"الخوف ينتابني في كل لحظة"، بهذه الكلمات تختصر آمنة (اسم مستعار)، أستاذة جامعية في كابل، حالتها خلال الأيام الأخيرة بعد استيلاء حركة "طالبان" على السلطة وإسقاط الحكومة، في 15 أغسطس الماضي.

آمنة، التي طلبت في حديث لموقع "الحرة" عدم الكشف عن هويتها، أعربت عن يأسها من مستقبل البلاد التي عادت إليها بشغف من السعودية، وأسست مشروعا لتحفيظ النساء القرآن، ومعمل خياطة لتمكين المرأة الأفغانية، وذلك بالإضافة إلى تدريسها لمادة الشريعة الإسلامية في إحدى الجامعات في كابل.

آمنة في الثلاثينات من عمرها، ولدت في مدينة جدة السعودية، حيث تزوجت وأنهت تحصيلها العلمي، فضلا عن امتهانها التعليم في بعض المدارس الخاصة، لكنها قررت العودة إلى أفغانستان قبل 5 سنوات، لأسباب مالية، لم توضحها.

في يوم الأحد عند الساعة التاسعة والنصف، "توقف الزمن، انتهى كل شيء، وفجأة وجدت الناس يركضون في الشارع، استغرق هروبي من مكان عملي في الجامعة إلى منزلي 5 ساعات، وهو يحتاج لـ6 دقائق كحد أقصى"، على حد قولها.

وأكدت آمنة أنها لا تتوقع أن تكون الأيام جيدة لها ولابنتها ( 4 سنوات)، مشددة على أنه في بعض الولايات المجاورة أجبرت النساء على الجلوس في المنزل، وتم حرمانهم من الذهاب إلى مراكز عملهم ودراستهم.

وفي محاولة لتهدئة هذه المخاوف، كان المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، قال إن الحركة استخلصت العبر من فترة حكمها الأولى وستكون طريقة إدارتها للبلاد "مختلفة جدا (..) مع أن لا فرق" على الصعيد العقائدي.

وقال مجاهد، في أول مؤتمر صحفي بعد سيطرة الحركة على البلاد، إن "الإمارة الإسلامية ملتزمة بحقوق المرأة في إطار الشريعة. نود أن نؤكد للمجتمع الدولي أنه لن يكون هناك أي تمييز ضد المرأة، ولكن بالطبع في الإطار الذي لدينا.. نساؤنا مسلمات".

كما شدد مسؤول في طالبان، يدعى إنعام الله سمنغاني، خلال تصريحات بثها التلفزيون الأفغاني الحكومي، الذي تسيطر عليه الحركة الآن، على أن "الإمارة الإسلامية لا تريد أن تكون النساء ضحايا".

وأضاف: "هيكل الحكومة ليس واضحا تماما، ولكن بناء على الخبرة، يجب أن تكون هناك قيادة إسلامية كاملة وينبغي على جميع الأطراف الانضمام إلى الحكومة".

ورغم تطمينات طالبان، تؤكد آمنة أن "كل المزاعم التي تقدمت بها طالبان لن تحصل"، مشيرة إلى أنه "يتم تداول تسجيلات صوتية بين أفغانيات لعناصر في طالبان يهددون المرأة التي تضع المكياج على وجهها بقطع أظافرها وسلخ جلدها".

ومنذ 9 أيام، لم تخرج آمنة إلا مرة واحدة إذ ارتفعت حرارة ابنتها بسبب الخوف، على حد قولها، وهو ما تصفه بـ"اليوم المرعب"، قائلة: "الشوارع خالية، الناس أشبه بالجثث المتحركة، اليأس يسيطر على من تجده".

وختمت آمنة بالتأكيد على أنها تبحث عن المستقبل الآمن ومتابعة تحصيلها العلمي وضمان الأمن لابنتها، متسائلة: "كيف سأتابع عملي، في حال فرضت طالبان منع التجول على النساء، أريد الذهاب، أريد الهرب من أفغانستان، ولكن كيف"؟

وبعد أسبوع من استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان، لايزال آلاف الأشخاص يحاولون الفرار من بلادهم، معرضين حياتهم للخطر فيما تستمر عمليات إجلاء تقوم بها دول أجنبية، في ظل ظروف بالغة الخطورة.