ربط الصّلة بالفعل
هناك أمرٌ يُمارسهُ الكثير من النّاس من باب الوعي الجمعي والذي رأيتهُ شائعاً في معظم المجتمعات وهو أنّهم «يربطون ما بين صلة الشخص بهم وما بين أفعاله» وبسبب هذه الفكرة تتولّد لدينا مشاكل العداوة والحقد والكراهيّة والخ.. وهي الأمور التي تؤدّي إلى مقاطعة صلة الأرحام أو عقوق الوالدين أحياناً، والذي ينتج عنها التّفكك الأسري ما بين مؤيّدين ومعارضين في العائلة ذاتها.
فمن المعروف أنّ حُب الوالدين لأبنائهم ليس لهُ حدود، وأيضاً صِلة الدّم ما بين الإخوان التي تُعمّق حبّهم لبعضهم البعض، ولكن في بعض الأحيان تنشأ صراعات ومشاكل تُزعزع أمان ذلك الحبّ الأسريّ، عندما يقوم أحد أفراد الأسرة بفعل أمر يخص حياته من باب حرّيّتهُ الشّخصيّة التي قد لا تتناسب مع أفكار ومعتقدات أسرته أو عائلته، فتكون ردّة فعلهُم الجمعيّة على ذلك الذي خالفهم هي نُبذهُ من العائلة وإصدار قانون عائليّ طارئ في مقاطعته واتّهامهُ بافتراضيات ليس لها أساساً من الصّحة والإعلان عن عدم تقبّلهم له ما لم يتراجع عن أفعاله التي لا تروق لهُم، ومن هذا الوعي تأتي فكرة ربط أنفُسهُم وصلتهُم بهِ بأفعالهُ أو سلوكيّاته الشّخصيّة التي لا يتقبّلونها.
فمن أسباب ذلك النّوع من التّفكك الأسريّ هو تزمّتْ أفراد الأسرة لأفكارهم المحدودة التي نشأوا عليها من مصدرٍ واحدٍ فقط، وعدم تقبّلهم لفكرة الطّبيعة البشريّة في اختلاف الأفكار والآراء والمعتقدات والخ.. في جميع جوانب الحياة، وعدم تقبّلهم أيضاً لفكرة أنّ يكون من بين أفراد أسرتهم شخصاً منهم يختلفُ عنهم في طريقة حياته التي اختارها لنفسه وفقاً لما يُناسبهُ ويُريحهُ.
فالذي أقصدهُ من هذا المقال هو الفصل ما بين أفعال النّاس وما بين صلتهُم بنا، فصِلتهُم بنا شيئ.. وأفعالهُم وسلوكيّاتهُم الشّخصيّة التي لا نتقبّلها شيئٌ آخر، فيجب على الجميع إدراك أنّ الله سبحانهُ قد خلقنا مختلفين ولسنا مُتشابهين، حتّى وإن كانت نشأتنا واحدة، وأنّ الأفعال الشّخصيّة لِلأقرباء تُمثّلهم ولا تُمثّل العائلة، وكما قال الحق: «ولا تزرُ وازرةٌ وِزرَ أخرى»، وأعتقد أنّ فكرة الفصل هذهِ مريحة لجميع أفراد العائلة.