^ ندرك تماماً أن دور وزارة الداخلية هو الحفاظ على أمن البلد والتصدي للمخربين والقبض على الإرهابيين. بل وندرك تماماً التسلسل المنطقي يفرض بأن النقطة التي تتبع عملية القبض على الإرهابيين ومنفذي عمليات التخريب ومستهدفي الشرطة بالقتل معنية بها النيابة العامة. هنا مع احترامنا الشديد للجهود الكبيرة التي تقوم بها النيابة العامة إلا أننا نرى أن المطلوب التوضيح الإعلامي بالنسبة للناس فيما يتعلق بسير القضايا والمحاكمات. نعلم بأن التبرير قد يكون في اتجاه الحرص على عدم تداخل أية مؤثرات خارجية على سير المحاكمات، لكن الناس تريد معرفة ماذا يحصل بالضبط، وهل من يرتكب هذه الأعمال التخريبية بالفعل يلقى جزاءه الذي يستحقه، أم أنها مجرد عمليات توقيف ثم إطلاق سراح على ذمة القضية وبعدها الانتظار لشهور وقد تصل إلى سنوات ما بين تأجيل وطعن وتمييز؟! نزاهة القضاء عملية ليست مرتبطة بفترة زمنية، باعتبار أنه كلما طالت المدة كان ضمان تحقيق العدالة أكبر دون إيقاع الظلم؛ فهناك من القضايا ما هي واضحة تفاصيلها ولا تستدعي عملية تمديد وتأجيل، وللتنبيه فإننا هنا نتحدث من منطلق بشري يعتمد على ما يقوله المنطق، المنطق الذي يقول إنه في عملية قتل مثلاً، لديك تسجيل واضح للعملية، وقتيل، وقتلة قاموا بالفعل بسبق الإصرار والترصد واعترفوا بالجريمة، بالتالي كبشر بسطاء نتساءل ببراءة تامة: أليست مقومات القضية مكتملة؟! بالتالي ماذا يعطل الإجراء وإحقاق العدالة؟! نقول ملاحظات الناس بشأن العمل القضائي، لأن نتاج العمل في بحث القضايا التي حصلت في فترة زمنية غير طبيعية (هي فترة زمنية تعرضت فيها الدولة لمحاولة انقلاب وتعرض فيها المواطنون لاستهداف وترويع) نتاج العمل يؤثر بالضرورة على وضع المجتمع بشكل يومي، إذ مع كل تمديد وتأجيل لتطبيق الأحكام فإن رسالة خاطئة توجه بشأن تطبيق القانون والصرامة في محاسبة العابثين بأمن البلد، بالتالي طبيعي جداً أن يستقوي المخربون والإرهابيون ويمضون لمزيد من الإرهاب والتخريب واللعب في أمن البلد، فالعقوبة لن تقع إلا بعد زمن طويل جداً، وحتى لو أعلن عنها قضائياً فإن هذا الزمن الطويل للتنفيذ بين تأجيل واستئناف خلاله سيتحرك محامون ومحامون وستصرخ مؤسسات حقوق إنسان ووسائل إعلام وإذاعات وتتداخل أطراف وأطراف ما يعني تشكيل أنواع وأشكال من الضغط الخارجي. الناس بحاجة للتأكد من أننا مازلنا دولة تطبق القانون دون تأثر بأية ضغوطات، وأننا دولة يقف الناس فيها سواسية أمام القانون، وأننا دولة لا تضيع فيها الحقوق. على فكرة، الناس متأكدة من ذلك بـ«الكلام” لكنها تريد التأكيد من ذلك بإقران الكلام بـ«التطبيق” وبناء على ما ينص عليه القانون ولا شيء آخر. الحل ليس في الجرائد يا نواب؟! النواب يتساءلون في استطلاعات واستبيانات متواصلة على امتداد شهور مضت بشأن السبب الذي يدعو الجهات المعنية لعدم تطبيق القانون، ولعدم مساءلة من يحرض ضد رجال الأمن، وسبب السكوت عمن قال بحق رجال الأمن “اسحقوهم”. أنا شخصياً لست مستوعباً لقصة خروج النواب كل يوم يتحدثون عبر وسائل الإعلام عن هذه المسائل في الوقت الذي لا يستخدمون فيه الأدوات المتاحة داخل المجلس للحصول على إجابات صريحة ومعرفة ما يجري ويطالبون بتطبيق ما ينص عليه القانون. إن كان لدينا قانون ولا يطبق فإن واجب النواب اليوم هو محاسبة من يعطل القانون لا الاكتفاء بتوجيه سؤال للجهات المعنية وحينما يأتي الرد يغلق الموضوع! البحرين تشتعل يومياً ورجال الأمن يتعرضون للاستهداف والقتل والإرهاب وصل للأبرياء، فماذا تنتظر كل السلطات في البلد؟! السلمانية هل عاد ليكون بؤرة طائفية؟! هل عاد مستشفى السلمانية ليكون “بؤرة” لمن سيسوا العمل الطبي خلال الأزمة؟! سؤال نطرحه ونتمنى أن تكون إجابته بالنفي، إلا أن ما تعرضت له المرأة التي أصيبت مع ولدها في الانفجار الإرهابي حينما تم إسعافها في السلمانية وبسببه نقلت إلى المستشفى العسكري أمر يدفع لطرح السؤال مجدداً. هل مازال مستشفى السلمانية “مخترقاً” وتتم معاملة الناس فيه على أساس مواقفهم السياسية ومذاهبهم؟! نصف مليون غرامة للإعلام التحريضي نشرت وكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس” خيراً يفيد بقضاء محكمة كويتية بتغريم قناة “سكوب” التلفزيونية الخاصة نصف مليون دينار كويتي بسبب بث برنامج اعتبر مسيئاً للأسرة الحاكمة. هذا الخبر يذكرنا بنشر أحد الصحف المؤيدة لمخطط الانقلاب في البحرين أخباراً كاذبة و”فبركات” خبرية عن إصابات وغيرها، إضافة إلى ممارساتها اليومية عبر فتح صفحاتها يومياً للمحرضين والمخربين يتطاولون فيها على النظام الحاكم في البحرين. طبعاً التحريض العلني على نظام الحكم أصبح “حرية تعبير” وغير مساءل أصحابه أمام القانون، رغم أن لدينا مواد دستورية تجرمه!
النيابة العامة.. أمازلنا نطبق القانون؟!
27 مايو 2012