أستوقفتني القصة القصيرة التي تحكي تجربة على قردين، حيث بدأت التجربة بإعطاء القرد الأول مهمة لإنجازها فأنجزها وقُدم له خيارة، ففرح بها القرد وأكلها سريعاً، وأُعطي القرد الثاني نفس المهمة فأنجزها فحصل على عنقود عنب حيث يعتبر العنب ألذ ومكافأة مجزية أكثر من الخيار، فبدأت ملامح الامتعاض والغيرة واضحة على القرد الأول، فتم تكرار نفس التجربة في اليوم التالي، فأنجز القرد الأول مهمته فتم إعطاؤه خيارة فلم يأكلها وانتظر حتى يرى ما هي مكافأة القرد الثاني، وعند إنجاز القرد الثاني لمهمته تم تقديم عنقود العنب له مجدداً، فقام القرد الأول برمي الخيارة، وتم إعادة نفس العملية في اليوم الثالث إلا أن القرد الأول رفض إنجاز المهمة والقرد الثاني أنجزها لينال مكافأته وهي عنقود العنب، مع أن القرد الأول في البداية كان سعيداً بالخيار إلا أنه امتعض حين شاهد أن غيره يقوم بنفس المجهود ونفس الإنجاز وينال ما هو أفضل منه فلم يرتضي بالخيار مكافأة.

إن مفهوم العدالة الاجتماعية شامل لكثير من جوانب حياة الناس، فإن غابت العدالة الاجتماعية فإن الظلم وسلب الحقوق سيطغى واحتكار الميزات والثروات لفئة من الناس على حساب فئة أخرى سيتفشى، وبذلك يمكننا تعريف العدالة الاجتماعية على أنها مجموعة من السياسات والإجراءات التي تضمن حقوق الأفراد بالتساوي من دون محاباه لفئة ما على حساب فئة أخرى، فالعدالة الاجتماعية مطلب في الوطن، في العمل، وفي البيت أيضاً يوجد ما يسمى بالعدالة الأسرية.

بالتأكيد أن موضوع العدالة الاجتماعية أو الأسرية طُرح مسبقاً بالتأصيل والتفصيل ولكن ما جعله يجول في فكري ما واجهته مؤخراً في خلاف كنت فيه وسيطاً، وكانت الثغرة التي اكتشفتها في الخلاف أجمله أن العدالة مغيبة بين أفراد البيت الواحد، لذلك تساءلت في نفسي" هل يعي أفراد البيت الواحد أن العدالة لابد أن تُطبق حتى تحت سقف البيت ليدوم استقراره وأمانه؟ فالعدالة في الحقوق وفي الحب وحتى في الكلمات يجب أن تُطبق داخل بيوتنا أيضاً ليعمها الاستقرار والهدوء.

الإنسان يطمح للعدل دائماً لأنها غريزة فطرية متأصلة فيه وليست عادة مكتسبة، قد يسخط الأبناء أحياناً على أبويهم لأنهم يستشعرون معاملة غير عادلة فيما بينهم، في إغداق الحب، الاهتمام، تنفيذ الطلبات، وحتى الكلام المعسول المنمنم، فقد كاد أخوة يوسف عليه السلام له بسبب حب أبيه الزائد له، أن يقتلوه، وقد تزمجر الزوجة حين لا تُنصف من زوجها فديننا الحنيف قد دعا لأن نشيع الحب والعدل والمودة، وليتنا نتخذ من رسولنا الكريم صلى الله وعليه وسلم قدوة في العدل سواء بين أفراد المجتمع أو بين أفراد الأسرة، فالعدالة مطلب وحق لكل إنسان وهو مطلب ليس مبالغاً فيه ليعم الرضا واستقامة الحياة.

شيخة الرويعي