رئيفة عبدالعزيز
عندما يكون النّاس في وسطِ مجتمعٍ مُتشّبّعٍ بالخوفِ من إحداث تغييراتٍ وتطوّراتٍ على حياتهم الرّتيبة والمُتعارف عليها، ثُمّ يتحوّل خوفهُم لِمُعتقدٍ يؤمنون به، ذلك المُعتقد المبنيُّ على أساس أوهامٍ وقصصٍ لبعض الفاشلين أو نوعٍ من الرّواياتِ الكاذبةِ التي يتصدّرها البعض للنّاس بهدف التّحكّم والسيطرةِ عليهِم عن طريق تخويفهُم من عواقب التّغيير، باستغلال مكانتهم الاجتماعية وأصواتهم المسموعةِ من قِبلْ المُجتمع!!
فمن المتوقّع أن يعيش النّاس حياتهُم بفوبيا من التّغييرات والمُحدثات غير المُعتادة والتي ستُسبّب لهُم مع مرور الأيّام الكثير من المشاكل الفكريّة والنّفسيّة والاجتماعيّة وإلخ، وهي من الأمور التي ستنعكس عليهم وعلى من حولهم بالسّلب، بسبب حصرهم في حياةٍ بلونٍ واحدٍ فقط لا يتوافق مع مختلف الأذواق، وبثوبٍ لهُ تفصيل ومقاس واحد فقط لا يُناسب الجميع باختلاف أحجامهم، فيستسلم الضّعفاء للسيطرةِ عليهم من دونِ إظهار أيّ مقاومةٍ حركيّةً ولا حتّى فكريّة.
ولكن يبقى منهُم أشخاص يشعرونَ بشيءٍ من الإيمانِ بالنّفس خارجاً عن تِلك السّيطرة، ذلك الإيمان الذي يُحرّكهُم ويجعلهُم يُفكّرون قليلاً ويكتشفون أنّ مخاوفهُم مُجرّدُ أوهامٍ غيرُ حقيقيّةٍ، وذلك بعد أن وثقوا بأنفسهم وصمّوا آذانهُم وعقولهم عمّا يُخيفهُم، وعمِلوا على تثقيف أنفسهم في مجال التّغيير الإيجابيّ الذي سوف يُحدثُونهُ في حياتهم وحياة من حولهم، فمن الطّبيعي بعد تِلك الخُطوات سينخفض مُعدّل الخوف لديهم وترتفع نسبة الشّجاعة التي ستجعلهُم يواجهون المجتمع ومخاوفهُم الدّاخليّة والتّحرر منها شيئاً فشيئاً، وسيكونُ بمقدورهم الاستمرار في إحداث التّغييرات الجميلة واحدةً تِلو الأخرى التي تُضيف على حياتهم البهجة والسّعادة الدّاخليّة، وبالتّالي ستظهر حتماً على حياتهم الخارجيّة.
ولو رجعنا للخلفِ قليلاً، فسنرى أولئك الذين مازالوا عالقين في دائرة الخوف وعلامة الاستفهامِ تحومُ في عقولهمْ قد تحوّلوا من الذين تمّتْ «السّيطرةُ عليهم» إلى أشخاص «مُسيطرينَ على غيرهِمْ»، فيبدؤون بملاحقة المُتحرّرين من مخاوفهم وتشكيكهم في خطواتهم وزعزعة ثقتهم بإيمانه، ولكنّ الذي لمْ يُدركوهُ بعد..
أنّ الذي يخرج من دائرة سيطرتهم لن يعود تحت ظلّهم أبداً مهما حصل لأنّهُ باختصار قد انتصر على نسخته الخائفة ولم تعُدْ تمثّله!».