رؤى الحايكي

تطرقت في مقال سابق إلى مرحلة المراهقة وكيفية التعامل مع الأبناء في ظل الجائحة من خلال بعض التقارير لمختصين في المجال. نتفق جميعا بأن التعامل مع مرحلة المراهقة يتطلب حذراً واهتماماً خاصاً؛ فجميعنا يعي تماماً أن الإجراءات الاحترازية التي طبقت كانت تحد من حرية ونشاط المراهقين، الأمر الذي لم يكن سهلاً عليهم قبوله وسط القلق والخوف المضاعف المحيط بهم بسبب فكرة المرض والموت المنتشر في العالم. كما تطرقت أيضاً إلى تحليل أسباب قلق المراهقين المضاعف مقارنة بالكبار، ذلك لكونهم يستوعبون المعلومات حالهم حال البالغين، ويمكنهم الحصول على المعلومات المختلفة عن الوباء ومستجدات الأحداث من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الإنترنت أو التلفزيون سواء من مصادر موثوقة أو غير موثوقة وغير دقيقة أحياناً، وبعضها يبالغ في الطرح ويقدم تصورات مختلفة تسبب نوعاً من الهلع والتوتر الشديد.

ولمتابعة مستجدات المختصين المتعلقة بمرحلة المراهقة خلال الجائحة، سأعرض ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط عن الموضوع في تقرير مفصل منذ قرابة شهرين، حيث حذّر عالم نفس أمريكي من أزمة ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب بين المراهقين بشكل ملحوظ منذ تفشي فيروس كورونا، مشيراً إلى ضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة في أسرع وقت ممكن. ونقلت شبكة «سي إن إن» الأمريكية عن جون دافي، عالم النفس ومؤلف كتاب تربية المراهقين الجدد في عصر القلق، قوله إن عيادته النفسية شهدت خلال العام الماضي زيادة كبيرة في عدد المراهقين الذين جاؤوا يبحثون عن مساعدة بعد إصابتهم بقلق بالغ واكتئاب وانعدام أمان.

وأضاف قائلاً: «لقد جعل الوباء الأمور أسوأ بكثير بالنسبة إلى المراهقين، إما بسبب قلة التواصل مع الأصدقاء أو عدم ممارسة النشاطات الاجتماعية المختلفة مع زيادة تدفق الأخبار السلبية فيما يخص فيروس كورونا. وقد حاول كثير من المراهقين التواصل اجتماعياً مع الأصدقاء من خلال تطبيقات (تيك توك) و(سناب شات)، الأمر الذي جاء بنتيجة عكسية وزاد من مستويات التوتر لديهم».

كما أوضح الطبيب دافي أن بعض مرضاه من المراهقين يشعرون باليأس والاكتئاب والقلق بشكل لم يسبق له أن رآه من قبل، وأن معظمهم كانوا يعتبرون أنفسهم أشخاصاً إيجابيين ومتفائلين قبل تفشي الوباء. في حين أنهم يتناولون الآن أدوية للتصدي للاكتئاب والقلق.

وعلى الرغم من أن هذه الملاحظات قد رصدت في مجتمعات بعيدة عنا جغرافياً فإن الظروف المحيطة بالمراهقين ووسائل التواصل الاجتماعي قربت المشهد، بل يمكن القول إننا نشهد مشاهد متكررة وظروفاً نفسية مشابهة لأولئك المراهقين. ولأننا نحن كأولياء أمور نعتبر السند لأبنائنا وأساس فكرة الأمان علينا دائماً أن نكون مطلعين على كل جديد ومفيد لكي يتسنى لنا مساعدة أبنائنا وتجنب المشكلات التي يمكنهم خوضها. كما يمكننا أن نناقشهم بعقل وحكمة وأن نمدهم بالدعم العاطفي وأن نزرع معهم الأمل والتفاؤل بالغد برغم صعوبة الأيام.