لا ننكر أبداً أن مواقع التواصل الاجتماعي قد فتحت لنا المجال للتعبير عن آرائنا بحرية تامة، فأصبحنا نعبر ونكتب دون قيود، وننتقد أو نعترض على ما لا نتفق معه من تصريحات أو قرارات، ولكن مع مرور الوقت تحول الانتقاد أو الاعتراض إلى شكوى وتذمر، فلا يخلو حساب من التعليقات المتذمرة على أي خبر أو قرار أو تصريح أو حتى إنجاز!

التذمرعادة سيئة انتشرت مؤخراً في مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح البعض يتجاهل الإيجابيات ويركز فقط على السلبيات، ودائماً ما ينتاب المتذمرين الشعور بالاستياء وعدم الرضا والسخط، فيقومون بإلقاء شعورهم بالإحباط أو الضيق من قرار ما لا يصب في مصلحتهم الشخصية على الآخرين الذين يتأثرون بسلبيتهم، حتى وإن كان القرار الذي أصدر في مصلحتهم.

هذا وقد تحول التذمر لدى البعض إلى حالة إدمان، فلا شيء يبدو جيداً في نظرهم، لا حياتهم الأسرية ولا أوضاعهم الاجتماعية أو المادية، فهم دائمو الشكوى التي وصلت إلى حد الإفراط والمبالغة. وغالباً ما يلعب المتذمرون دور الضحية، ويبدأون جمع من هم على شاكلتهم كي يشعروا بالقوة والتأييد، ولا يدركون أنهم أشخاص غير قادرين على التغيير، بل يستمرون في إلقاء اللوم على الآخرين بدلاً من السعي لإيجاد الحلول ووضع المقترحات.

ليس فقط المتذمرون من يساهمون في نشر السلبية التي نجدها في مواقع التواصل الاجتماعي، بل هناك آخرون مصابون بـ«انعدام الشخصية»، وهم الأشخاص الذين يقتبسون التعليقات السلبية ويعيدون كتابتها دون التفكير فيها، ويتبعون نظام النسخ واللصق للتعليق السلبي ذاته! وبالعودة إلى الحديث عمن اتخذوا من مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لنشر شكواهم وتذمرهم المستمر، والذين وصل بهم الحد إلى تشويه سمعة وطنهم، فما من قرار يصدر أو مشروع يبنى، أو إنجاز يحقق، إلا خرجت الفئة المتذمرة المستاءة لنشر سلبيتها وسخطها أمام المئات بل الآلاف من مستخدمي المنصات.

بالصدفة شاهدت فيديو نشرته سائحة من إحدى الدول العربية في أثناء زيارتها الأولى للبحرين، وقالت في تعليقها على الفيديو: لم أكن أعلم أن بلدكم بهذه الروعة، فقد قرأت تعليقات في مواقع التواصل تبين أنها بلد غير سياحي يفتقر إلى الخدمات الجيدة، ولكن الواقع غير ذلك!

أتعلمون أن ما ترسمونه من صورة سلبية عن وطنكم بسبب تذمركم المستمر وسخطكم، قد يسبب ضرراً كبيراً لا تدركونه، أتعلمون أنكم تضرون بسمعة الوطن وترسمون صورة غير واقعية وغير حقيقية.

لم لا تقومون بتحويل سلبيتكم المزعجة إلى مقترحات إيجابية للبناء والإصلاح بدلاً من الأساليب الهدامة التي تستخدمونها.

وماذا لو قام كل شخص بتقديم مقترح للتطوير بدلاً من التذمر وإطلاق الكلمات السلبية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

من حق كل فرد منا التعبير عن رأيه الشخصي سواء بالسلب أو الإيجاب، ولكن ليس من حقك اتباع أسلوب التذمر والتأفف الذي يصل إلى حد نشر صورة غير حقيقية عن وطننا، أو التقليل من جهود الآخرين، أو تحقير إنجازاتهم.

عبير مفتاح