عواصم - (وكالات): سعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس إلى تبديد المخاوف بشأن الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه بين الدول الكبرى وإيران بشأن برنامجها النووي وسط انتقادات شديدة، متحدثاً عن «خلافات عميقة» ستظل ماثلة بين طهران وواشنطن، مؤكداً «دعمها للإرهاب واستخدامها للجماعات الأخرى لزعزعة استقرار الشرق الأوسط»، فيما شدد على أنه «من مصلحة أمريكا القومية منع إيران من إرسال أسلحة إلى «حزب الله» أو متمردي اليمن». وقال إنه «يشاطر السعودية والشركاء الخليجيين المخاوف بشأن شحنات السلاح الإيرانية، وتسببها في صراع بالمنطقة».وأكد أن إيران «لاتزال تمثل تحديات لمصالحنا وقيمنا». وبعد يوم واحد من توصل الدول الكبرى إلى اتفاق مع إيران بعد نحو عامين من المفاوضات الهادفة إلى وقف امتلاك إيران قنبلة نووية، سعى أوباما إلى الدفاع عن الاتفاق في وجه المتشككين داخل بلاده وخارجها ممن يسعون إلى عرقلة الاتفاق. ويهدف الاتفاق الذي تم التوقيع عليه الثلاثاء الماضي بعد 18 يوماً من المحادثات الماراثونية في فيينا، إلى خفض برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات التي تشل اقتصاد طهران. وأشادت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران وحلف شمال الأطلسي بالاتفاق الذي يؤمل أن ينهي عقوداً من التوتر بين إيران والغرب، إلا أن إسرائيل وصفته بأنه «خطأ تاريخي».وأكد أوباما في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض «بهذا الاتفاق فإننا نقطع كل طريق ممكن أمام برنامج إيران النووي». وأضاف «سيكون برنامج إيران النووي خاضعاً لقيود شديدة لعدة سنوات. وبدون الاتفاق كانت السبل أمام برنامج إيران النووي ستظل مفتوحة».وأكد أن برنامج إيران النووي سيكون خاضعاً لمراقبة غير مسبوقة من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية.واعتبر أوباما أن إسرائيل محقة في قلقها حول سلوك إيران، إلا أنه أكد أن امتلاك إيران لأسلحة نووية سيكون أكثر خطراً. وأشار إلى واشنطن لا تسعى إلى «تطبيع العلاقات الدبلوماسية» مع إيران». وأكد أوباما كذلك على أن لإيران دوراً في إنهاء الحرب الدامية في سوريا. في شأن متصل، شكك القادة الجمهوريون وبعض الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي بالاتفاق النووي التاريخي، معتبرين أنه يمنح طهران هامشاً واسعاً للمناورة ولا يحمي المصالح الأمنية الأمريكية، في المقابل، أعرب المفاوضون الإيرانيون الذين عادوا إلى طهران بعدما توصلوا في فيينا إلى الاتفاق عن ثقتهم بأن جميع الأطراف سينفذون الاتفاق الذي نددت به إسرائيل ومعارضو الرئيس الأمريكي باراك أوباما.وكان بعض أعضاء الكونغرس أكدوا أنهم مستعدون لرفض الاتفاق لأنه لا يتضمن وقف عمليات التخصيب ولا يضمن عمليات تفتيش في أي وقت أو موقع.ورأى المرشحون الجمهوريون للرئاسة الأمريكية خلفاً لباراك أوباما أن الاتفاق يعزز سلطة الملالي في إيران بدلاً من التصدي لها. وبعد إعلان أوباما دعمه للاتفاق بين الدول الست الكبرى وإيران الذي أبرم في فيينا بعد مفاوضات مضنية، بات الاهتمام في واشنطن منصباً على الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون.وقال رئيس مجلس الشيوخ جون باينر إن الاتفاق «غير مقبول» مؤكداً أنه إذا كان النص كما فهمه «فسنفعل أي شيء يمكن أن يوقفه».وفي تطور آخر، قال عضو مجلس النواب الأمريكي ستيف إسرائيل إن نائب الرئيس جو بايدن أبلغ النواب الديمقراطيين أن الاتفاق النووي مع إيران ليس فيه ما يستبعد خيار العمل العسكري.من ناحيته قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني إن «وزراء خارجية دول المجلس تلقوا اتصالات من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أطلعهم فيه على تفاصيل الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني»، مضيفاً أن «وزراء الخارجية أعربوا لكيري عن أملهم بأن يؤدي الاتفاق إلى إزالة المخاوف بشأن برنامج إيران النووي وبما يحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة ويجنبها سباق تسلح نووي».وكشف الزياني عن أن كيري أكد التزام الولايات المتحدة بنتائج القمة الخليجية الأمريكية التي عقدت بمنتجع كامب ديفيد أخيراً، مؤكداً مواصلة التنسيق والتشاور مع دول مجلس التعاون. وقال أيضاً إن الجانبين اتفقا على عقد اجتماع بينهما في المنطقة قريباً لإجراء مزيد من المشاورات. وكان قد ذكر في وقت سابق أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعتزم إرسال وزير دفاعه آشتون كارتر إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل لطمأنة الدول الحليفة بالمنطقة بأن الاتفاق النووي مع إيران لن يقوض التزام واشنطن بحماية أمنها.من جانبه اعتبر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أن الاتفاق «الهام» الذي توصلت إليه إيران مع الدول الكبرى يشكل «خطوة أولى» على طريق جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. من جهة أخرى نقلت وسائل إعلام إيرانية عن المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي قوله في بيان إن نص الاتفاق المبرم بين إيران والقوى العالمية يجب إخضاعه لتدقيق متمعن وينبغي اتخاذ تدابير قانونية حتى لا يخرقه الطرف الآخر.من جانبه صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي ترأس الوفد الإيراني في فيينا لدى وصوله إلى طهران «سنتخذ إجراءات والقوى الكبرى ستقوم بالأمر نفسه».وأضاف متطرقاً إلى موعد بدء تطبيق النص أن «هذا الأمر سيحصل خلال 4 أشهر».والاتفاق الذي أجمعت الصحافة الإيرانية على اختلاف توجهاتها على الإشادة به واحتفل الإيرانيون بتوقيعه في شوارع طهران، سيجعل قدرة إيران على صنع قنبلة نووية أمراً مستحيلاً لكنه يضمن لها حق تطوير الطاقة النووية المدنية.في المقابل ستستفيد طهران تدريجياً من رفع للعقوبات التي تبنتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة منذ 2006 وأرخت بوطأتها على الاقتصاد الإيراني. ويمكن أن ترفع أولى العقوبات اعتباراً من النصف الأول من 2016 في حال وفت إيران بالتزاماتها.والإيرانيون الذين عبروا عن سرورهم في شوارع طهران، هتفوا أيضاً باسم محمد جواد ظريف. وتترقب طهران في الأشهر المقبلة وصول العديد من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال الذين تجذبهم ثروات البلد، وخصوصاً الغاز والنفط.وفي طليعة هؤلاء وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي أعلن أنه سيتوجه قريباً إلى إيران.ومن المقرر أن يزور نائب المستشارة الألمانية وزير الاقتصاد سيغمار غابرييل إيران الأحد المقبل.من جهة ثانية، طرحت الولايات المتحدة على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يصادق على الاتفاق النووي مع إيران، بحسب دبلوماسيين.وهذا النص الذي يفترض أن يتم تبنيه مطلع الأسبوع المقبل، يصادق على اتفاق فيينا ويحل في الواقع مكان 7 قرارات أصدرتها الأمم المتحدة منذ 2006 لمعاقبة إيران من خلال إجراءات الاتفاق.ويتضمن اتفاق فيينا أيضاً آلية تسمى «سناب باك» تتيح لمجلس الأمن إعادة فرض العقوبات في حال عدم التزام إيران بتطبيق الاتفاق.من جهة أخرى هاجمت وسائل الإعلام السعودية الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية وصورت رسوم كاريكاتيرية الاتفاق على أنه اعتداء على المصالح العربية وشجب كتاب الأعمدة التركيز على خطط طهران النووية بدلاً من التركيز على دعمها للفصائل المسلحة الإقليمية.