أكدت الخبيرة آنا جوديس من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تدني حالات العنف ضد الطفل في مملكة البحرين مقارنة بزيادة معدلات هذه المشكلة في دول أخرى حول العالم، إذ تعتبر مملكة البحرين من أدنى الدول التي تعاني منها "فالنسبة منخفضة جدا"، وبينت وجود بليون طفل تعرض إلى عنف جسدي أو جنسي أو نفسي خلال العام الماضي حول العالم، وهناك 1 من كل 5 فتيات تتعرضن للإساءات الجنسية، و1 من كل أربعة أولاد يتعرض للإساءة الجسدية ، مبينة أن جرائم القتل تعتبر ضمن أعلى خمس مسببات للموت، وأن 80% من ضحايا القتل هم من الأولاد.
وتحدثت الخبيرة آنا في اليوم الثاني للورشة الإقليمية لقانون العدالة الإصلاحية عن وجود أسباب تؤدي إلى زيادة العنف تختلف في وجودها وتأثيراتها بين الدول، وأوضحت ارتباط العنف ضد الأطفال بالعنف الاسري والعنف ضد النساء، مشيرة إلى وجود آثار مباشرة وأخرى غير مباشرة على الطفل، وبينت أهمية التوجه الكامل لحل مشاكل الأطفال الضحايا وضمان صحتهم الجسدية والصحية والنفسية.
وعبرت عن تطلعها إلى إيجاد نموذج منطقي يضمن التزام الدول في الوقاية من العنف وتعزيز التواصل بين المؤسسات ذات العلاقة، مبينة وجود استراتيجيات مختلفة لقياس الأثر وفق المعايير العلمية منها تحديد المعايير والقيم التي يجب تعميمها، والعمل على الحد من العنف ضد الطفل وإيجاد البيئة الآمنة، ودعم أولياء الأمور وتقديم الرعاية لهم، بعيدا عن مبدأ العقوبة بل يكون القصد هو الإصلاح، وزيادة الوعي الأسري بأوجه العناية، والاهتمام بالتعليم والمهارات الحياتية.
وأكد رئيس القضاء العسكري، رئيس محكمة التمييز العسكرية اللواء حقوقي الدكتور يوسف فليفل أن قانون العدالة الإصلاحية يعد تشريعا متميزا ومتقدما جاء من أجل الحفاظ على حقوق الطفل وتعزيزه، الأمر الذي يأتي مكملا للبنية التشريعية المتقدمة المعنية بالطفل في مملكة البحرين، بما يتوافق مع التوجه العالمي نحو حماية الحقوق الإنسانية.
وأضاف أنه ومن خلال رؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في تطوير المنظومة التشريعية في مملكة البحرين ، نجد أن قانون العدالة الاصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة يعتبر لبنة جديدة من لبنات البناء التشريعي والقضائي العصري في مملكة البحرين بما يتضمنه من حماية أشمل وأعمق لحقوق الطفل ، ولكونه جاء مكملا لجهود مملكة البحرين السابقة المتمثلة في قانون الطفل لسنة ٢٠١٢ ، وقانون الحماية من العنف الأسري لسنة ٢٠١٥ وقانون الأسرة عام ٢٠١٧ وهو أيضا يتوافق مع الجهود المبذولة لتطوير منظومة العدالة الجنائية المتمثلة في قانون التدابير والعقوبات البديلة الصادر عام ٢٠١٧ .
وأكد اللواء حقوقي الدكتور يوسف فليفل أهمية التواصل بين العاملين في مجال العدالة الإصلاحية، موضحا أن مشاركة كل من قضاة المحاكم العسكرية واعضاء من النيابة العسكرية في هذه الورشة الإقليمية النوعية، تأتي بناء علي توجيهات صاحب المعالي القائد العام لقوة دفاع البحرين و تأكيدا لأهمية القانون ودوره في تعزيز البنية القانونية والتشريعية في مملكة البحرين.
وفي السياق ذاته أوضح العميد فواز الحسن آمر الأكاديمية الملكية للشرطة دور الشرطة المتخصصة في تطبيق قانون العدالة الإصلاحية، وبين بدء وزارة الداخلية عام 2007 في استحداث مكتب خاص للنظر في القضايا ذات الطابع الأسري، ومن ثم الاهتمام بالطفل تحديدا، كما تلمست شرطة البحرين أهمية وجود مسار خاص لوقائع الأطفال، الأمر الذي ساهم فيه إيجاد سلسلة من التطورات اللاحقة الهادفة لحماية الطفل من الخطر.
وأوضح العميد الحسن اهتمام الشرطة وعمل الدوريات على رصد أشكال تعرض الأطفال للخطر، والاهتمام برصد أي ممارسات تضر بالطفل مثل التسكع وتسلق الأماكن الخطرة أو التسريح من المدارس، وأي انحراف قد يتعرض له الطفل، إضافة إلى تأمين ممرات سير الأطفال في المدارس وتأمين سلامتهم، مع الاحتفاظ بسجل عن مواقع الخطر ومراقبتها بشكل مستمر، مؤكدا تطلعهم إلى تعزيز دور دوريات الشرطة في مراقبة سلوكيات الأطفال في الأحياء، والحد من المخاطر الالكترونية أيضا ، مؤكدا النجاح في تأهيل عناصر الشرطة النسائية والاستفادة من فطرة الأمومة لديهم في فهم سلوكيات الأطفال وتأمين مصلحتهم.
ومن جانبها أوضحت المحامي العام المستشارة أمينة عيسى وكيل أول التفتيش القضائي نجاح مملكة البحرين في استيفاء المعايير المنطقية والحقوقية للطفل، بما يتماشى مع المعايير الدولية، مع ضمان إيجاد العقوبة المناسبة يستلزم المرور بالإجراءات اللازمة، فالمشرع البحريني نجح في استكمال جوانب القانون وضمان ملائمته مع احتياجات الطفل، منها احترام خصوصيتهم وتفهم حداثة السن، وفي ضمان المعاملة الجنائية الصحيحة واختيار أسلوب الحماية المناسبة ومراعاة المصالح الفضلى للطفل في كل قرار أو حكم، مؤكدة أن الغاية من حماية الطفل هو ضمان تنشئته التنشئة الصالحة.
وأكدت المحامي العام أهمية التعبير عن أوجه وفلسفة القانون، وإصدار الأحكام والأوامر القضائية المبنية على دراسة اجتماعية ونفسية شاملة للطفل الجانح، واستيفاء جميع الإجراءات في جميع مراحل الدعوى وتنفيذ الحكم بحيث تؤكد على حقوق الطفل وتضمن الاستماع إليه وفهم ظروفه ومراعاة خصوصيته، وعدم احتجازه أو سجنه مع البالغين وغيرها من الإجراءات التي تحسب لهذا القانون، مع ضمان حق الطفل في متابعة تعليمه وعدم ادراج الاحكام في صحيفة الاسبقيات الخاصة به.
وأخيرا أكدت القائم بأعمال الوكيل المساعد للرعاية والتأهيل الاجتماعي نجوى جناحي أن صدور قانون العدالة الإصلاحية يضمن صدور أحكام وتدابير تساهم في بناء شخصية الطفل استنادا لنظرية أن الطفل لا يولد كمجرم بل يتشكل سلوكه متأثرا ببيئته، موضحة اختلاف طرق التعامل مع الطفل المتطورة في مركز حماية الطفل وتأمين مكان آمن ومناسب للنظر في حالته عند التعرض للخطر، من هنا شكل المركز منظومة مجتمعية متكاملة في مكان واحد، لتوحيد مكان الخدمات دون تنقل الطفل بين الشرطة والأطباء والمراكز الاجتماعية الأخرى، كما يراعي المركز توحيد هوية مقدمي الخدمة من الجهات المختلفة وفي تعامل إنساني مناسب للطفل، بما يحقق التكامل في تقديم الخدمة والدعم.
ولفتت جناحي إلى اهتمام المركز برصد وتقييم ومباشرة حالات من يتعرض من الأطفال للخطر، كما ويوفر خطا ساخنا لاستقبال البلاغات، واعتبرت ان قانون العدالة الإصلاحية هو نقلة نوعية في التعامل مع الطفل، يتوافق مع فلسفة القانون التي تأتي منسجمة مع النظريات التربوية المختلفة للطفل، وخصوصا في تفسير جريمة الطفل، وكيفية التعامل مع المجني عليه بصفته ضحية لم يجدوا البيئة السليمة الحاضنة لهم، الأمر الذي يعتبر فهما قانونيا متقدما جدا.
واستعرضت جناحي أهداف المركز المتعلقة بحماية الطفل ومتابعة تنفيذ القوانين وانفاذها، وبينت أنواع العنف التي يباشرها المركز، مؤكدة اهتمام مملكة البحرين على حق التعليم لجميع الأطفال، تلاه استعراض أهم المجسات لرصد حالات العنف ضد الأطفال في المجتمع، مؤكدة فاعلية أدوار الجهات المتعاونة مع المركز من وزارات الدولة المعنية ومنظمات المجتمع المدني.