جائحة كورونا فرضت على العالم أجمع أموراً كثيرة وسياسات مختلفة عما قبل كورونا، فتغيرت الكثير من المفاهيم وأصبحت التكنولوجيا والرقمنة هي بطل الحدث.

فلقد تم اعتماد سياسة العمل عن بُعد ولقد أثبتت نجاحاً باهراً في القطاع الحكومي والقطاع الخاص حيث أسلوب العمل عن بُعد يعمل على تقليل حركة التنقل من وإلى العمل، الأمر الذي يوفر الكثير من الوقت والتكلفة ويحل مشكلة الاختناقات المرورية، كما أن العمل عن بُعد يحقق مرونة في أداء العديد من الوظائف التي يستطيع الموظف أداءها.

إن انتهاج سياسة العمل عن بُعد أثمرت نتائج طيبة في أداء الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة حيث زيادة معدلات إنتاجية الموظفين عن بُعد، سرعه في أداء المهام، تقليل نسبة الغياب، تقليل من المصروفات التشغيلية والتكاليف غير المباشرة نتيجة تقليص عدد تنقلاتهم اليومية من وإلى العمل وحتى السفر للخارج لحضور الاجتماعات أو المؤتمرات.

إن من أهم مزايا العمل عن بُعد أنه يحقق فرصاً كبيرة للاحتفاظ بالموظفين المهرة، الذين قد يفكرون أوقاتاً في ترك وظائفهم لعدم مناسبتها لأماكن إقامتهم. كما أنه يعطي فرصاً كبيرة لتوظيف أصحاب الهمم الذين تمنعهم ظروف إعاقتهم الجسدية من التنقل من وإلى المقر الرئيسي للعمل.

ويخلق هذا الأسلوب في العمل فرصاً جديرة للمرأة العاملة بحيث وجودها في بيئة صحية تخلق لها توازناً وتسمح لها بأداء دورها ومسؤوليتها الاجتماعية تجاه المنزل ورعاية الأطفال تنال الاهتمام. ويتيح العمل عن بُعد المرونة في تحديد ساعات العمل ومكانه، ما يمكنها من أداء مهامها الوظيفية والقيام بالمتطلبات اليومية بسهولة،إضافة إلى قضاء وقت أكبر مع الأسرة وسهولة متابعة شؤون تربية الأولاد وشؤون تعليمهم ورعايتهم. وإثبات الذات وبلورة المهارات والإمكانيات الخاصة بها وتنميتها. كما يمكنها من التغلب على تحديات العمل التقليدي.كل ذلك يساعد على بناء أسرة متماسكة في مجتمع متماسك قادر على الإبداع والتطور والنمو وتحقيق تنمية مستدامة.

كما أن العمل عن بُعد يحقق الكثير من الفرص ويشجع على زيادة الاستثمار ويفتح آفاقاً أوسع للموظفين وأصحاب العمل حيث يتيح لصاحب العمل البحث عن كفاءات في مناطق متنوعة ولن يكون محصوراً في البحث عن الكفاءات والمواهب في المنطقة التي يقع فيها مقر العمل.

ما سبق هو جزء من ثمار ونتائج سياسة العمل عن بُعد، وهي نجاحات تحقق كثيراً من أهداف التنمية المستدامة وتساهم بشكل جذري في تنمية وتطوير المجتمع، وتماشياً مع التحول نحو الاقتصاد الرقمي ورؤية مملكة البحرين 2030 فإن انتهاج سياسة العمل عن بُعد يجب أن تدرس جيداً وتستمر معنا لما بعد كورونا، وهو ما يستلزم معه مراجعة الخطط والاستراتيجيات التي وضعت قبل كورونا لتتناسب مع هذه التغيرات الكبرى التي تجتاح العالم.