أجمعت الحقائق العلمية والبحثية على أن التحديات والمتغيرات الاقتصادية لها تأثير عميق على الروابط الأسرية بين أفرادها، وقد أثبتت الدراسات أنه في الدول الغربية أحدث الوضع الاقتصادي المتردي صراعات وأشكال مستحدثة من الجريمة والانحراف وصل لحد دعارة المراهقات، والاغتصاب الجماعي، والإبادة الجماعية، إلا أن رحمة الله تعالى قد حمت مجتمعاتنا العربية من هذه الصراعات الشاذة وكرمنا بالدين الإسلامي وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

إلا أن صمود مجتمعاتنا العربية أمام الزحف والتداعيات الاقتصادية التي لها تأثير عنيف على مكونات الأسرة الواحدة وصراعاتهم النفسية تنعكس سلباً بين أفراده مما يؤدي إلى مناخ أسري مضطرب في العلاقات فيما بينهم ويفقدهم للأمن والاستقرار في المحيط الأسري وتنصب عصارة ضغوطهم على المجتمع بوجه عام، ولعل أبرز نتائج التداعيات الاقتصادية قد تظهر جلية في البطالة والفقر والغلاء الفاحش كل تلك التداعيات لها تأثيرها السلبي على الأسرة، وتتسبب هذه الظواهر لزيادة نسب الطلاق والعزوف عن الزواج، والعنوسة.

إن زيادة نسب الطلاق قد تؤدي للطرف المعيل أو الحاضن عدم قدرته على مواجهة الضغوط الواقعة عليه لوحده مما ينتج عنه عدم تمكنه من التحكم في تصرفات الأبناء مما ينتج عنه عدة ظواهر منها: التسرب الدراسي وظاهرة تشغيل الأطفال، انخراط الشباب في أعمال مخالفة للقانون والآداب العامة، وكما أن العزوف عن الزواج وزيادة نسبة العنوسة يؤدي لتزعزع التركيبة العمرية للمجتمع ولا يتمكن المجتمع من تعويض الوفيات بالمواليد مما قد يؤدي بنا للوصول لمجتمع هرم يفتقر للفتوة، فبالسواعد الفتية تُبنى المجتمعات وتدوم الحضارات، قد نرى في الوقت الراهن جراء الأزمات الصحية الحاصلة، الحكومات والشعوب جميعها على خط النار، وبسبب التداعيات الاقتصادية أصبح الضغط على الأسرة مهولاً ومخيفاً، فمنهم من سُرح من عمله ومنهم من لا يجد وظيفة في الوقت الراهن ومنهم من قرر الطلاق ليخفف العبء عن كاهله ومنهم من عزف عن الزواج فعلى الحكومات دراسة الأوضاع الاقتصادية بشكل أوسع وأدق وتطبيق ما يجعل الأسرة أولاً تنعم بالاكتفاء والتمكن الاقتصادي لا ممارسة الضغط الأكبر عليها، لأن مخرجات المكون الأسري هو ما يبني المجتمع وهو ما يحدد مصيره.

شيخة الرويعي "وسيط قانوني"