قرأت منذ عدة أيام في إحدى الصحف العربية خبر وفاة سيدة أردنية، وهي أم لثلاثة أطفال. توفيت هذه السيدة بسبب تعرضها لصراخ ولإهانات من مديرها في العمل. وبسبب قهرها والضغط الذي مارسه مديرها عليها لكي يجبرها على العمل ساعات طويلة ومتواصلة، وبسبب عدم إنصافها وعدم معاملتها بمهنية، بل تهديدها بالفصل عندما لجأت لتقديم الشكوى للمدير العام أملاً في إيجاد مخرج لما هي فيه، كل ذلك أدى إلى ارتفاع ضغط الدم لديها، ومن ثم انفجار شرايينها، فسقطت على الأرض وفارقت الحياة مباشرة.
لقد أثار الخبر موجة سخط وغضب شديد في أوساط المملكة الأردنية بسبب الظلم الكبير الذي وقع على هذه السيدة في محيط العمل، وهو أمر مرفوض تماماً. مؤكد أنه لا يستطيع أحد أن يقول إن ذلك اليوم وتلك الساعة ليست ساعة موتها وليس قدرها المكتوب على جبينها، ولكننا لا بد من أن ننظر إلى الأسباب ونتمعن في الممارسات غير الإنسانية وغير الأخلاقية وغير المهنية التي تعرضت لها هذه السيدة في محيط عملها، بل نرفضها ونطالب بمعاقبة المسؤولين.
إن هذه النوعية من الممارسات كثيرة وتتكرر كل يوم خلف جدران المؤسسات والشركات وحتى الدوائر الحكومية في كل البلدان على اختلاف ثقافاتها ودياناتها، ولا بد من ملاحظة هذه السلوكيات وتقويمها وعدم غض البصر عنها. إن المحافظة على مصدر الرزق والقلق من فقدان الوظيفة قد يعوق الموظف عن الشكوى والمطالبة بحقه الشرعي بأن تتم معاملته بإنسانية واحترافية، ولكن الخوف والتردد هما مصدران لتفاقم مثل هذه السلوكيات السلبية التي ينتج عنها مستقبلاً تأثيرات سلبية على الصحة النفسية والجسدية. إن الضغوط والتوترات الكثيرة تتسبب في مشكلات صحية نتيجة الكبت والقهر؛ فضغط الدم يرتبط مباشرة بمعدلات التوتر والمشكلات ونوبات القلق المستمرة، ويمكن لارتفاع ضغط الدم المتكرر أن يسبب تلفاً في الأوعية الدموية والقلب والكلى ويؤدي إلى ضرر مزمن في الجسم، ناهيك عن التسبب في الجلطات الدماغية والتسبب في الوفاة.
من المهم جداً تعزيز الممارسات الإنسانية والأخلاقية والمهنية في بيئة الأعمال المختلفة من غير فصل أو تفريق سواء كان ذلك في شركات مرموقة أو حتى مصانع ومعامل بسيطة، ويمكن نشر حملات توعية وتثقيف؛ لكي يعي كل فرد واجبه ولا يتصرف بغطرسة وظلم فقط لكونه مديراً؛ ولكي يفهم الموظف حقوقه ويعرف كيف يتعامل مع الظلم والمواقف التي تتطلب حكمة وليس خضوعاً للضغوطات.
رؤى الحايكي