كل الذين شاهدوا «نطة» وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لحظة التقاط صورة جماعية للمشاركين في «مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون» وانتقاله من الصف الثاني حيث يقف وزراء الخارجية وحيث يجب أن يقف إلى الصف الأول المخصص لقادة الدول المشاركة وحشر نفسه بينهم وصفوها بالتجاوز غير المقبول. ولأن ما فعله خطأ واعتداء على البروتوكول، ولأنه دبلوماسي قديم وليس جديداً على الكار، لذا صار الجميع يبحث عن إجابة مقنعة لهذا الذي فعله، وصار لزاماً عليه وعلى إيران التي يمثلها توفير تبرير منطقي لهذا الذي أربك المشهد وأحرج القيادة العراقية.

ما قام به عبد اللهيان كان متعمداً وليس «غشامة» أو قلة خبرة وليس نتيجة ارتباكه في تلك اللحظة، وهذا يعني أنه فعل ذلك بتوجيه من قيادته، وليس بعيداً أن يكون اختياره الوقوف بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية هو تنفيذاً لتعليمات تلقاها من خامنئي مباشرة، إذ من غير المعقول أن يتصرف هكذا من تلقاء نفسه ويرتكب خطأ لا يقع فيه حتى من لا علاقة له بالعمل الدبلوماسي والإيتيكيت.

اختلفت الآراء والتفسيرات واختلفت صور التعبير عن الغضب والانزعاج من هكذا تصرف غير دبلوماسي، والتقدير هو أن النظام الإيراني سعى إلى إفشال المؤتمر لاعتقاده بأن الولايات المتحدة هي التي طلبت من العراق «العمل على تقوية علاقاته بالحكومات العربية في محاولة لمواجهة توسع النفوذ الإيراني»، ولعل هذا هو التفسير الأقرب لما حدث، فإيران تعتبر العراق تابعاً لها وتعتبر طلب الولايات المتحدة منه القيام بمثل هذه المهمة – لو صح ذلك - تجاوزاً وتطاولاً عليها.. و«تدخلاً مرفوضاً في شؤونها الداخلية»!

حتى ساعة نشر هذا المقال لم تعتذر إيران عن خطأ ممثلها في المؤتمر، ولا تفسير لهذا سوى أن «النطة» كانت متعمدة.