اختتمت في قصر الدرعية بالعاصمة السعودية، الرياض، مساء اليوم الثلاثاء، أعمال القمة الثانية والأربعون لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وفي ختام القمة صدر "إعلان الرياض"، وفيما يلي نصه.
انطلاقًا من عُمق الروابط الأخويّة التي تجمع دول مجلس التعاون، والعلاقات الوثيقة والصِلات المتينة ووِحدة الهدف والمصير المُشترك، وبِناءً على ما تحقّق في قمة العُلا المُنعقدة في يناير 2021م ، التي أكّدَت على أهميّة تعزيز العمل الجماعي، وتوحيد الرُؤَى والاتّجاهات، ودَعم التنسيق والتعاون بما يُحَقِّق التكامُل والترابُط بين دول مجلس التعاون، وبما يصبّ في تنفيذ الأهداف السامية التي قام عليها المجلس انطلاقًا من نظامه الأساسي منذ تأسيسه في عام 1981، وما جاءَت به رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، لتعزيز العمل المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته (36) في ديسمبر 2015م.
يُؤكِّد اليوم أصحاب الجلالة والسُموّ قادة دول المجلس حرصهم على أهميّة استكمال عملهم المشترك انطلاقًا من عُمق الشعور بالمسؤولية تجاه دول المجلس وشعوبها، وتحقيقًا للرُؤَى النبيلة والتطلُّعات الكريمة التي تهدف إلى الرُقِيّ بدول مجلس التعاون الخليجي، كما تم الاتفاق على المبادئ والسياسات لتطوير التعاون الاستراتيجي والتكامل الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس، وتحقيق تطلعات مواطنيها.
وقد أكَّدَ القادة على أهميّة التنفيذ الدقيق والكامل والمستمر لرؤية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، واستكمال مُقوّمات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف بما يُعَزِّز تضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويُحافِظ على مصالحها، ويُجنّبها الصراعات الإقليمية والدولية، ويُلَبّي تطلُّعات مواطنيها وطموحاتهم، ويُعَزِّز دورها الإقليمي والدولي، وذلك من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، والتأكيد على ما تضمّنتهُ المادة الثانية من اتفاقية الدفاع المشترك بأنّ الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتبر أنّ أيّ اعتداء على أيّ منها هو اعتداء عليها كلها وأي خطر يتهدد إحداها إنما يتهددها جميعاً، وما نصت عليه الاتفاقية بشأن التزام الدول الأعضاء بالعمل الجماعي لمواجهة كافّة التهديدات والتحدّيّات.
كما أكَّدَ القادة على أهميّة تضافُر الجهود لتنسيق وتكامل السياسات الخارجية للدول الأعضاء وصولاً لبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة تخدم تطلعات وطموحات شعوب دول الخليج وتحفظ مصالحها ومكتسباتها، وتُجَنِّب الدول الأعضاء الصراعات الإقليمية والدولية أو التدخل في شؤونها الداخلية، وتحقق الدعم والترابط الاستراتيجي بين السياسات الاقتصادية والدفاعية والأمنية المشتركة لتحقيق الأهداف والتطلُّعات المُشتركة.
كما وجّهَ القادة بأهميّة تعزيز التعاون المشترك وتنسيق الخطط التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة والتعامل مع التغير المناخي وآثاره، وتعزيز العمل المشترك بين دول المجلس لتطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته المملكة العربية السعودية خلال رئاستها لمجموعة العشرين وتمت الموافقة عليه من قبل المجموعة كإطار متكامل وشامل لمعالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وإدارتها من خلال التقنيات المتاحة والمبتكرة، ومتابعة تنفيذ المبادرات والمشاريع والآليّات التي أُطِلقَت من دول مجلس التعاون الخليجي في هذا المجال، والتأكيد على اللجان المختصة بأنّ تقوم بوضع الآليات اللازمة لتحقيق أفضل النتائج بما يتعلّق بحماية البيئة، والاستفادة من مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، اللتين أطلقهما صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع في المملكة العربية السعودية، وتعزيز الجهود الخليجية المشتركة لمواجهة التحدّيات البيئية ورفع الغطاء النباتي وزيادة الاعتماد على التقنيات النظيفة لجميع مصادر الطاقة، ومكافحة التلوث والحفاظ على الحياة البيئية بكافّة أشكالها، بما يُحَقِّق أفضل سُبُل العيش الكريم لشعوبها، وبما يتوافق مع ظروف وأولويات الدول الأعضاء وخططها التنموية ويتماشى مع الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
وأكَّدَ القادة على أهميّة مُتابعة إنجاز أهداف الرؤى الاقتصادية لدول مجلس التعاون لتحقيق التنوع الاقتصادي، وتعظيم الاستفادة من الإمكانيات الاقتصادية والفُرَص المُتميّزة لمُضاعفة الاستثمارات المشتركة بين دول المجلس، وتطوير تكامل شبكات الطرق والقطارات والاتصالات بين دول المجلس، ودَعم وتعزيز الصناعات الوطنية وتسريع وتيرة نُموّها، وتوفير الحماية اللازمة لها، ورفع تنافسيتها، والوصول بها إلى موقع ريادي صناعي قادِر على المنافسة عالميّاً، وإزالة كافّة العقبات والصعوبات التي تواجه تنفيذ قرارات العمل الاقتصادي المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وأكَّدَ القادة على أهميّة تعزيز التعاون المشترك لاستمرار مُكافحة جائحة كورونا - كوفيد 19 ومتحوراتها الجديدة، وأهميّة دَعم مسيرة العمل الجماعي لمكافحة الأوبئة والأمراض والجوائح المماثلة مُستقبليّاً -حال حدوثها-، وتشجيع اقتراح السياسات والاستراتيجيات الفعّالة للتعامل مع مثل هذه الظروف مستقبلاً، بما يساعد على مُكافحتها والتعامُل مع تداعيّاتها الاقتصادية والاجتماعية وظروف السفر والتنقل بين دول المجلس.
كما أكَّدَ القادة على أهميّة استمرار دَعم وتعزيز دور المرأة الخليجية في برامج التنمية الاقتصاديّة ومُشاركتها في العمل الخليجي المشترك، وتشجيع دور الشباب في قطاعات المال والأعمال، وتنمية العمل الإغاثي والإنساني والتطوعي.
كما أكَّدَ القادة على أهميّة تعزيز العمل المشترك نحو التحوُّل الرقمي، والتقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون وبناء التحالفات في مجال الأمن السيبراني وأمن المعلومات، بما ينسجم مع تطلُّعات دول المجلس، ودَعم دور الشباب والقطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في نُموّ التنوُّع الاقتصادي والتحول الرقمي، وتشجيع الشراكات والمشاريع والمبادرات في هذا المجال.
وكلف القادة اللجان والهيئات والمجالس الوزارية وكافة أجهزة مجلس التعاون، كل فيما يخصه، بوضع البرامج اللازمة لوضع هذه المبادئ والمرتكزات موضع التنفيذ.