في مختلف المراحل العمرية التي تمر بها أثناء المسير، تصادف في المحيط الحياتي العديد من الأصناف التي تتفاعل معك من خلال تلك السطور التي تكتبها في يومياتك في فصول الحياة. بعضها يستحق التقدير والامتنان، والبعض الآخر تمتن له على بعض المواقف الإنسانية النبيلة المحدودة، فيما يبتعد الصنف الأخير عن التفاعل مع يومياتك لسبب أو لآخر.

- مهما حاولت أن تعيد أنغام التواصل معه وتفتح له قلبك، لأنه كان معك في يوم ما يتلقى الخير ويتدرب على مهارات الحياة. فإنك تجده اليوم «جاف المشاعر» لا يأبه بتواصلك ولا يلتفت أن يعود إلى تلك البوابة التي صنعتها له في حقبة مضت. فهو لا يعطي «للوفاء» قيمة في تعامله معك. باختصار «كل شي تغير وكل واحد مشغول بحياته كما يقول».

- مهما قصرت في حقه وأنستك الأيام وصاله، فإنه لا يتوقف عن «دق الباب» عليك بين الفينة والأخرى. لأن «حبه لك» لم تغيره الأيام والأعمار، فوصاله لك هو عبارة عن «وفاء حقيقي» وإخلاص لمعاني المحبة في الله تعالى.

- لا يلتفت للظروف الحياتية وإن كانت قاسية أحياناً، لأنه مؤمن إنما المسير في الحياة، هو عبارة عن قوة إيمانية يستمدها من المولى الكريم، فلا يتغير ولا تغيره الظروف ولا يظل حبيساً بين جدران الحياة. فهو مؤمن بأن العطاء لا يوقفه شيء.

- استنفر طاقاته في عمر وزمن وظروف ما.. فجأة تغير كل شيء وانجرف مع تلك الظروف التي غيرته كثيراً فاتجه إلى «الطاقة الذاتية» وابتعد كثيراً عن أفراد الأثر الذين صنع معهم أجمل المواقف، وكتب حينها معهم الدستور الخالد في الحياة.. بأن العطاء للحياة وللوطن لا يوقفه شيء.. شعاره معهم.. «ويبقى الأثر». يا ترى هل يستحق أن يكون عضواً فاعلاً في منظومة الأثر؟

- تراه ينادي بأعلى صوته بأهمية التواصل العائلي واللقاءات الحميمية التي تقرب الأجيال وتصنع الشخصيات الأسرية الناضجة في خضم الحياة. ولكن تكتشف أن «منظومته نظرية» بحتة خاوية من عناصر التشويق والتنفيذ العملي. ومثل ما يقولون: «ما تشوفه وقت الجد».

- يحب أن يصنع السعادة والابتسامة مع كل من يتعامل معه، وتراه مبتسماً في أغلب حالاته، ولا يتكلم إلا في موضوعات الإيجابية والسعادة وصناعة التفاؤل والأمل. شخصية جميلة تحب أن تزاملها في أيامك. لأنها تؤمن أن «النظرات السوداوية» ما هي إلا تشويه لجمال الحياة، ورسالة الإنسان السامية التي خلق من أجلها.. وهي خلافة الله في الأرض. فهل هناك أجمل من معاني الجمال في هذه الخلافة التي تنبثق من الإحساس بالدور الإنساني الراقي الذي يجب أن يقوم به الإنسان في حياته؟

- مهما «زعلت» منه أو اختلفت معه في بعض الآراء والمواقف. فإن ذلك لا يغير شيئاً من متانة العلاقة والمحبة التي تجمعكما. فتراه يعود إليك سريعاً، ويمسح تلك الوخزات الخفيفة التي مرت مرور الكرام. بل يعود أكثر حباً وشوقاً لك، ويغير من ذلك الروتين الممل الذي ساهم في فتور الأجواء، فيجددها ويعبر عن حبه وشوقه وامتنانه. هي الصورة المضيئة التي تجمل حياتك.. تكتشف أنها الأصل الذي ينبغي أن تتفاعل معه.. بلا اعتبارات تذكر لهوامش الحياة.

- عندما تدار المواقف بحسب أمزجة وأهواء البشر ومصالحهم الشخصية، فإن ذلك يساهم بلا شك في تعطيل المصالح وفقدان العدالة والمصداقية في التعامل مع الأمور. هي أصناف تعتقد أنها الأبقى على كرسي المصالح ورؤى غيرها غير صالحة في التنفيذ ما دامت تخالف رؤاها ونظراتها «الثاقبة». باختصار أي منظومة حياتية يجب أن تصاغ بأسلوب إداري رصين يكسى «بالنظرات الإنسانية» ووفق إجراءات واضحة تتناقلها الأجيال، وهو الأثر المنظم الذي سيبقى.

ومضة أمل

«يا عباس يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة».