أيمن شكل:

برأت محكمة الاستئناف الكبرى الجنائية طبيباً وطبيبة من تهمة التسبب في وفاة مريضة بخطأ طبي، وألغت حكم حبسهما مدة سنة، مبينةً أن الطبيب لا يسأل إلا إذا ثبت خطؤه ثبوتاً ظاهرياً بصفة قاطعة لا شك فيها، ودعت المحكمة إلى ترك مساحة للطبيب حتى يمارس عمله وأداء رسالته السامية وهو مطمئن.

وأشار المحامي إسلام غنيم وكيل الطبيب إلى أن النيابة أسندت إلى موكله أنه وآخرين تسببوا بخطئهم في موت المجني عليها بسبب خطأ طبي أدى إلى دخولها في غيبوبة تسببت في توقف الوظائف الحيوية لديها أدت إلى وفاتها، وقضت محكمة أول درجة بمعاقبته بالحبس مدة سنة، إلا أنه دفع بمخالفة الحكم للقانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.

وأوضح أن الخطأ الطبي الذي تنعقد به مسؤولية الطبيب يتحدد في إطار التزامه ببذل عناية، ومن ثم فالخطأ الطبي يقتضي تقصيراً في مسلك الطبيب، وعدم بذله العناية التي كان ليرعاها من هو في مستواه وفي ذات الظروف المحيطة وبذات الإمكانات المتاحة له.

وأشار إلى نص المادة 27 من المرسوم بقانون رقم 7 لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب التي قننت مسؤولية الطبيب أنه يسأل عن الحالة التي وصل إليها المريض إذا أهمل أو قصر في العناية به، ولم يبذل كل ما يستطيع من جهد وحذق وحيطة في تشخيص المريض ووصف العلاج المناسب له ومباشرته طبيباً في مستواه الطبي وجد في مثل ظروفه، ما يوجب على الطبيب في العمليات الجراحية مراعاة حالة المريض.

وأشارت المحكمة في حيثيات الحكم إلى أنه لا تقوم مسؤولية الطبيب بمجرد وقوع الخطأ وحدوث الضرر، بل يجب أن تتوافر علاقة السببية بينهما بمعنى أن ينشأ الضرر نتيجة الخطأ الذي ارتكبه المسؤول، ولا يقع الضرر الذي يصيب المريض نتيجة خطأ الطبيب وحده؛ إذ قد تساهم عدة عوامل أخرى، الأمر الذي يترتب عليه انتفاء مسؤولية الطبيب نتيجة تدخل تلك العوامل.

وأضافت أن الثابت من أوراق الدعوى أن اللجنة الطبية لتقرير الأخطاء الفنية لم يتوصل إلى معرفة السبب الرئيسي لوفاة المجني عليها، وخاصة كونها واعية وقت خروجها من غرفة الإفاقة، كما لم تبين الأوراق خطأ الطبيب الذي يمكن محاسبته عليه، الأمر الذي يتعين عليه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءته مما هو منسوب إليه.

وقالت المحكمة إن مهنة الطب تستلزم ترك قدر معين من الاستقلال للطبيب والعمل تتناسب وحرية المهنة، بحيث ينظر إلى كل حالة على حدة، ويكون له حق المفاضلة بين الأساليب المختلفة ليختار وسيلة العلاج التي يراها مناسبة للحالة بين يديه.

وأوضحت أن مسؤولية الطبيب تثار إذا ثبت أنه لم يؤد عمله الجراحي وفقاً لأصول علمية مقررة او خالفها، وبالتالي يكون الطبيب مسؤولاً بحسب تعمده العمل، ونتيجة تقصيره، أما أن التزام الطبيب بأداء عمله وفق الأصول العلمية والثابتة فلا مسؤولية عليه أياً كانت نتيجة علاجه؛ إذ لا يضمن للمريض الشفاء، بل يلتزم ببذل العناية الكافية بحسب ما استقرت عليه أحكام القضاء.

وأضافت المحكمة أن القضاء مستقر على قبول وجود قدر ضروري من المخاطر مرتبط بطبيعة التدخل الجراحي لإجراء العملية الجراحية، فإن لم تنجح العملية الجراحية بالرغم من بذل العناية المطلوبة والالتزام بالأصول الطبية الثابتة فإنه لا مسؤولية على الطبيب تجاه المريض.