أيمن شكل:

أكد رجال دين أن على الزوج أو الزوجة إقناع من يرفض منهما أخذ اللقاح بالحسنى، مؤكدين أنه من حق الزوج توجيه زوجته لما هو أصلح لها ولأسرتهما حال رفضت، كما يحق للزوجة أن تستخدم كافة السبل لإقناع الزوج الرافض، لأخذ اللقاح والجرعات المنشطة، بينما أجاز آخرون إجبار الزوج لزوجته على أخذ اللقاح لما فيه مصلحة الأسرة وبفرض الدولة إجراءات إلزامية حفاظاً على سلامة المجتمع.

وفي البداية قال الشيخ محمد حمزة فلامرزي: "لا يجوز إجبار الزوج لزوجته على عدم أخذ اللقاح، لكن يجب أن يبذل الجهد في إقناعها وتوجيهها لما هو أصلح لها وللأسرة، ويبين لها مدى خطورة عدم أخذ اللقاح على الأبناء وعلى نفسها ونفسه، ونوه إلى الآية الكريمة في كتاب الله العزيز "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" لافتا إلى قوله تعالى "وأحسنوا" في الآية والتي تبين أهمية الإحسان في إقناع الآخر بوجهة النظر ويوضح بيان الأثر السلبي عليها وعلى الناس، بأنها إن خرجت فستنقل المرض للناس والأقارب أو تنقله من الخارج إلى داخل البيت وتؤذي أبنائها، وبأن الأمر لا يتعلق بشخصها فقط وإنما بالعائلة والمجتمع.

وأشار الشيخ فلامرزي إلى حركة المجتمع الدائمة والتي ستتسبب في أي مرحلة بنقل الفيروس بين الناس، وقال: "على الرغم من الأخذ بالاحترازات المتبعة من تعقيم وارتداء الكمام وغسل الأيدي، إلا أنها لن تحقق الحماية الكاملة وتبقى في سياق الإجراء الوقائي بنسبة معينة، بينما ثبت للعالم أجمع الحاجة لتعزيز الوقاية بأخذ اللقاح والجرعات المنشطة منه".

كما لفت الشيخ فلامرزي إلى الآية الكريمة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" وقال إن الوقاية المذكورة في الآية مفادها حماية المسلم من نار الآخرة، وقد رسمت الآية منهجا للوقاية يمكن أن يستخدمه المسلم في كافة شؤون حياته، حال ما شعر بضرر واقعاً أو متوقعاً، مبيناً أن الوقاية تأتي في جانب التوقع وهي قائمة على أسباب تنبئ بأن هذا الأمر واقع".

وأكد الشيخ محمد حمزة "أن الوالدين ينزعان إلى الوقاية من وازع فطري فلو نشبت نار في بيت، تجد الأم تهرع لغرفة الأطفال، وقال: الآن المرض غير مرئي لكن آثاره أشد من النار الحسية بأن تشتعل في بيت، لأنه عصف بدول العالم، لا تجد عائلة إلا فيها مريض، وفي ظل استمرار الجائحة لهذه الفترة الطويلة يجب أن يحرص الإنسان على حياته وصحة أقرب الناس إليه وثمرة الفؤاد وهم الأطفال".

من جانب آخر رأى الشيخ علي النجار أنه يجوز للزوج إجبار زوجته على التطعيم في حال رفضت، وذلك من منطلق حماية الأسرة ومصلحة العائلة، وقال: لو امتنعت الناس عن أخذ أسباب الصحة والسلامة فلا شك أنهم يأثمون لمخالفتهم أمر الله بالمحافظة على النفس، منوها لنص الآية الكريمة "وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا".

وقال الشيخ يوسف الريس إن المعلوم من الدين الضرورة أنه على المسلمين أن يحافظوا على أنفسهم بقدر المستطاع من الأمراض، وقد أوجبت الشريعة الإسلامية إنقاذ الأرواح والأنفس من الهلاك، وجعلت إنقاذ النفس حقا لكل فرد، بالوقاية من الأمراض والأسقام قبل حدوثها وبالتداوي بعد حدوثها.

وأشار الريس إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (عبادَ اللهِ! تداووا، فإنَّ اللهَ تعالَى لم يضع داءًا إلا وضع له الدواءَ إلا داءً واحدًا الهرَمُ)، وأكد أن الحفاظ على النفس البشرية من مقاصد الشريعة الأساسية والتي تشمل بالإضافة إلى حفظ النفس: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، قال سبحانه وتعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)[سورة المائدة، 32]

وأشار إلى أن على الزوج أو الزوجة أن تستخدم الترغيب في أخذ اللقاح والجرعات المنشطة، وذلك انطلاقاً من القاعدة الفقهية العظيمة "لا ضرر ولا ضرار" خاصة مع التأكد من انتشار العدوى، وقال: إذا ما خاف الإنسان على نفسه فيجب عليه أن يخاف على غيره، بعدما ثبت نجاح التطعيم في خفض أعداد الإصابات، ولم يثبت له ضرر على الإنسان.

وقال إن الوالد له الحق في فرض التطعيم على أبنائه كونه المسؤول عن الزوجة والأطفال، وأما إذا كان الأطفال في حضانة الأم فإن المسؤولية تقع على الزوجة ولا يستطيع الزوج في هذه الحالة إجبارها، ولكن يحاول إقناعها، وحذر الريس من التعنت القائم على خلاف عائلي وبما يضر بالأسرة والأبناء.

وأكد أن التشكك في اللقاحات أمر متعارف عليه في البداية حيث كان الناس يترددون، ثم انتهى ذلك بعدما شهده المجتمع من تحسن في حالات التعافي وانخفاض نسبة الإصابات، وعدم ثبوت تضرر أحد من أخذ اللقاح وجرعاته المنشطة.

وفي ذات السياق أشار محمد سعيد العرادي إلى أن قضية الإجبار على أخذ اللقاح يجب أن تتخذ من قبل الحكومات والدول، وليس الزوج فقط، وذلك بفرض إجراءات إلزامية على أفراد المجتمع كونه مترابطاً ويعتبر في مقام الأسرة الكبيرة الواحدة، فإذا أصيب فرد واحد وتنقل بين الناس بدون تطعيم سيتسبب في تخريب جهود الدولة كلها ويضر بالمجتمع، ولذلك يجب أن يخضع المجتمع للتوجيهات الحكومية لأنها تأتي في مصلحة المواطنين، خاصة بعد أن أثبتت النتائج إيجابيات اللقاح وجرعاته المنشطة.

ولفت الشيخ العرادي إلى موسم محرم الذي مر بنجاح، وقال إن سبب نجاح هذه المناسبة التي شهدت تجمعات كبيرة، هو نسبة التطعيم العالية والتي ساهمت في تقليل الإصابات، وأكد أن المسألة تخصص وليست نوايا وإذا أوصت جهة متخصصة بأخذ اللقاح والجرعات المنشطة فيجب أن يطبق ما أوصت به.