقسام بين السلطة الشرعية الليبية المتمثلة في مجلس النواب الليبي وبين مجلس الدولة الذراع السياسية لجماعة الإخوان.

ورغم نجاح ليبيا في الوصول إلى تسوية في عدة مسارات سياسية واقتصادية وعسكرية العام الماضي إلا أن المؤسسة المصرفية في ليبيا لا تزال متأخرة في تحقيق أي إنجاز يساهم في رفع المعاناة عن الليبيين.