مصطلح الرضائية مرتبط بشكل وثيق بعدة مفردات أخرى كالتفاوض والصلح والتسوية، وبذلك يمكن للرضائية أن تغير من مصير الدعوى سواء كانت جنائية أو شرعية أو مدنية، حيث إن استخدام الرضائية يعتمد على قبول الأطراف، وبمعاونة القضاء على إبرام اتفاق يغير من مصير الدعوى، وبإمكان الحلول الرضائية في حال قبول الأطراف للجوء إليها من أن تقلص الملاحقة القانونية إلى العدم، وبذلك قد يظن البعض أن الرضا والصلح في الدعاوى قد يصبح أمراً محيراً قليلاً، حيث يسمح للأطراف الوصول إلى حلول مبتكرة وسريعة بمعاونة أطراف مُحايدة لوقف سير الدعوى أو تغيير مسارها، وقد يتساءل البعض كيف للإرادات الخاصة أن تلتقي مع السلطات العامة؟

من خلال اطلاعي المستمر عن المواضيع المطروحة بخصوص فض المنازعات بالطرائق البديلة، وجدت أن هناك فريقاً مؤيداً وفريقاً معارضاً لها، حيث يرى معارضو آلية فض المنازعات بالطرائق الرضائية أن القواعد القانونية نظام حيوي لا بد من تطبيقه بحزمه حتى يؤدي المجتمع دوره بشكل أفضل، ويعتبر في نظرهم أن مخالف القواعد القانونية خائن للوطن ومتمرد على المجتمع، ولا بد من أن يلاقي جزاءه، بينما يعول أنصار آلية فض المنازعات بالطرائق الرضائية والسلمية تأييدهم لهذه الأساليب ومعاونتها للقضاء لعدة مزايا، منها قلة تكلفتها على الأطراف المتناحرة وأيضاً يسمح للدولة بتقليل المصروفات، وسرعة إجراءاتها من السير في الدعاوي القضائية، حيث إن جهاز القضاء مثقل بدعاوي جسيمة، وهذه الآليات يمكن أن تصل إلى حلول مبتكرة بسبب تطور المجتمعات السريع وجمود القواعد القانونية، ويرى أيضاً مؤيدو الرضائية في فض المنازعات أن اختيار الأطراف المحايدة لفض المنازعات لا يكون عشوائياً بل يمتلكون خبرات في مجالات عدة وأغلبها قانونية، وبذلك تكون الأساليب البديلة بإمكانها تطبيق القانون ومزجها بالأعراف السائدة دون المساس بالنظام العام للدولة، وبذلك يخلق مزج مبتكر للقاعدة القانونية والأعراف القديمة والدارجة في الدولة، ومن وجهة نظري الأساليب البديلة لفض المنازعات فعلاً تحمل ميزات عدة، أولاها السرية حيث إن سير الدعاوى وإجراءاتها في أروقة المحاكم محكوم بالإفشاء، ويُفضل السير في إجراءات فض المنازعات في بدايات نشوء النزاع وليس بعد تطوره حتى لا تكون نفسيات الأطراف قد توترت وغذت مشاعر الحقد والغضب النفوس بسبب المواجهة والخصومة اللتين تتطلبهما المواجهات القضائية في جلساتها، حتى يتم في نهاية الأمر فض النزاع أيضاً للحفاظ على الألفة والترابط المجتمعي.

شيخة الرويعي "وسيط قانوني معتمد"