في مقابلة مطولة مع صحيفة الحياة اللندنية منشورة في العام 2006، أكد الكاتب والمفكر البحريني الدكتور محمد جابر الأنصاري، تعليقاً على أزمة الفكر العربي الحديث أنه: «.. ينتابنا شعور قاتل بأننا مختلفون عن بقية خلق الله. لماذا؟ لا أدري! ويقوي هذا الشعور الهدام لدينا عدد كبير من الوعاظ والكتبة وأمثالهم ممن تأسست ثقافتهم في الظلام وراء الأبواب المغلقة، فتوهموا أنهم وحدهم في هذا العالم الفسيح».
هذا الشعور في الحقيقة لا يزال سائداً في عالمنا العربي، بأننا متفردون مختلفون لا نخضع لمعادلات الوقع وتطورات وتحولاته، فيما الشعوب الأخرى تمضي قدماً نحو التقدم وتجاوز الأوهام المكبلة لحياتها. ولذلك ثمة اليوم قرون من التطورات والتحولات السياسية والاقتصادية والعلمية والتقنية التي تفصلنا عن العالم المتقدم، بل وتفصلنا حتى عن الصين والهند وكوريا. فيما العرب، بل والفكر العربي لا يزال يركز على موضوع الهوية الثقافية للمجتمعات العربية والتنازع حولها مفهوماً وتشخيصاً. وقد أدى ذلك في الغالب إلى الفذلكات اللغوية أو المعادلات الجاهزة حول «التوازن» بين الأصالة والمعاصرة، التي لا يعبأ بها الواقع الذي تحكمه «ميكانزمات» مختلفة، بما يجعل هذه المعادلة بعيدة كل البعد عن طبيعة التحولات التي شهدتها وما تزال تشهدها المجتمعات العربية خلال قرن كامل أو أكثر، من دون أن تظهر أية فائدة لهذه المعادلة «المطمئنة» والتي توهمنا بأننا وجدنا الخلطة السحرية بين «الحفاظ على ما نعتقده هوية» وبين «متطلبات العيش في العصر ومقتضيات الحداثة».
إن هذه المعادلة قد تبدو مريحة من الناحية النظرية، إلا أنها غير موجودة في الواقع، ولا يبدو هذا الواقع متجها نحو تحقيقها، لأن هذا الواقع يدور حول نفسه دوراناً، من دون أي تقدم يُذكر في أغلب الأحيان، بسبب غلبة نزعة الانغماس في الماضي، وتوهم بإمكانية إحيائه وإعادة إنتاجه، وتوهم إمكانية التوفيق «أو التلفيق» بينه وبين الحاضر الذي يسير وفقاً لآليات مختلفة تماماً.
ويكفي في هذا السياق للتمثيل عن هذا الخلل، أن نستذكر بعض الشعارات التي هيمنت في فترات متعددة ومتكررة، والتي تتحدث عن الخلافة الإسلامية، وعن التكفير والهجرة، وعن رفض الآخر في الداخل والخارج ومعاداته، وعن رفض الحداثة، وغير ذلك من المفاهيم التي تنتمي إلى زمن موغل في القدم.. والتشكيك في كل شيء يرتبط بالعصر والحداثة واعتباره مؤامرة. مما ينتفي معه أي أهمية للحديث عن تلك المعدلات التي سادت لأكثر من قرن من الزمن العربي، حول إمكانية التوفيق بين «الأصالة» و«المعاصرة»، وغير ذلك من الشعارات النظرية الأخرى التي بقيت حبراً على ورق وتجاوزها الواقع بتحولاته السريعة والشاملة، ولذلك كان من الطبيعي أن نبقى كعرب نلوك الخيبة وراء الخيبة، متعثرين، عاجزين عن العيش في العصر فما بالك التأثير فيه. وللحديث صلة.
هذا الشعور في الحقيقة لا يزال سائداً في عالمنا العربي، بأننا متفردون مختلفون لا نخضع لمعادلات الوقع وتطورات وتحولاته، فيما الشعوب الأخرى تمضي قدماً نحو التقدم وتجاوز الأوهام المكبلة لحياتها. ولذلك ثمة اليوم قرون من التطورات والتحولات السياسية والاقتصادية والعلمية والتقنية التي تفصلنا عن العالم المتقدم، بل وتفصلنا حتى عن الصين والهند وكوريا. فيما العرب، بل والفكر العربي لا يزال يركز على موضوع الهوية الثقافية للمجتمعات العربية والتنازع حولها مفهوماً وتشخيصاً. وقد أدى ذلك في الغالب إلى الفذلكات اللغوية أو المعادلات الجاهزة حول «التوازن» بين الأصالة والمعاصرة، التي لا يعبأ بها الواقع الذي تحكمه «ميكانزمات» مختلفة، بما يجعل هذه المعادلة بعيدة كل البعد عن طبيعة التحولات التي شهدتها وما تزال تشهدها المجتمعات العربية خلال قرن كامل أو أكثر، من دون أن تظهر أية فائدة لهذه المعادلة «المطمئنة» والتي توهمنا بأننا وجدنا الخلطة السحرية بين «الحفاظ على ما نعتقده هوية» وبين «متطلبات العيش في العصر ومقتضيات الحداثة».
إن هذه المعادلة قد تبدو مريحة من الناحية النظرية، إلا أنها غير موجودة في الواقع، ولا يبدو هذا الواقع متجها نحو تحقيقها، لأن هذا الواقع يدور حول نفسه دوراناً، من دون أي تقدم يُذكر في أغلب الأحيان، بسبب غلبة نزعة الانغماس في الماضي، وتوهم بإمكانية إحيائه وإعادة إنتاجه، وتوهم إمكانية التوفيق «أو التلفيق» بينه وبين الحاضر الذي يسير وفقاً لآليات مختلفة تماماً.
ويكفي في هذا السياق للتمثيل عن هذا الخلل، أن نستذكر بعض الشعارات التي هيمنت في فترات متعددة ومتكررة، والتي تتحدث عن الخلافة الإسلامية، وعن التكفير والهجرة، وعن رفض الآخر في الداخل والخارج ومعاداته، وعن رفض الحداثة، وغير ذلك من المفاهيم التي تنتمي إلى زمن موغل في القدم.. والتشكيك في كل شيء يرتبط بالعصر والحداثة واعتباره مؤامرة. مما ينتفي معه أي أهمية للحديث عن تلك المعدلات التي سادت لأكثر من قرن من الزمن العربي، حول إمكانية التوفيق بين «الأصالة» و«المعاصرة»، وغير ذلك من الشعارات النظرية الأخرى التي بقيت حبراً على ورق وتجاوزها الواقع بتحولاته السريعة والشاملة، ولذلك كان من الطبيعي أن نبقى كعرب نلوك الخيبة وراء الخيبة، متعثرين، عاجزين عن العيش في العصر فما بالك التأثير فيه. وللحديث صلة.