تظهر امرأة في مقتبل العمر إلى جانب الرئيس التونسي قيس سعيّد في كل نشاطاته واجتماعاته الرسمية وتلازمه في كل تحركاته الداخلية والخارجية، تعمل في صمت وتتحاشى الظهور الإعلامي، يطلق عليها البعض اسم ظلّ سعيّد وذراعه الأيمن وأمينة سرّه، ويقول آخرون إنها صوته ومرآة توجهاته ومهندسة مشروعه، حتى تحولت إلى هدف رئيسي لتنظيم الإخوان.
إنها نادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي التي ولدت علاقتها بسعيّد داخل الجامعة، حيث كانت طالبته المجتهدة في مادة القانون الدستوري وأستاذها الذي ترى فيه مثلها الأعلى، ثم أصبح زميلها في الجامعة الذي تنسجم معه فكريا وسياسيا، وشكلا معا ثنائيا ناجحا، حتى وصلا معا إلى السلطة.
وعكاشة (40 سنة) المعروفة بمواقفها المناهضة لتيار الإسلام السياسي، حاصلة على دكتوراه في القانون عام 2017م وماجستير في القانون العام والمالي عام 2006م من كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس وبكالوريوس في العلوم القانونية عام 2004م من الكلية ذاتها وشهادة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري في تونس عام 2005، لها العديد من المؤلفات القانونية والمقالات العلمية والسياسية.
عملت عكاشة أستاذة مساعدة في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة تونس المنار، ودكتورة باحثة في القانون العام والقانون الدولي المقارن في معهد ماكس بلانك للقانون في ألمانيا وتشغل عضوية الجمعية التونسية للقانون الدستوري وجمعية قدماء الحضور في الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري وجمعية قدماء كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس.
بعد ثورة 2011 في تونس التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، شاركت ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في تونس سنة 2011 ومستشارة لبعثة المساعدة الانتخابية للاتحاد الأوروبي سنة 2014، دخلت غمار النشاط السياسي تجوب المؤسسات الدراسية بالجهات للمشاركة في عملية تثقيف الشباب وتوعيته بالمفاهيم السياسية، وكانت تؤكد دائما خلال مداخلاتها بأن "الشّعب صاحب السيادة المطلقة" وهو المفهوم الذي حوله الرئيس قيس سعيد إلى شعاره المشهور "الشعب يريد"، الذي أدار به حملته الانتخابية وأوصله للسلطة.
وكانت عكاشة التي أصبحت أكثر ظهورا في الأيام الأخيرة، إحدى أهم السيّدات التي عوّل عليهن قيس سعيد خلال حملته الانتخابية وحازت على ثقته، وكانت على رأس المنظومة التي تحركت بقوّة وراهنت عليه في الانتخابات الرئاسية عام 2019، وكان دورها رئيسيا في فوزه و وصوله للرئاسة.
وبعد توليه رسميا منصب الرئاسة ودخوله قصر قرطاج، أوّل ما قام به سعيّد هو تعيين نادية عكاشة كمستشارة للشؤون القانونية، قبل أن تصبح مديرة للديوان الرئاسي بعد عام، ثاني منصب في مؤسسة رئاسة الجمهورية، لتصبح منذ ذلك الوقت على رأس أهداف حملات الشيطنة والتشويه التي شنتها قيادات حركة النهضة وحلفائها ومنصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ضد فريق عمل قيس سعيّد، عندما تحدثوا عن دور لها في اختيار رؤساء الحكومات وتعيين الوزراء والقيادات الأمنية، وزعموا أنها تمثل مصالح فرنسا في القصر وتدافع عنها، معتبرين أنها "حاكمة قرطاج الجديدة" .