بقلم: د. حبيب إبراهيم

تكمن صعوبة علاج أمراض السرطان في السمية العالية وقلة الناتجة من العلاج الكيميائي أو البيولوجي، مما يعني أنها تقتل في كثير من الأحيان إلى جانب الخلايا السرطانية الخلايا السليمة، لذلك لاحظنا أن المرضى الذين يتعاطونها يعانون من مشاكل صحية منهكة وخطيرة. لذلك ركز الباحثون على إيجاد آليات للأدوية التي تستهدف الخلايا السرطانية فقط وتترك الخلايا السليمة وراءها، ومن المحاولات الجادة استخدام أجسام مناعية متخصصة تستهدف أحد المستقبلات أو الأنزيمات المهمة في انتشار السرطان ونموه، أو تحفيز المناعة، حيث يحارب النظام الخلايا السرطانية، ويساعد هذا النهج على تحسين فعالية العلاج، خاصة بالنسبة لبعض سرطانات الدم والقولون، حيث يعيش المرضى لفترة أطول ولديهم آثار جانبية محددة.

وعلى الرغم من أنه يعمل بشكل جيد، إلا أنه لايزال بحاجة إلى الكثير من التطوير بنجاح. ويؤثر على أنواع أخرى من السرطان. بالنسبة للتقنية التي نتحدث عنها، فمن المحتمل أنها بديل أو مرادف لاستخدام الجينات المناعية، إنها استخدام تقنية النانو لتوصيل الأدوية الكيميائية المضادة للسرطان، وتلخص التكنولوجيا استخدام المجالات الصغيرة جداً "جزء من المليار من المتر"، هذه الكرات بها آلاف الثقوب، بحجم 20-60 نانومتر، لذلك يمكن وضع المواد الكيميائية في هذه المجالات.

شهد العام العديد من النتائج الأولية لهذه التكنولوجيا الواعدة، على سبيل المثال لا الحصر، نشرت الأكاديمية الوطنية للعلوم مقالاً من جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر، تم اكتشافه فيه، من خلال تحليل العينات المأخوذة من الثدي، في الدراسات المختبرية لخلايا سرطان الرئة والرحم، عن طريق تحميل الدواء في جزيئات نانوية مصنوعة من البلاتين، كان السيسبلاتين أقل سمية للكلى وأظهر أيضاً فعالية جيدة ضد هذه الأنواع المختلفة من السرطان.

كان أحد أهم النجاحات في هذا المجال هو اكتشاف العلماء في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس بالتعاون مع معهد كاليفورنيا لتقنية النانو "الذي تأسس عام 2000"، باستخدام جزيئات السيليكا النانوية "التي تم إنشاؤها بواسطة علماء يابانيين"، اكتشف في عام 1990، ويستخدم لأغراض غير طبية، ويحتوي على آلاف الثقوب الصغيرة. ويتم تحميل الدواء المضاد للسرطان الذي لا يمكن إعطاؤه مباشرة "بسبب سميته العالية" بالأجسام النانوية ويتم إعطاؤه إلى غرسات الثدي المحتوية على السرطان من البشر المصابين بالسرطان.

ووجدت الدراسة أن طريقة حقن الجسيمات النانوية المحملة بالأدوية يمكن أن تتركز في الكلى في موقع الأورام السرطانية وتتسبب في انكماشها بشدة. تم العثور أيضاً على الجسيمات النانوية التي تغادر موقع السرطان بعد تفريغ حمولة الدواء المضاد للسرطان وتم إفرازها عن طريق البول والبراز في غضون أربعة أيام من الحقن، دون أي آثار جانبية ملحوظة.

يعمل الباحثون الآن على تطوير الدقة التي تصل بها الجسيمات النانوية إلى الخلايا السرطانية من خلال ربط بعض الإشارات الجينية بهذه الأجسام، واختبار النهج على أنواع مختلفة من السرطان. والسؤال هو: متى تستخدم هذه التقنية لعلاج مرض السرطان الذي يصيب الإنسان؟ بالطبع، سيتطلب ذلك دراسة سميته في حيوانات المختبر، ثم اختباره على مرضى سرطان معينين، ثم تقييم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية هذه النتائج وجدوى التكنولوجيا.

* أستاذ مساعد بقسم الفيزياء - كلية العلوم - جامعة البحرين