العربية.نت
عاود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، وشنّ هجوماً لاذعاً على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام غير حكومية في بلاده، معتبراً أنها "تشكّل تهديداً للديمقراطية والسلم الاجتماعي والأمن القومي"، وذلك خلال كلمته المصوّرة التي بُثت في المنتدى الإعلامي لـ"مجلس الدول الناطقة باللغة التركية" والذي أُسس عام 2009 في إقليم ناخيتشيفان الخاضع لسيطرة أذربيجان رغم وقوعه خارج حدودها.
وقال أردوغان أيضاً خلال مشاركته الافتراضية في "المنتدى الإعلامي" لمجلس الدول الناطقة بالتركية والمنعقد في مدينة اسطنبول برعاية "دائرة الاتصال" في الرئاسة التركية: "مثلما لا نعتمد بالكامل على الأجانب في مجالات الصناعات الدفاعية والشؤون العسكرية، لا يمكننا تكليف الآخرين بمسائل الاتصالات"، مضيفاً في تحدٍّ واضح للمنظمات الدولية التي تنتقد واقع وسائل الإعلام والحريات في تركيا أنه "لا يمكننا أيضاً الوثوق بضمير هؤلاء الذين يعطوننا باستمرار دروساً في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات، ولا بأخلاقهم المهنية".
وقالت أولكو شاهين، وهي محامية تركية تعمل لدى "اتحاد الصحافيين الأتراك" الذي يُعرف اختصاراً بـ TGS ويمثّل أقدم نقابة صحافية تنشط في تركيا منذ العام 1952 إن "الحكومة تعتقد أنها سيطرت بطريقة ما على وسائل الإعلام التقليدية، ولذلك ترى في الديمقراطية التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي تهديداً عليها، ولهذا تريد إبقاءها تحت الضغط والرقابة".
وأضافت لـ"العربية.نت": "في العام الماضي، تمّ الضغط على مقدمي خدمات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال قانونٍ جديد أقرّه البرلمان، ومع ذلك هناك قانون آخر تقول الحكومة إنه ضروري لمحاربة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة".
وكشفت: "إلى الآن، لا توجد مسودة لما تصفه الحكومة بقانون محاربة المحتوى المضلل"، لكن مصدراً في حزب المعارضة الرئيسي وهو "الشعب الجمهوري" كشف لـ"العربية.نت" أن نواب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وحليفه في حزب "الحركة القومية" اليميني، يستعدون لتقديم مقترحٍ جديد للبرلمان في الفترة المقبلة لإقرار تشريع يحدّ أكثر من حرية وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكان أردوغان قد قال أيضاً في كلمته المسجّلة اليوم: "يتعين علينا أن نتدبر أمرنا بأنفسنا في مجال الإعلام والاتصال، كما في بقية القضايا الاستراتيجية"، وهي المرة الثانية التي يهدد فيها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي خلال أقل من شهرين.
وأضاف: "يتعين على العالم التركي"، في إشارة منه إلى الدول الناطقة بالتركية التي انضمت للمجلس الذي تدعمه أنقرة وهي كازاخستان وأذربيجان وقرغيزيا وأوزبكستان وغيرها، تبادل الخبرات في قطاع التواصل و"بحث سبل الاستفادة بأفضل طريقة فاعلة من الإمكانات الذاتية المتاحة".
كما برر الرئيس التركي موقفه العدائي من وسائل التواصل الاجتماعي بالقول إن "الأتراك مستاؤون من ازدواجية المعايير في الإعلام الدولي، إلى جانب استيائهم" مما أطلق عليها اسم "الفاشية الرقمية".
وتطرق الرئيس أردوغان في خضم هجومه الشرس على وسائل الاتصال إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في العالم و"حملات التضليل التي تجري باستخدامها والتي تطول تركيا أيضاً".
كذلك حذّر من أن "وسائل التواصل الاجتماعي غير الخاضعة للرقابة باتت تشكل تهديداً للديمقراطية والسلم الاجتماعي والأمن القومي للدول"، مبرراً ذلك بوجود ملايين الأشخاص العزل في العالم يتعرضون للظلم ويعانون من صدمات خطيرة بسبب الأخبار المشوهة والكاذبة.
وفي أواخر شهر يوليو من العام الماضي، أقرّت أنقرة قانوناً لمواقع التواصل الاجتماعي، وبموجبه أُجبِرت بعض كبرى شركات التواصل على تعيين ممثلين لها، وذلك بهدف التحكم في المحتوى الذي تقدّمه تلك المواقع والذي يتعلق بتركيا، علاوة على فرض غراماتٍ مالية على تلك الشركات في حال لم تستجب للقانون الذي أقره البرلمان التركي بعدما قدّمه نواب الحزب الحاكم وحليفه في حزب "الحركة القومية".
واحتلت تركيا، العام الماضي، المرتبة 154 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2020 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود".
كما حافظت تركيا على موقعها كدولةٍ "غير حرة" وفق تصنيف منظمة "فريدوم هاوس" الأميركية، وذلك لسنواتٍ متتالية منذ عام 2014.