كعادتها دائمًا، رأت إيران أن تشذ عن القاعدة، وتخالف الجميع، ليس على مستوى السياسة والرأي والأسلوب والتحالفات المثيرة للجدل، وإنما في البروتوكولات الدولية أيضًا، التي تحرص كل الدول على الالتزام بها، خاصة أمام شاشات التلفزيون وكاميرات الصحفيين.

تجسَّد هذا الشذوذ بكل معانيه وصوره ظُهْر اليوم في فعاليات "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"، وشاركت فيه السعودية وإيران والأردن ومصر وتركيا والكويت وقطر والإمارات وفرنسا، إضافة إلى الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي.



وأثناء اللقاء تخطى حسين أمير عبداللهيان، وزير الخارجية الإيراني، في الصورة الجماعية بعد الانتهاء من المؤتمر، مكانه في الصف الثاني المخصص للوزراء إلى الصف الأول المخصص للرؤساء وأصحاب السمو، وكأنه يبعث برسالة إلى الحاضرين بأن إيران ليست مجرد ضيف داخل العراق، وإنما تملك فيه ما يملكه أصحاب البلاد أنفسهم، وأن لديهم في بغداد رأيًا مسموعًا وصلاحيات واسعة وحقوقًا تاريخية.

محل انتقاد

ما فعله وزير خارجية إيران كان محل انتقاد واستنكار الكثيرين في مواقع التواصل الاجتماعي، الذين رأوا أن وزير الخارجية لم يخطئ في تصرفه، وإنما كان يتعمد ذلك مع سبق الإصرار والترصد، ولم يبالِ بمخالفة البروتوكول الدولي المعروف؛ لأنه أراد أن يبعث برسالة إلى مَن يهمه الأمر بأن العراق تابع لإيران، رضي مَن رضي، وأبى مَن أبى.

وشبّه بعض المغردين تصرف وزير إيران بأنه صورة طبق الأصل من تصرف بلاده الأرعن، التي اعتادت أن تخالف كل الثوابت والأنظمة والقوانين الدولية، والأعراف المعمول بها، في الالتزام بحقوق دول الجوار، والقفز المستمر على السيادة، وكأن لها الحق في كل تصرف تَقْدُم عليه.

ويرى آخرون أن ما أقدم عليه الوزير الإيراني ليس خطأ بروتوكوليًّا عابرًا، وإنما إعلان لمن يهمه الأمر بأن إيران باقية في العراق، ولن تبرحه مهما حدث، وإن هذا البقاء قانوني، بموافقة العراقيين أنفسهم.

الحشد الشعبي

أحداث المؤتمر كانت محل اهتمام ورصد من قِبل المغردين الذين لفتوا النظر إلى أمر مهم، هو أن هناك إغفالاً متعمدًا من المتحدثين في المؤتمر عن الحديث عن الحشد الشعبي والتدخل الإيراني في العراق، وتأثير هذا الأمر على مستقبل العراق وشعبه، وقدرة البلاد على أن يكون لها اليد الطولى في صناعة قرارها السياسي دون تدخُّل من أحد.

وكان وزير خارجية المملكة، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، الوحيد الذي تطرق في كلمته للحديث عن الحشد الشعبي، وتأثيراته السلبية على العراق، كما تطرق إلى التدخل الإيراني في العراق، وأسبابه ودوافعه المؤثرة على مستقبل العراق وشعبه.