من خلال نظرة سريعة على تصريحات المسؤولين الإيرانيين وتقارير وسائل الإعلام الحكومية على خلفية التوصل لاتفاق نووي شبه نهائي، يصبح جلياً أن حكومة حسن روحاني تحضر لإقامة عرس نووي يمهد لتسويق ما توصلت إليه مع الدول الكبرى حول الملف النووي الذي شغل العالم عقد ونيف وذلك بغض النظر عن الربح أو الخسارة.وسائل إعلام إيرانية تسوق لـ"انتصار"وحاولت قناة "برس تي في" الإيرانية الناطقة بالإنجليزية الموجهة للخارج أن تضع إيران في موقع المنتصر من خلال تقرير حول نتائج المفاوضات النووية جاء فيه: "سيتم إلغاء كافة العقوبات المالية والإقتصادية المفروضة على إيران بقرار من مجلس الأمن وتستمر كافة المواقع الذرية بالعمل وتحتفظ إيران بكافة مفاعلاتها النووية وتواصل تطوير أجهزة الطرد المركزي الحديثة والتحقيق في هذا المجال، ومن المقرر أن يتم تحديث مفاعل آراك للماء الثقيل بآخر التقنيات الجديدة وأن يتم إلغاء حظر الأسلحة مع استمرار بعض القيود".أما قناة "العالم" الإيرانية الموجهة للعالم العربي فتحاول هي الأخرى في إعطاء صورة منتصرة لإيران في هذه المفاوضات، مؤكدة بشكل مباشر وغير مباشر على ما تعتبره فوزاً لطهران التي بحاجة لمثل هذه الصورة أمام حلفائها في المنطقة العربية. وأفاد تقرير لمراسل القناة من فيينا : "إن إيران تعتبر البلد الأول التي فرضت عليه عقوبات تحت الفصل السابع، وهي تخرج منه دون مفاوضات ودون مواجهة أو حرب"، مشيراً إلى أن أهم النقاط التي سترد في الاتفاق هي رفع كافة العقوبات المالية والتجارية والاقتصادية عن إيران منذ اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق". ثم يناقض مراسل القناة نفسه بخصوص إلغاء العقوبات في اليوم الأول ويتحدث عن خارطة طريق لإلغائها فيقول: "إن الاتفاق سيضم عدة ملحقات، والنص الرئيس سيكون في 100 صفحة، وهناك خمس ملحقات تحدد طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وخارطة طريق لرفع العقوات عن إيران ويضم اتفاقيات فرعية بين إيران ومجموعة الست."واستنتج العالم بأن "إيران استطاعت أن تنتزع حقها في مواصلة الأبحاث على هذه الأجهزة التي تعتبر الأكثر تطوراً"، بحسب تعبيرها وامتدحت الدبلوماسية التي اعتمدتها إيران ووصفتها بـ"المنطقية" وزعمت أن "الطرف الآخر اضطر للقبول بالواقع النووي الإيراني والمنطق الدبلوماسي الإيراني، خاصة وأن الشعب الإيراني والنظام وقف صفاً واحداً خلف مفاوضيه."المرشد يتهجم على أميركا.. وظريف يفاوضهاوفي الوقت الذي كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مستمر في التفاوض مع الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، بمباركة المرشد الأعلى علي خامنئي، ويلتقط الصور وهو مبتسم مع نظيره الأميركي جون كيري شن خامنئي هجوماً شديد اللهجة ضد الولايات المتحدة الأميركية التي وصفها بالاستكبار العالمي فقال: "إن الولايات المتحدة تجسيد حقيقي للغطرسة العالمية". واعتبر مقارعتها من مبادئ الثورة الإيرانية قائلا : "إن مقارعة الاستکبار تعد من مبادئ الثورة وثوابتها الأساسية، ولن تتوقف، ومن هنا لابد أن تجهزوا أنفسکم لمواصلة المواجهة مع الاستکبار"، مضيفاً أن المفاوضات الجارية تبحث الملف النووي فقط، وقال: "قلنا للمفاوضين (الإيرانيين) بأنه يحق لهم مناقشة القضية النووية فقط، ورغم أن الجانب الأميرکي يطرح أحياناً قضايا المنطقة ومن ضمنها سوريا واليمن.. إلا أن مسؤولينا يقولون إنهم لا يتفاوضون حول هذه القضايا."أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فحاول كعادته أن يكون بارد الأعصاب ورابط الجأش فقال اليوم بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق : "إن العقوبات رغم أنها ظالمة إلا أنها لم تؤثر إلا على الحياة المعيشية للشعب". وأضاف: "التحكم في التضخم من قبل الحكومة والنمو الاقتصادي تحت وطأة الحظر شكل كل ذلك رسالة مهمة لمجموعة 1+5"، وخلافاً لتأكيد وزير الخارجية الأميركي، تحدث روحاني عن إلغاء كافة العقوبات الاقتصادية والتسليحية.وأكد أن إيران ستعمل بالتزاماتها بعد شهرين من قرار لمجلس الأمن يلغي العقوبات"، ووصف المفاوضات بأنها كانت تمثل الإعتزاز الوطني.إلتزامات إيران حسب اتفاق لوزان-لمنع إنتاج السلاح النووي تخفض إيران أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم بنسبة ثلثي الأعداد التي تمتلكها وهي 19 ألف وبهذا تحافظ على 6104 من الجيل الأول ولكن تستعمل 5060 منها فقط.-نسبة تخصيب اليورانيوم لا تتجاوز 3.67% على مدى 15 عاما.-الخفض من مخزون اليورانيوم المخصب من 10 أطنان إلى 300 كيلوغرام فقط على مدى 15 عاما.-وضع أجهزة الطرد المركزي المتبقية وأيضاً اليورانيوم المخصب غير المسموح لإيران استخدامه في مخازن تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما لا يحق لإيران الاستفادة من أجهزة الطرد المركزي المحذوفة كبدائل لتلك العاملة.-عدم قيام إيران ببناء أي منشأة جديدة بغرض تخصيب اليورانيوم خلال 15 عاماً.-عدم استخدام منشأة "فوردو"، وعدم إجراء أبحاث بخصوص التخصيب في المنشأة، لمدة 15 عاماً، على أن يتم تحويلها للاستعمالات ذات الأغراض السلمية لاحقاً.-السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم فقط في منشأة "نطنز" لمدة 10 سنوات باستخدام 5060 جهاز طرد مركزي من الجيل الأول.-سحب 1000 جهاز طرد مركزي من الجيل الثاني من منشأة "نطنز" ووضعها في مخازن تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.-تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة المواقع النووية الإيرانية كافة بانتظام، كما سيكون بإمكان مفتشي الوكالة الوصول لسلسلة الإمدادات التي تدعم البرنامج النووي الإيراني، سيما ماده اليورانيوم.-تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى أي موقع تشتبه فيه أو أية منشأة "سرية".-موافقة إيران على تطبيق البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يمنح الوكالة حق الوصول للمعلومات بشأن البرنامج النووي، بما في ذلك المرافق المعلنة وغير المعلنة.-موافقة إيران على الإبلاغ المبكر عن عزمها إنشاء أية منشأة جديدة.-إعادة بناء مفاعيل "أراك" النووي الذي يعمل بالمياه الثقيلة، بشكل لا يمكن معه إنتاج البلوتينيوم، على أن تدعم في ما بعد الأبحاث العلمية والنظائر المشعة في إنتاج النووي السلمي.- تدمير وإزالة وشحن المحرك الأصلي للمفاعل الذي يمكنه إنتاج كميات كبيرة من البلوتونيوم خارج إيران.-تقوم إيران بشحن الوقود المستنفد من المفاعل خارج البلاد مدى الحياة، مع التزامها بعدم إجراء أبحاث أو عمليات إعادة تصنيع على الوقود النووي المستنفد.-إلتزام إيران بعدم بناء أي مفاعيل نووي إضافي يعمل بالمياه الثقيلة لمدة 15 عاماً.العقوبات-يقوم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية بتعليق العقوبات بعد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تطبيق إيران جميع الخطوات الرئيسة المتعلقة ببرنامجها النووي.-تجديد العقوبات على إيران في حالة عدم التزامها بنص الاتفاق.-سيتم رفع جميع قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة ببرنامج إيران النووي في آن واحد مع انتهاء إيران من معالجة جميع المحاور الرئيسة (التخصيب، مفاعيل "فوردو" و"آراك" والشفافية).-صياغة مشروع قرار جديد في مجلس الأمن الدولي متعلق بنقل التكنولوجيا الحساسة، إضافة إلى دمج قيود مهمة على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية، والسماح بتفتيش البضائع ذات الصلة، وتجميد الأصول من خلال هذا القرار الجديد.- إعادة فرض العقوبات على إيران في حال حيادها عن تطبيق ما التزمت به.-الإبقاء على العقوبات الأميركية على إيران الخاصة بالإرهاب وحقوق الإنسان والصواريخ الباليستية، حسب نص الاتفاق.أفراح لسببين مختلفينمما لا شك فيه فإن حكومة إيران ستبذل قصارى جهدها لتسويق الاتفاقية بمثابة إنتصار لها وسيشاركها الشارع ليس للأسباب نفسها بل إبتهاجاً بالتخلص من مضاعفات العقوبات التي ألمت بحياته المعيشية نتيجة لارتفاع الأسعار وانتشار البطالة وارتفاع خط الفقر، وبالمقابل سيتستخدم المتطرفون الاتفاقية كورقة ضد الرئيس روحاني والتيار المعتدل بذريعة تخليه عن السيادة الوطنية إلا أنه تبقى كلمة الفصل للمرشد الأعلى للنظام خامنئي إلى أعضاء الحكومة على مائدة إفطار الليلة وقد يلقي كلمة بهذا الخصوص.