إرم نيوز
لا يكاد يمر أسبوع في العراق، دون تسجيل حالة عنف أسري، وخاصة ضد الأطفال، وسط دعوات لوضع حد لتلك الممارسات التي تتنافى مع القيم الدينية والإنسانية، وفقا لخبراء في علم الاجتماع والنفس ورجال دين.
ولم تعد الممارسات مقتصرة على الضرب، أو ”التأديب" كما يسميها القانون العراقي، بل بلغت حد التعذيب، والقسوة غير المفهومة، وصولا إلى تصوير الأبناء وهم في حالة إنسانية صعبة.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، مؤخرا، بواقعة، ”المشهد الوحشي" عندما أظهر مقطع مرئي، أبا وهو يقيد ولده، بسلاسل الحديد، ويعذبه، بطريقة قاسية، بينما تسيل الدماء على وجه الطفل، ما أثار ردود فعل غاضبة، ومطالبات بفتح هذا الملف على مستوى البلاد، ووضع الحلول الصحيحة.
وتمكنت القوات العراقية عقب ذلك من الوصول إلى الأب واعتقاله، وفتح تحقيق بالواقعة.
العنف الأسري بالأرقام
وتثير الأرقام المعلنة من الجهات المختصة، قلق المنظمات الحقوقية، والناشطين في مجال حقوق الإنسان.
وكان مجلس القضاء الأعلى أعلن الشهر الفائت، أن تقريرا فصليا لرئاسة محكمة استئناف الرصافة كشف عن تسجيل أكثر من (1500) حالة عنف أسري خلال الأشهر الثلاث الماضية.
وذكر المجلس أن ”التقرير الفصلي الذي يصدر كل ثلاثة أشهر لـ (حزيران وتموز وآب) سجلت فيه المحاكم التابعة لرئاسة استئناف بغداد الرصافة (1543) قضية عنف أسري بواقع (5) حالات ضد الأطفال و(1449) حالة ضد النساء و(89) حالة ضد كبار السن".
وأضاف أن ”شهر حزيران شهد تسجيل (489) حالة عنف ضد النساء و(25) حالة ضد كبار السن، فيما لم تسجل أية حالة عنف ضد الأطفال، لافتا إلى أن شهر تموز شهد تسجيل (3) حالات ضد الأطفال و(496) حالة ضد النساء و (29) حالة ضد كبار السن".
وتابع أن ”شهر آب سجل حالتين فقط ضد الأطفال و (464) حالة ضد النساء و(35) حالة ضد كبار السن"، وفقاً لوكالة أنباء العراق.
حالات مسكوت عنها
وأكد ضابط في مديرية حماية الأسرة والطفل، بوزارة الداخلية العراقية، أن ”مثل تلك الحالات نرصدها بشكل متكرر، ويكاد أن يكون يوميا، لكنها لا تظهر إلى وسائل الإعلام، ونعمل بسرية تامة لمعالجتها"، مشيرا إلى ”رصد حالات أخرى، مثل ربط الأبناء لفترة طويلة، داخل المنازل، وعدم السماح لذويهم، بحل قيودهم، أو الضرب بآلات حادة".
ولفت الضابط، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن ”بعض الحالات تكون غير مفهومة بالنسبة لنا، وغير مبررة بأي شكل، حتى وفق منطق الجاني، ما دعانا إلى التخطيط لإطلاق حملة وطنية كبرى، بالتعاون مع هيئة الإعلام والاتصالات، والجهات الساندة، والقضاء، وتفعيل بعض الفقرات القانونية، التي ما زالت مغيّبة بسبب التقاليد والأعراف وغير ذلك".
وبحسب الضابط فإن ”بعض الممارسات الوحشية، تأتي بسبب ارتكاب الأطفال أو الفتيان أعمالا منافية للآداب، وهذا ما رصدناه في بعض الأحيان، مثل ممارسة الشذوذ الجنسي، وغيره، ما يثير غضب ذويه الذين ربما يفقدون أعصابهم، وبهدف تصحيح الخطأ يرتكبون أخطاءً أخرى، لا تصب في صالح أبنائهم".
ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى التي تظهر تعذيب الأطفال أو تعنيفهم، فقد ظهر قبل عدة أشهر مقطع فيديو لأب قُبض عليه كونه يتحرش جنسيا بأولاده، كما عرض التلفزيون الرسمي العام الماضي حادثة قتل أب لأولاده الأربعة حرقا في مدينة كربلاء، انتقاما من زوجته بعد تركها المنزل.
تصاعد في العاصمة بغداد
وبحسب مسؤولين، فإن العاصمة بغداد، هي أكثر المناطق التي تشهد العنف ضد الأطفال، وهذا يعود إلى تعداد سكانها البالغ نحو 10 ملايين نسمة، وموجة النزوح، التي حصلت خلال سيطرة تنظيم داعش، واختلاط الثقافات، فضلا عن القادمين من المحافظات والمدن الفقيرة للعمل في العاصمة، وهو ما يجعلها محط أنظار الجميع.
كما يرى مختصون أن ضعف برامج التعليم، والتسيب من المدارس، وسيطرة الفئة غير المتعلمة على المشهد الاجتماعي، والسكن في العشوائيات، والمناطق خارج التصميم، بما تحمله من تجاوزات، وأمراض، وغياب للخدمات الأساسية مثل الماء، والكهرباء، فضلا عن قساوة الظروف المعاشية، وحتى المناخية، كلها تُسهم في توليد ثقافة العنف ضد الأسرة والطفل.
الجانب الاقتصادي هو ”السرّ"
بدورها ترى الباحثة في الشأن الاجتماعي، شهرزاد العبدلي، أن ”أكثر أنواع العنف يأتي بسبب الظروف الاقتصادية، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بها، فكلما كانت الحالة الاقتصادية، مزدهرة لدى الأفراد والمجتمعات، غابت حالات العنف الأسري، وبالعكس، وهذ ما يجعل الطريق أمام الحكومة واضحا، بأنها تلجأ إلى الجانب الاقتصادي، وتنعش الاستثمار، وتوفر فرص العمل، لتقويم المجتمع، وتقليل الجريمة، والتجارة غير المشروعة".
وأضافت العبدلي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ”الإنسان يحمل في داخله الخير والشر، لكن الظروف التي يمر بها العراق تستنفر الشر الكامن في النفوس، ما ينعكس سريعا على البيئة المحيطة بالأفراد وهم الأسرة"، لافتة إلى ”ضرورة إطلاق برامج التوعية في الأرياف والمناطق البعيدة، وعرض تلك المسألة بطرق مختلفة مثل المسرحيات، وبرامج التوعية".
وتغيب القوانين الحامية للأسرة والطفل، بشكل حقيقي، ضمن مدونة التشريعات العراقية، ما دفع رئيس الجمهورية برهم صالح، إلى إرسال قانون لمجلس النواب، خلال الأشهر الماضية، للحد من تلك الحالات.
لا يكاد يمر أسبوع في العراق، دون تسجيل حالة عنف أسري، وخاصة ضد الأطفال، وسط دعوات لوضع حد لتلك الممارسات التي تتنافى مع القيم الدينية والإنسانية، وفقا لخبراء في علم الاجتماع والنفس ورجال دين.
ولم تعد الممارسات مقتصرة على الضرب، أو ”التأديب" كما يسميها القانون العراقي، بل بلغت حد التعذيب، والقسوة غير المفهومة، وصولا إلى تصوير الأبناء وهم في حالة إنسانية صعبة.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، مؤخرا، بواقعة، ”المشهد الوحشي" عندما أظهر مقطع مرئي، أبا وهو يقيد ولده، بسلاسل الحديد، ويعذبه، بطريقة قاسية، بينما تسيل الدماء على وجه الطفل، ما أثار ردود فعل غاضبة، ومطالبات بفتح هذا الملف على مستوى البلاد، ووضع الحلول الصحيحة.
وتمكنت القوات العراقية عقب ذلك من الوصول إلى الأب واعتقاله، وفتح تحقيق بالواقعة.
العنف الأسري بالأرقام
وتثير الأرقام المعلنة من الجهات المختصة، قلق المنظمات الحقوقية، والناشطين في مجال حقوق الإنسان.
وكان مجلس القضاء الأعلى أعلن الشهر الفائت، أن تقريرا فصليا لرئاسة محكمة استئناف الرصافة كشف عن تسجيل أكثر من (1500) حالة عنف أسري خلال الأشهر الثلاث الماضية.
وذكر المجلس أن ”التقرير الفصلي الذي يصدر كل ثلاثة أشهر لـ (حزيران وتموز وآب) سجلت فيه المحاكم التابعة لرئاسة استئناف بغداد الرصافة (1543) قضية عنف أسري بواقع (5) حالات ضد الأطفال و(1449) حالة ضد النساء و(89) حالة ضد كبار السن".
وأضاف أن ”شهر حزيران شهد تسجيل (489) حالة عنف ضد النساء و(25) حالة ضد كبار السن، فيما لم تسجل أية حالة عنف ضد الأطفال، لافتا إلى أن شهر تموز شهد تسجيل (3) حالات ضد الأطفال و(496) حالة ضد النساء و (29) حالة ضد كبار السن".
وتابع أن ”شهر آب سجل حالتين فقط ضد الأطفال و (464) حالة ضد النساء و(35) حالة ضد كبار السن"، وفقاً لوكالة أنباء العراق.
حالات مسكوت عنها
وأكد ضابط في مديرية حماية الأسرة والطفل، بوزارة الداخلية العراقية، أن ”مثل تلك الحالات نرصدها بشكل متكرر، ويكاد أن يكون يوميا، لكنها لا تظهر إلى وسائل الإعلام، ونعمل بسرية تامة لمعالجتها"، مشيرا إلى ”رصد حالات أخرى، مثل ربط الأبناء لفترة طويلة، داخل المنازل، وعدم السماح لذويهم، بحل قيودهم، أو الضرب بآلات حادة".
ولفت الضابط، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن ”بعض الحالات تكون غير مفهومة بالنسبة لنا، وغير مبررة بأي شكل، حتى وفق منطق الجاني، ما دعانا إلى التخطيط لإطلاق حملة وطنية كبرى، بالتعاون مع هيئة الإعلام والاتصالات، والجهات الساندة، والقضاء، وتفعيل بعض الفقرات القانونية، التي ما زالت مغيّبة بسبب التقاليد والأعراف وغير ذلك".
وبحسب الضابط فإن ”بعض الممارسات الوحشية، تأتي بسبب ارتكاب الأطفال أو الفتيان أعمالا منافية للآداب، وهذا ما رصدناه في بعض الأحيان، مثل ممارسة الشذوذ الجنسي، وغيره، ما يثير غضب ذويه الذين ربما يفقدون أعصابهم، وبهدف تصحيح الخطأ يرتكبون أخطاءً أخرى، لا تصب في صالح أبنائهم".
ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى التي تظهر تعذيب الأطفال أو تعنيفهم، فقد ظهر قبل عدة أشهر مقطع فيديو لأب قُبض عليه كونه يتحرش جنسيا بأولاده، كما عرض التلفزيون الرسمي العام الماضي حادثة قتل أب لأولاده الأربعة حرقا في مدينة كربلاء، انتقاما من زوجته بعد تركها المنزل.
تصاعد في العاصمة بغداد
وبحسب مسؤولين، فإن العاصمة بغداد، هي أكثر المناطق التي تشهد العنف ضد الأطفال، وهذا يعود إلى تعداد سكانها البالغ نحو 10 ملايين نسمة، وموجة النزوح، التي حصلت خلال سيطرة تنظيم داعش، واختلاط الثقافات، فضلا عن القادمين من المحافظات والمدن الفقيرة للعمل في العاصمة، وهو ما يجعلها محط أنظار الجميع.
كما يرى مختصون أن ضعف برامج التعليم، والتسيب من المدارس، وسيطرة الفئة غير المتعلمة على المشهد الاجتماعي، والسكن في العشوائيات، والمناطق خارج التصميم، بما تحمله من تجاوزات، وأمراض، وغياب للخدمات الأساسية مثل الماء، والكهرباء، فضلا عن قساوة الظروف المعاشية، وحتى المناخية، كلها تُسهم في توليد ثقافة العنف ضد الأسرة والطفل.
الجانب الاقتصادي هو ”السرّ"
بدورها ترى الباحثة في الشأن الاجتماعي، شهرزاد العبدلي، أن ”أكثر أنواع العنف يأتي بسبب الظروف الاقتصادية، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بها، فكلما كانت الحالة الاقتصادية، مزدهرة لدى الأفراد والمجتمعات، غابت حالات العنف الأسري، وبالعكس، وهذ ما يجعل الطريق أمام الحكومة واضحا، بأنها تلجأ إلى الجانب الاقتصادي، وتنعش الاستثمار، وتوفر فرص العمل، لتقويم المجتمع، وتقليل الجريمة، والتجارة غير المشروعة".
وأضافت العبدلي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ”الإنسان يحمل في داخله الخير والشر، لكن الظروف التي يمر بها العراق تستنفر الشر الكامن في النفوس، ما ينعكس سريعا على البيئة المحيطة بالأفراد وهم الأسرة"، لافتة إلى ”ضرورة إطلاق برامج التوعية في الأرياف والمناطق البعيدة، وعرض تلك المسألة بطرق مختلفة مثل المسرحيات، وبرامج التوعية".
وتغيب القوانين الحامية للأسرة والطفل، بشكل حقيقي، ضمن مدونة التشريعات العراقية، ما دفع رئيس الجمهورية برهم صالح، إلى إرسال قانون لمجلس النواب، خلال الأشهر الماضية، للحد من تلك الحالات.