^  لن يغفر لنا التاريخ أبداً إن لم نقل كلمة حق (كما نراها) في هذا التوقيت من عمر الوطن، الحديث عن مستقبل الوطن ليس كأي حديث، قد نخطئ في حق أنفسنا، لكن الخطأ في حق الوطن كارثة وجريمة لا تغتفر. بينت سابقاً أن مبدأ الحوار هو مبدأ جميل، ولن يرفضه العقلاء، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالوطن، فلن تجدوا بحرينياً (حقيقياً) إلا ويقول لكم إنه مع الحوار إذا كان يخدم مستقبل البحرين. غير أن المسألة ليست في المبدأ اليوم؛ هناك شبه إجماع على المبدأ، لكن المسألة هي أننا كمجتمع فرغنا للتو من حوار التوافق الوطني، وكان حواراً جيداً للغاية، وما أعجبني فيه حقيقة أنه لم يتجاهل حتى المقيمين من جميع الأديان والأعراق، فهؤلاء شركاء معنا في الوطن ولا ينبغي تجاهل رأيهم بل قد يكون لديهم رأي أفضل مما لدى بعض المواطنين. لا أعرف حقيقة أين وصلت توصيات تتعلق بالمقيمين، غير أن الحوار في حينها كان جيداً جداً، وضم كافة شرائح المجتمع، حتى وإن انسحبت الوفاق بذرائع أو بتوجيهات محلية (الولي الفقيه) أو خارجية من الشرق أو من الغرب، وكان قرارها هي من تتحمله، فلا يجب أن يتحمل المجتمع البحريني (مراهقة الوفاق السياسية) في انسحابها. من هنا يأتي رفض أناس كثر لمبدأ التحاور على طريقة (نرهب ونغلق الشوارع ونحرق البلد، لتذعنوا لمطالبنا) هذا هو المرفوض في الحوار. هناك من يهدد الدولة بالشارع (سيناريو التسعينيات، وبداية الألفية، والآن أيضاً بعد عشر سنوات يعاد السيناريو) وهذا هو المرفوض، وليس الحوار، فمن يحرق البلد من أجل أن يحصل على ما يريد، سوف يحرقها غداً، بمطالب أخرى تتعدى الشروط الحالية. هل ذاكرة الوطن صغيرة إلى هذه الدرجة، كأني أسمع حتى الساعة صوت مطالب إسقاط النظام، وأرى مشهد إغلاق المنامة، والتظاهر يومياً في في طرقاتها في وقت العمل، لن أقول مشاهد الدماء الأخرى، لكن الذاكرة حبلى بمشاهد مأساوية يراد لنا أن ننساها من أجل خاطر من يحرق البلد من أجل إخضاع الدولة لمطالبة. هناك خطأ أيضاً في توقيت الحوار، المشهد الإقليمي إلى تغيير، وهذا التغيير سوف يلقي بظلاله على البحرين تحديداً، فلا ينبغي أن نستبق الأحداث بتقديم (كعكة هدية الانقلاب) إلى من قال “ارحلوا” و«يسقط النظام”، ببساطة من قال ذلك يريد النظام ويريد الحكم، مقايضة وقف الإرهاب بتنازلات وطنية تبقى أكبر خسائر الوطن، سيادة القانون هي التي يجب أن تسود، من أراد أن يدخل مجلس النواب فهذا حق له، ومن يمتنع يجعل نفسه خارج اللعبة السياسية وهذا شأنه. سيادة القانون في تطبيق القانون في الشارع على الجميع، أهالي المحرق وأهالي الدراز، جميعاً لا نريد تمييزاً أو تبايناً في تطبيق القانون عليهم، هذا مطلب حقيقي، والأمن ليس مجالاً للتلاعب فيه، أو جعله بأرضية رخوة. الحوار كمبدأ لا غبار عليه، لكن ليس تحت تهديد الإرهاب، وليس من أجل تقديم هدايا لمن يريد إسقاط النظام، فنقول له «بارك الله فيك.. حاول بعد عامين سيكون الوضع أفضل لك بعد مكاسب الحوار»!