العين الاخبارية
أثار قرار عملاق الطائرات الأمريكي بوينج بشأن مقاطعة شراء معدن التيتانيوم من روسيا التساؤلات بشأن أهمية هذا المعدن.
كما أثار القرار الذي جاء ضمن العقوبات التي اتخذتها الشركة ضد روسيا بسبب حربها مع أوكرانيا، تساؤلا حول مدى تأثيره على أداء الشركة وكذلك الاقتصاد الروسي.
ماهو التيتانيوم؟
ولمعرفة أهمية هذا المعدن يجب التعرف على خواصه واستخداماته.
والتيتانيوم عنصرٌ كيميائي وهو من الفلزّات الانتقالية ذو لون فضّي لامع، وهو خفيف ومتين ومقاوم للتآكل حتّى في الظروف القاسية، مثلما هو الحال في ماء البحر والماء الملكي والكلور على سبيل المثال.
ويعود اكتشاف التيتانيوم إلى سنة 1791 حينما اكتشف وليام غريغور هذا العنصر في موقع في مقاطعة كورنوال البريطانية، وأطلق مارتن كلابروت عليه اسم تيتانيوم.
ويتوفّر التيتانيوم في عددٍ من المعادن، وخاصّةً الروتيل والإلمينيت، وهي معادن واسعة الانتشار في القشرة الأرضية وفي غلاف الأرض الصخري.
ويمكن للتيتانيوم أن يسبك مع عدد من الفلزّات الأخرى، مثل الحديد والألومنيوم، ولسبائك التيتانيوم عددٌ كبير من التطبيقات المهمّة في مجالات مختلفة، مثل صناعة الطيران والفضاء وفي الصناعات الكيميائية والعسكرية وفي صناعة المركبات، وكذلك في المجال الطبّي، وخاصّةً في مجال الأطراف الاصطناعية وزراعة العظام.
عمليات معقدة
وتعتبر العمليات المعروفة حالياً لاستحصال التيتانيوم من خاماته المختلفة هي عمليات معقّدة ومكلفة؛ إذ ليس من الممكن اختزال الخامة الحاوية على التيتانيوم بالفحم، كما هو الحال في استخراج الحديد، لأنّ التيتانيوم يتفاعل مع الكربون.
وتم الحصول فلز التيتانيوم النقي أوّل مرّة سنة 1910. ولم يستخدم التيتانيوم خارج المختبرات حتّى سنة 1932، عندما أنتج وليام كرول هذا الفلز باستخدام الكالسيوم أوّلاً؛ ثمّ طوّر من عمليته بعد مضي ثمانِ سنوات مستخدماً مزيجاً من المغنيسيوم مع الصوديوم عاملاً للاختزال، فيما يعرف الآن باسم «عملية كرول»، ولا تزال هذه العملية مستخدمة من أجل الإنتاج التجاري من التيتانيوم.
وكان الاتحاد السوفيتي رائداً في خمسينيّات وستينيّات القرن العشرين باستخدام التيتانيوم في التطبيقات العسكرية، وخاصّةً في مجال الغوّاصات النووية، مثل غوّاصات المشروع 705 ليرا وغواصة كي-278 كومسوموليتس، وذلك في خضمّ التنافس العسكري مع الولايات المتّحدة الأمريكية أثناء الحرب الباردة. بالمقابل، صنّفت الولايات المتحدة التيتانيوم في تلك الفترة ضمن المواد ذات الأهمّيّة الاستراتيجية، وبقيت الإدارات الأمريكية محتفظةً بأكوام من رغوة التيتانيوم إلى أن وُزِّع في أوائل القرن الحادي والعشرين. وكانت شركة فيسيمبو-أفيسما الروسية أكبر منتجِ للتيتانيوم، بحصّة سوق تبلغ 29% من الإنتاج العالمي. ووفق لإحصاءات سنة 2015، كانت أكبر سبع دول رائدة في إنتاج رغوة التيتانيوم كلّ من الصين واليابان وروسيا وكازاخستان والولايات المتحدة وأوكرانيا والهند، على الترتيب.
ويتمتع التيتانيوم بكونه فلزّ متين مقارنة بوزنه وذو كثافة منخفضة، ويتميّز بقابليته للسحب والطرق بالإضافة لمقاومته للتآكل، إذ يتشكّل على سطحه طبقةٌ رقيقةٌ من الأكسيد، والتي تقوم بدور الحامي له وتقيه تأثير العديد من المواد.
وعلى سبيل المثال فإنّ التيتانيوم أكثف من الألومنيوم بحوالي 60%، ولكنّه أمتن بأكثر من مرّتين من بعض أنواع سبائك الألومنيوم شائعة الاستخدام.
منتجي التيتانيوم في العالم
تنتج الصين أعلى كمية من التيتانيوم في العالم، وتنتج نحو ضعف ما تنتجه روسيا ثاني أكبر منتج للمعدن.
كما تعتبر اليابان ثالث أكبر منتج للتيتانيوم يليها كل من كازاخستان وأوكرنيا في المرتبة الرابعة والخامسة على التوالي.
تأثيره على بيونج وروسيا
ولا يعد هذا القرار مؤثرا على بوينج بشكل كبير حيث أشارت الشركة حينما أعلنت وقف شرائها للتيتانيوم من روسيا، إلى أنها وسعت شبكة إمداداتها خلال السنوات الأخيرة "ولديها مخزون كبير من المعدن".
أما روسيا فهي تلعب دورا مهما في السوق العالمية لهذا المعدن من خلال شركة "في.إس.إم.بي.أو-أيه.في.آي.إس.إم.أيه" المملوكة لمجموعة الصناعات العسكرية الروسية الحكومية العملاقة روستك، وباعتبارها ثاني أكبر منتج لتيتانيوم في العالم.
ومن المتوقع ألا يؤثر هذا القرار بعينه في الاقتصاد الروسي الذي يبلغ حجم انتاجه من المعدن حوالي 45 ألف طن متري سنويا حيث لا تمثل طلبات بوينج من المعدن نسبة كبيرة مقارنة بالإنتاج.
لكن بالتأكيد سيتاثر قطاع التعدين لدى الدب الروسي في ظل تواصل العقوبات الغربية عليه وصعوبات إجراء التحويلات المالية لعمليات الشراء على التيتانيوم أو غيره من المعادن التي تنتجها روسيا.
ومع دخول الحرب يومها الـ13 فأن الأبعاد السلبية للحرب على الاقتصاد الروسي والاقتصاد العالمي لم تتضح بعد خاصة في ظل عدم القدرة على التكهن بتوقيت نهاية العمليات العسكرية الروسية داخل أوكرانيا.