تظهر الهجمات الإرهابية التي شهدتها الكونغو مؤخرا مدى توسع تنظيم داعش في جميع أنحاء أفريقيا، وهو ما قد يؤثر على الاستقرار والأمن الدوليين، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن تايمز" .
وكان 15 مدنياً لقوا مصرعهم منذ الخميس، في هجمات شنها عناصر جماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة" التابعة لداعش في شمال شرقي الكونغو الديمقراطية، فيما قتل 38 من المسلحين، في معارك مع الجيش، بحسب ما ذكرت مصادر عسكرية ومحلية لوكالة فرانس برس.
وأكد المسؤول المحلي جانفييه موسوكي كينيونغو "مقتل ثلاثة مدنيين"، السبت، في هجوم شنته هذه الجماعة الإرهابية على نجياباندا، وهي قرية في إقليم ايتوري.
وأضاف: "الإرهابيون يجوبون المنطقة قمنا قبل يومين بدفن تسعة أشخاص قتلوهم".
وكانت الولايات المتحدة قد صنفت مؤخرا جماعة "القوات الديمقراطية المتحالفة" التابعة لداعش "منظمة إرهابية". وأكدت واشنطن أنها استندت إلى أرقام وردت في تقرير سلم إلى الأمم المتحدة أن هجمات هذه الجماعة "أوقعت أكثر من 849 ضحية مدنية في عام 2020" في إقليمي كيفو الشمالية وإيتوري.
وعلق السفير الأميركي في كينشاسا، مايك هامر، بالقول إن "إدارة بايدن تساند جهود الرئيس تشيسكيدي والحكومة الكونغولية الرامية إلى مواجهة الجماعات المسلحة والإرهابية".
وفي هذا الصدد، تقول كاثرين زيمرمان، الزميلة المقيمة في معهد أميركان إنتربرايز، التي تتابع الإرهاب الأصولي في أفريقيا: "لم يكن توسع تنظيم داعش في الكونغو حتميًا بأي حال من الأحوال، لكنه كان متوقعًا"، موضحة أن "النشاط الثابت لتنظيم الدولة عبر أفريقيا يعكس تحركات القاعدة والجماعات التابعة لها، بما في ذلك حركة الشباب، حيث تشكل كلتا الشبكتين تهديدات مباشرة للغرب، ولا سيما أوروبا".
ولفتت زيمزمان في حديثها لصحيفة واشنطن تايمز إلى ضرورة أن تكون هناك وقفة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها بسبب الطريقة التي تطور بها التهديد الإرهابي على الصعيد العالمي".
وزادت: "الشبكات الإرهابية في شمال أفريقيا كانت قد هددت أوروبا في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين ويمكنها أن تفعل ذلك مرة أخرى حتى مع تركيز الولايات المتحدة وحلفائها بشكل متزايد على المنافسة الجيوستراتيجية مع الصين وروسيا".
"كالنار في الهشيم"
وبحسب خبراء فإن تزايد الخطر الأصولي بات يشمل مساحات كبرى من القارة الأفريقية، وأضحى ينتشر كالنار في الهشيم، ففي الأسبوع الماضي قُتل ما لا يقل عن 41 شخصًا في هجوم مميت في شمال بوركينا فاسو، وفقًا لتقارير وكالات الأنباء في المنطقة.
وأضافت تلك الحادثة حلقة أخرى إلى مسلسل الهجمات والاعتداءات الإرهابية في منطقة الساحل والتي أودت بحياة آلاف المدنيين والجنود في النيجر ومالي ودول أخرى على مدى الأعوام المنصرمة.
وقال مسؤولون عسكريون أميركيون إنه على الرغم من جهود مكافحة الإرهاب المتعددة الجنسيات، بما في ذلك الحملة الفرنسية طويلة الأمد لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، فإن الإرهاب استمر في الانتشار والتوسع.
وعبر قائد القيادة الأميركية في أفريقيا، الجنرال ستيفن تاونسند، للصحفيين خلال الصيف الماضي عن قلقه بشأن الأوضاع الأمنية في القارة، مردفا: "يبدو أن كل الجهود التي اتخذت لم تكن كافية لإيقاف ما أسميه النيران الهائلة للإرهاب الذي يجتاح تلك المنطقة".
ووفقا لمراقبين فإنه من غير الواضح فيما إذا كانت ميليشيات "القوات الديمقراطية المتحالفة" تتلقى أوامرها مباشرة من قادة الدولة الإسلامية أم أنها تتصرف بشكل أكثر استقلالية، مؤكدين في نفس الوقت أن تلك الميليشيات الإرهابية قد تبنت بعض التكتيكات الوحشية التي ظهرت لأول مرة من قبل داعش خلال فترة سيطرتهم على أجزاء واسعة من العراق وسوريا في العقد الماضي.
فخلال الصيف، على سبيل المثال، نشرت ميليشيات القوات الديمقراطية المتحالفة عدة مقاطع فيديو على الإنترنت لعمليات قطع رؤوس رهائن، كما أنها شنت العديد من الهجمات بالسيارات المفخخة، بالإضافة إلى تفجيرين انتحاريين على الأقل، بما في ذلك هجوم وقع مؤخرا في مدينة بيني خلال الاحتفال بأعياد الميلاد
وقد قتلت الجماعة، بحسب صحيفة "واشنطن تايمز"، المئات في جميع أنحاء الكونغو وشردت ما لا يقل عن 140 ألف من مواطني البلاد، وفقًا للبيانات التي جمعها مشروع مكافحة التطرف.
وكان باحثون من برنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن قد ذكروا في دراسة تحليلية عن القوات المتحالفة الديمقراطية في وقت سابق من هذا العام أن الجدل لا ينبغي أن يتعلق فيما إذا كان لديها علاقة رسمية بتنظيم داعش بقدر ما ينبغي التركيز على طبيعة تلك العلاقة.
وكتبوا في ذلك البحث: "من الواضح أن تنظيم داعش يستفيد من هذه الأنشطة لإثبات أنه لا يزال حركة ذات صلة ونشطة وذات نطاق عابر للحدود، على الرغم من فقدانه السيطرة على الأراضي في جميع أنحاء سوريا والعراق".
وأضافوا: "مع انتشار الجماعات التابعة لتنظيم داعش والتنظيمات الموالية لها في جميع أنحاء أفريقيا، فإن احتمال التعاون بينها وانضمام العديد من المقاتلين الأجانب إليها سوف يهدد الاستقرار الإقليمي".