- أكد أن الوحدة فريدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط؛ بطبيعتها القضائية المستقلة

- الهزاع: وحدة التحقيق الخاصة ضمانة رئيسية لحماية حقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية

- حماية الحقوق والحريات العامة للإنسان من مرتكزات العمل الوطني في مملكة البحرين

- المصلحة الفُضْلَى للطفل المنطلق الأساسي لحمايته وصون حقوقه

- تعليمات خاصة للتعامل مع الشكاوى المقدمة من الأطفال

- شراكات وطنية ودولية لدعم وتنمية القدرات القانونية والفنية لأعضاء الوحدة


أكد محمد خالد الهزاع رئيس وحدة التحقيق الخاصة، نجاح الوحدة في التعامل بشفافية وحزم مع كافة التجاوزات القانونية والحقوقية، إذ أسفر عمل الوحدة على مدار سنوات عن انخفاض ملحوظ في عدد ادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة عام تلو الأخر، وهو ما يعكس اكتساب الوحدة لثقة المجتمع وتحقيق الغاية من إنشائها، ، كما يعكس الوعي القانوني والحقوقي لأعضاء قوات الأمن العام في ظل الأسس والمبادئ الدستورية والإنسانية التي يقوم عليها التطور الحضاري لمجتمعنا، إذ دأبت الوحدة منذ تأسيسها على اتخاذ كل ما يتطلبه التحقيق من إجراءات بالتعاون مع كافة الجهات المعنية بسائر إقليم المملكة.

وأوضح الهزاع في حوار خاص مع وكالة أنباء البحرين عقد في مقر الوحدة تزامناً مع مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان وبمناسبة مرور ما يقارب من عشر سنوات على إنشاء وحدة التحقيق الخاصة، إن الاهتمام بحقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية هو السبيل لسيادة القانون كونهما مترابطان ويعزز كل منهما الآخــر، وبين أن تواجد وحدة التحقيق الخاصة ضمن النظام القضائي بالمملكة هو الدعامة الرئيسية للقضاء على كافة أشكال التعذيب أو إساءة المعاملة وتحقيق العدالة الجنائية؛ نظراً لطبيعتها المستقلة ضمن النظام القضائي بالمملكة واختصاصاتها الفريدة بتحديد المسؤولية الجنائية ضد المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون تسببت في جرائم التعذيب أو الإيذاء أو سوء المعاملة.

وأكد الهزاع ما تمتع به الوحدة من سلطات قانونية، وصلاحيات إجرائية لحماية ضحايا التعذيب أو إساءة المعاملة وأسرهم وكل من يدلي بمعلومات في القضايا ذات الصلة، وذلك في إطار التعديلات التشريعية الأخيرة والتحديثات الهيكلية والإدارية التي أضيف للوحدة؛ ليتوافق عملها مع المبادئ الدولية للتقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب المنصوص عليها ببروتوكول إسطنبول.

وبين الهزاع أن مملكة البحرين تنفرد إقليمياً وتتميز دولياً بالعديد من المؤسسات الحقوقية والرقابية والقضائية والتي أنشئت بهدف حماية حقوق المتهمين والمحكوم عليهم في المنظومة الجنائية، منذ مباشرة إجراءات الاستدلال والتحقيق حتى تنفيذ العقوبات القانونية، والتي من بينها الأمانة العامة للتظلمات، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، وأخيراً وحدة التحقيق الخاصة والتي كان إنشائها تكملة لعقد هذه المؤسسات؛ باختصاصاتها القانونية الفريدة وطبيعتها القضائية المستقلة ضمن النظام القضائي بالمملكة.

وقال الهزاع أن مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان والذي يصادف العاشر من شهر ديسمبر من كل عام واختير من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بذات تاريخ اعتماد الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والذي يعد أحد أهم الإنجازات الكبرى للأمم المتحدة؛ كونه أساس القواعد الدولية لحقوق الإنسان،وقد كانت مملكة البحرين ولا تزال ترتكز على حماية الحقوق والحريات العامة للإنسان باعتبارها أحد القواعد الأساسية لتحقيق أهدافها ورؤيتها المستقبلية.

وأكد الهزاع التزام الوحدة التام بالمعاني والأركان والعناصر القانونية والاتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة، وخاصة فيما يتعلق برعاية حقوق الأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، على النحو الذي أرساه قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة والذي باتت بموجبه المصالح الفضلى للطفل هي المنطلق في جميع الأحكام والقرارات والإجراءات المتعلقة به.

ولفت الهزاع إلى أن وحدة التحقيق الخاصة هي جهة قضائية مستقلة ضمن النظام القضائي بالمملكة، أنشئت بموجب قرار النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين في عام 2012 كوحدة متخصصة ومستقلة بمكتب النائب العام، تختص بالتحقيق والتصرف ومباشرة الدعوى الجنائية في كافة جرائم التعذيب أو سوء المعاملة أو العقوبة القاسية؛ التي تقع من أعضاء قوات الأمن العام بمناسبة أو بسبب أو أثناء تأديتهم لأعمال وظائفهم، وينبسط اختصاصها بصدد هذه الجرائم على سائر اقليم المملكة.

وأكد الهزاع أن المبادئ الدولية للتقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة توصي بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب قد ارتكب، وذلك من خلال هيئة تحقيق مستقلة عن أي مؤسسة أو جهة أو شخص يكون محلاً للتحقيق مع مدعي التعذيب أو إساءة المعاملة. فكان إنشاء وحدة التحقيق الخاصة بطبيعتها المستقلة عن كافة الجهات التنفيذية أو القضائية المنوط بها مساءلة مدعي التعذيب أو إساءة المعاملة أو محاكمته أو الإشراف على تنفيذه للعقوبة هو الضمانة الرئيسية لذلك.

وعن طبيعة العمل في هذا التخصص الهام، أوضح الهزاع مباشرة الوحدة لكافة اختصاصاتها القانونية تحت السلطة الكاملة لرئيسها، ويشرف النائب العام على أعمالها إشرافاً إدارياً، كما أن المحققين متفرغون للعمل بها ولا يجوز إعفاؤهم من أعمالهم أو نقلهم إلى جهات قضائية أخرى دون مبرر إلا بناءً على رغبتهم، كما أن للوحدة شعب متخصصة ومقرات ووسائل لتلقى البلاغات وبرامج تدريبية مع جهات محلية ودولية، مستقلة تماماً عن كافة الجهات التنفيذية أو القضائية بالمملكة؛ وذلك وفق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة بعملها، شاملةً كعنصر أهم بروتوكول اسطنبول لتقصي وتوثيق حالات التعذيب.

وأكد الهزاع ارتكان الوحدة في مباشرتها لأعمالها إلى عدة مراجع قانونية أساسية وطنية ودولية، من بينها تعليمات أعمالها، وهي وثيقة إرشادية وعملية متكاملة، تتناول على نحو تفصيلي تحديداً طبيعة الوحدة وأهدافها والسلطات المخولة لها، وبياناً لاختصاصاتها وتشكيلها ومهام أقسامها وشعبها ووسائل جمع الأدلة القولية والمادية والفنية، وقد تم إعدادها على ضوء أحكام القانون والمستحدث من المبادئ القانونية، واستناداً إلى القواعد المقررة ببروتوكول اسطنبول لتقصي وتوثيق حالات التعذيب وإساءة المعاملة؛ والذي يعد منارة عمل الوحدة ودليليها للتقصي حول صحة الادعاءات التي تثار أمامها، كما تضع الوحدة في اعتبارها المدونات والقواعد السلوكية والمهنية الوطنية والدولية والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة، مثل مدونة سلوك رجال الشرطة، مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، وإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وعن أهمية التزام الوحدة بمبادئ بروتوكول إسطنبول لتقصي وتوثيق حالات التعذيب، أوضح الهزاع أن بروتوكول إسطنبول هو أهم وثيقة تتناول المبادئ الدولية في التحقيق في حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة، حيث اعتمد من قبل الأمم المتحدة في عام 1999، ويجمع العديد من الإرشادات التي تمثل ثمرة لعمل دؤوب وجهد متواصل استمر لما يربو على مدة ثلاث سنوات من البحث والدراسة والتحليل العملي والصياغة الدقيقة بمعرفة نخبة من الخبراء المتميزين في القانون والصحة وحقوق الإنسان يتجاوز عددهم 75 خبيراً من 15 دولة ينتمون إلى 40 منظمة ومؤسسة معنية بحقوق الإنسان.

وقال أيضا أن البروتوكول لم يقف عند حد تجميع كافة المبادئ والقواعد الواردة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية المتعلقة بمواجهة حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، ولكنه أيضاً وضع الإرشادات اللازمة التي جعلت منه دليلاً يهتدى به في اتباع السبل النموذجية في تحقيق هذه الحالات والكشف عنها ومواجهة المسئولين عن ارتكابها، وأوضحت الإرشادات التي تضمنها النهج الذي يتعين على الجهات المعنية بمجالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية إتباعه في أعمالها واستقلاليتها وصفات ومميزات العاملين فيها وطرق الوصول للكشف عن حالات التعذيب واستخلاص أدلتها.

وعن تفاصيل الهيكل الداخلي أوضح الهزاع تكون الوحدة من عدة شعب متخصصة لإنجاز أعمالها وتحقيق أهدافها، إذ تضم بكل منها عدد كافٍ من الأعضاء والخبراء والأخصائيين، كما ويتكون الهيكل الداخلي للوحدة من شعبة التحقيق وشعبة الطب الشرعي والدعم النفسي وشعبة الاتصال والإعلام وشعبة المعلومات والأعمال الإدارية وشعبة الشرطة القضائية وأخيراً شعبة شئون المجني عليهم والشهود والتي أضيفت للوحدة في بداية العام الجاري بغية استمرارها في مباشرة أعمالها وفقاً لأحكام القانون والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة بعملها، ومواكبة للتطور التشريعي وخاصة التعديلات التي أدخلها المشرع على قانون الإجراءات الجنائية والخاصة بحماية المجني عليهم والشهود من المخاطر التي قد تحيق بهم.

وفي ما يتعلق بشعبة شئون المجني عليهم والشهود بين الهزاع اختصاصات الشعبة المتعددة والتي من بينها التواصل مع المجني عليهم وذويهم والشهود وكل من يدلي بمعلومات في القضايا التي تختص بها الوحدة، وذلك لتعريفهم بالإجراءات القانونية المتخذة ومجريات سير التحقيق والتصرف النهائي فيها، فضلاً عن تلقي ودراسة طلبات فرض تدابير الحماية المنصوص عليها قانوناً وتنفيذ الأوامر الصادرة بالحماية، وذلك على النحو الذي يضمن تحقيق سلامة الفئات المذكورة من أي مخاطر قد تحدق بهم، مع المساهمة في رفع الأضرار النفسية والمادية التي قد تلحق بهم؛ عن طريق تقديم الدعم النفسي اللازم لهم وإرشادهم عن سبل التعويض القانونية.

وأوضح الهزاع دور الوحدة في تطبيق قانون العدالة الإصلاحية الجديد الذي صادق عليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في فبراير الماضي، وعنه قال: يمثل قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة خطوة رائدة في منظومة العدالة وحماية حقوق الأطفال في مملكة البحرين، ويشكل إضافة جديدة إلى المسيرة الحقوقية والتنموية المتواصلة، وقد أضاف النائب العام بموجب القرار رقم (45) لسنة 2021 تعليمات خاصة بمباشرة إجراءات التحقيق في الشكاوى المقدمة من الأطفال، بحيث تكون المصلحة الفُضْلَى للطفل هي المنطلق الأساسي لحمايته وصون حقوقه في جميع الإجراءات، ويُراعَى فيها أن تتكامل مع شخصيته وظروفه الاجتماعية والنفسية، وألا تؤثر سلباً بأية حال من الأحوال في تنشئته أو في مستقبله.

وبين الهزاع أن التواصل مع الوحدة متاح بكافة السبل القانونية المباشرة وغير المباشرة، فبخلاف الشكاوى التي ترد من النيابة العامة أو المحاكم أو أي من الجهات الحقوقية أو الرقابية المعنية بحماية حقوق الإنسان، فالوحدة تتلقى الشكاوى عن طريق البلاغات الكتابية أو الإلكترونية أو الهاتفية والتي ترد من الشاكي نفسه أو ذويه أو أي شخص علم بوقوع الجريمة، كما ترصد شعبة الاتصال والإعلام أي وقائع أو ادعاءات تعذيب أو إيذاء أو معاملة قاسية يتم نشرها أو إذاعتها بأي وسيلة من وسائل الإعلام، أو مما يتم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت.

ولفت الهزاع إلى سعي الوحدة خلال الفترة القادمة إلى عقد المزيد من الشراكات الدولية مع كافة الجهات المعنية بالاهتمام بحقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية، كما تهدف إلى تعزيـز الـوعي الحقوقي لأفراد المجتمع وإعـداد ورش عمل ومـواد وبـرامج تثقيفيـة بهدف القضاء على كافة أشكال التعذيب أو إساءة المعاملة. لافتا إلى أنه تم تنظيم وإعداد أكثر من عشرين برنامجاً وزيارة تدريبية نفذتها الوحدة حتى الآن.

وأوضح الهزاع نيل الوحدة لإشادات دولية واسعة على الصعيد الدولي خلال مؤتمر حماية حقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية الذي نظمته الوحدة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إذ أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة بالبحرين أن وحدة التحقيق الخاصة تعتبر تجربة فريدة إقليمياً ودولياً. فيما أشاد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بجهود مملكة البحرين في مجال حماية حقوق الإنسان وبتطور وحدة التحقيق الخاصة، ودعا إلى تعميم تجربة البحرين في إنشاء مؤسسات وطنية معنية بتعزيز حقوق الإنسان على الصعيد الإقليمي.

وختم الهزاع حديثه بتوضيح توجه الوحدة لدعم قدرات أعضائها ومنتسبيها، فهناك شراكات وطنية ودولية عديدة للوحدة بهدف دعم وتنمية القدرات القانونية والفنية لأعضائها ومنتسبيها، فهناك مذكرات تفاهم وتعاون مشترك مع الآليات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان ومن بينها الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بهدف تبادل الخبرات في مجال حقوق الإنسان والعمل على تعزيزها، كما وقعت الوحدة اتفاقية مع مكتب الأمم المتحدة بمملكة البحرين، خاصة بمشروع بناء قدرات وحدة التحقيق الخاصة، والتي تستهدف عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دعم وتطوير قدرات الوحدة للقيام بمهامها وفقاً للمعايير الدولية للوصول إلى أعلى درجات الكفاءة والعدالة والشفافية، والاستفادة من خبرات البرنامج في المجال الحقوقي، وذلك عن طريق الاستعانة بالخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان لتقديم الدعم الفني اللازم لها؛ وفقا لأحدث أساليب التحقيق الدولية المعتمدة في مجال مناهضة التعذيب.