^   إن الحملة الوطنية التي تقودها وزارة التنمية الاجتماعية بعنوان “وِحدة وَحدة “، والتي تستهدف لم الشمل وتمتين اللحمة المجتمعية وإحياء قيم التعايش بين أبناء الطائفتين الكريمتين، يفترض أن تحظى بدعم المجتمع البحريني بكافة مكوِّناته التي يجمعها أكثر بكثير مما يفرِّقها. لقد أفسحت هذه الحملة الفرصة أمام كل أبناء الشعب لالتقاط الأنفاس، والتفكير بهدوءٍ ورويةٍ عما هو مشترك بينهم، وتدارس كيفية تعزيز العلاقات الاجتماعية، على اعتبار أن الوقائع المؤسفة لم ولن تتمّكن من تفتيت عضد الوحدة الوطنية، وإفساد العلاقات الوطيدة التي بٌنيت على مرّ السنين بين السنة والشيعة، فكل محاولات نثر بذور التفرقة والخلاف بينهما مآلها الفشل. أتصوّر أن مهمة إحياء قيم التعايش بين أفراد الطائفتين تتطلّب أكثر من مجرد حملة تدعو إلى تجسيدها، وإعادتها إلى سابق عهدها، فالمطلوب، في نظري، هو توعية أفراد الجيل الصاعد من الشباب والشابات بمدى الخطورة التي تكتنف خطابات الكراهية والضغينة، أياً كانت الأطراف المؤجِّجة لها، فلا يجوز مطلقاً السماح بأن يُسأل المرء عن الطائفة التي ينتمي إليها قبل أن يتم التعاطي معه تحت أي ظرفٍ كان، أو يُجاب طلبه، أو يُنظر في أمره، فقد تربيّنا وتعايشنا جميعاً على المودّة، ولن يفرقنا الخلاف في الرأي والفكرة، وسنظل كذلك إلى يوم الدين. إن أي خلاف في الرأي بين السني والشيعي حول قضيةٍ ما، سياسية أو اجتماعية، هو من سنن الطبيعة البشرية، وهو لم، ولن يكون، نهاية العالم، فالناس يختلفون طوال الوقت في أفكارهم وتصوّراتهم حول الأشياء والموضوعات ولأسبابٍ قد لا تكون بالضرورة جوهرية أو مهمة. وإذا اندفع شخص ما، في وقتٍ ما، لتبنِّي آراءً قد لا يراها الشخص الآخر حصيفةً أو سديدةً، فمن واجبه، كأخ له في الدين أولاً، وكمواطن يعيش معه على البقعة ذاتها، ويتقاسم معه المصير المشترك، والأحلام المشتركة، أن يساعده على تبيّن الحقيقة، علماً بأن الحقيقة نسبية، وتحتمل عدة أوجه؛ ومن المهم جداً في هذا السياق ألا تتم المزايدة على الوطنيّة، فكلنا وطنيّون، وكلنا نريد لهذا الوطن أن ترفرف فوقه رايات السلم والأمن، وأن تنتصر فيه قيم التعايش والتسامح!