بعد صراع استمر لعدة سنوات بين عدد من دول العالم وشركات التكنولوجيا، تم الاتفاق على وضع حد أدنى للضريبة على الشركات متعددة الجنسيات.

وأشادت كبرى الاقتصادات في العالم، بتوصل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لاتفاق بشأن الحد الأدنى لضرائب الشركات الكبري، وعلي رأسها عمالقة التكنولوجيا، والتواصل الاجتماعي، ووصفت إياها بأنه إنجاز للدبلوماسية الاقتصادية، لا يحدث إلا كل جيل.

وأكد وزراء مالية أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، أن اتفاق الإصلاحات الضريبية يفتح الطريق لنظام أكثر عدالة، وأنه إنجاز لا يحدث إلا كل جيل، وسيطلق "ثورة مالية"، فيما طالبت سويسرا بمزيد من الوقت لتطبيق الإصلاحات الضريبية.

موافقة 136 دولة

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الجمعة، إن اتفاقا عالميا تم التوصل له لضمان دفع الشركات الكبرى حدا أدنى من الضرائب تبلغ نسبته 15%.

وتابعت المنظمة الدولية، أن هذا الاتفاق، يجعل من الأصعب على تلك الشركات تجنب دفع الضرائب، مشيرة إلى أن 136 دولة وافقت عليه، وذلك حسب رويترز.

عمالقة التكنولوجيا الكبرى

ويشمل الإتفاق على محورين أساسيين، أولا اعادة تخصيص أرباح الشركات على أساس أماكن استهلاك المنتجات والخدمات، ثانيا، تخصيص الحد الأدنى لضريبة الشركات عند 15%، وذلك للشركات التي تصل أرباحها بحد أدنى لـ 750 مليون يورو، ما يعادل 866 مليون دولار.

ويستهدف الإصلاح الضريبي، عمالقة التكنولوجيا الكبرى التي تدفع ضرائب زهيدة رغم الأرباح الكبيرة التي تحققها وتصل قيمتها إلى عشرات مليارات وحتى مئات مليارات الدولارات، عبر إنشاء مقراتها في دول حيث معدّل الضريبة على الشركات منخفض أو حتى منعدم.

انتهي السباق للقاع

ورحب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الجمعة، باتفاق الضرائب العالمي، وقال إنها ستساعد الأسر العاملة في أمريكا.

وأضاف بايدن الذي ساند الفكرة بقوة: "على مدى عقود، دفع العمال الأمريكيون ودافعو الضرائب ثمن نظام ضريبي كافأ الشركات متعددة الجنسيات عن نقل الوظائف والأرباح إلى الخارج".

ومضى قائلا: "هذا السباق إلى القاع لم يضر العمال الأمريكيين فحسب بل وضع كثيرين من حلفائنا في تنافس على الضرر كذلك".

نظام أكثر عدالة

وأشاد وزير المالية البريطاني، ريشي سوناك، الجمعة، بتعاون المجتمع الدولي بعد أن وافقت 136 دولة على اتفاق الإصلاحات ضريبية.

وقال، إنه أصبح هناك الآن "طريق واضح المعالم لنظام ضريبي أكثر عدلا".

وأضاف سوناك في بيان: "أشعر بالفخر لأن بريطانيا قامت بدور رائد في الجهود العالمية لتطوير النظام الضريبي العالمي، وفق مقتضيات العصر الحديث، وهي أولوية كبرى لرئاستنا لمجموعة السبع".

ومضى قائلا: "أصبح أمامنا الآن طريق واضح المعالم لنظام ضريبي أكثر عدلا، بحيث يدفع اللاعبين الكبار على مستوى العالم نصيبهم العادل في أي مكان يعملون فيه".

إنجاز لا يحدث إلا كل جيل

وصفت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، اتفاقا عالميا تم التوصل إليه، الجمعة، يضمن أن تدفع الشركات الكبيرة نسبة ضرائب بحد أدنى 15% على الأقل بأنه نصر للأسر الأمريكية، وكذلك لمجتمع الأعمال الدولي.

وقالت في بيان: "حولنا مفاوضات مضنية، إلى عقود من الرخاء المتزايد لكل من أمريكا والعالم".

وتابعت يلين : "اتفاق اليوم يمثل انجازا يتحقق مرة في الجيل للدبلوماسية الاقتصادية".

ثورة مالية

قال وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، إن الاتفاق الذي تم التوصل له فيما يتعلق بتحديد حد أدنى عالمي لضرائب الشركات يبلغ 15%، سيضمن أن عمالقة القطاع الرقمي سيدفعون قسما عادلا من الضرائب في الدول التي يحصلون فيها على دخل.

وأضاف في بيان بثه التلفزيون: "هذا الاتفاق يفتح الطريق أمام ثورة مالية حقيقية".

مزيد من الوقت

بينما طلبت سويسرا، الجمعة، مزيدا من الوقت والوضوح فيما يتعلق بالموقف القانوني قبل تطبيق الإجراءات الضريبية الجديدة، وذلك بعد أن أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن التوصل لاتفاق بشأن الحد الأدنى العالمي للضرائب على الشركات.

وقالت وزارة المالية في بيان إن: "سويسرا تطالب بأخذ مصالح الاقتصادات الصغيرة القوية في الاعتبار عند التنفيذ، وضمان الوضوح في الموقف القانوني بالنسبة للشركات المعنية بالأمر".

وأضافت، أنه لن يكون من الممكن تطبيق القواعد الجديدة بحلول 2023 الذي ترتئيه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

دور مجموعة السبع

ومنتصف يونيو/حزيران الماضي اتفقت دول مجموعة السبع على الالتزام بحد أدنى من الضريبة العالمية على الشركات بنسبة 15% على الأقل وفقا لما تحدده كل دولة.

وقد يدر الاتفاق عشرات مليارات الدولارات على الحكومات بعد أن استنزفت جائحة كورونا خزائنها.

وتوصل وزراء مالية مجموعة السبع الصناعية الكبرى خلال اجتماعهم في لندن إلى اتفاق وصف بـ"التاريخي" بشأن فرض ضريبة على شركات التكنولوجيا العملاقة متعددة الجنسيات، بحسب ما ذكره وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك في تغريدة على موقع "تويتر" في الخامس من يونيو/حزيران الماضي.

وأضاف: "إنني سعيد لأن أعلن اليوم بعد سنوات من المناقشات أن وزراء مالية مجموعة السبع توصلوا إلى اتفاق تاريخي لإصلاح النظام الضريبي العالمي".

تعويض حزم التحفيز

وتسعى دول العالم كله إلى تعويض الأموال التي صُرفت في إطار برامج الدعم الاقتصادي أو الإنعاش في مواجهة الأزمة الوبائية.

وكانت الولايات المتحدة طرحت أولا ضريبة دنيا على الشركات بنسبة 21% قبل أن تخفضها إلى 15 % في محاولة لجمع تأييد عدد أكبر من الدول.

فيسبوك تتوقع دفع ضرائب أكثر

قالت شركة فيسبوك، إن الاتفاق العالمي الجديد الذي يضمن أن تدفع الشركات الكبيرة ضريبة بنسبة 15% كحد أدنى يمكن أن يجعل الشركة تدفع المزيد من الضرائب.

وقال نائب رئيس شركة فيسبوك للشؤون العالمية نيك كليج في بيان "لوقت طويل دعت فيسبوك إلى إصلاح قواعد الضريبة العالمية، وندرك أن هذا يمكن أن يعني (بالنسبة لنا) دفع ضرائب أكثر، وفي أماكن مختلفة".

ومضى قائلا "يحتاج النظام الضريبي إلى أن يحظى بالثقة العامة في حين يحقق للشركات الاستقرار. نحن سعداء بأن نرى توافقا دوليا" في هذا المجال.