الدرس الكبير المستفاد من سلسلة العقوبات الغربية غير المسبوقة على روسيا، أن المنظمات الدولية والأنظمة الاقتصادية وتقنيات الاتصال يمكن أن تتحول بين عشية وضحاها إلى سيف مسلط على أي دولة لمجرد أنها تختلف مع الغرب. ونحن العرب جربنا كثيراً هذه الوصفة، لكن ما يحدث حالياً أن هذه الإجراءات موجهة لدولة عملاقة مثل روسيا وبتوسع الحصار والمقاطعة في مجالات لم تكن مطروقة سابقاً، مثل الرياضة والفن والأدب.
لعقود طويلة كان مفهوم «العولمة» هلامياً يصعب توصيفه. بدا الأمر وكأنه انتشار لثقافة الماكدونالدز والكوكاكولا والأفلام الأمريكية من أجل توحيد معالم الثقافة الاستهلاكية الغربية بين دول العالم المفتونة بالتقدم الغربي. ثم تطورت المفاهيم الاقتصادية المرتبطة بالتجارة الحرة لتنفتح أسواق العالم على كل ما هو غربي وتتضرر المنتجات المحلية. الأمر الذي أدى إلى تدخل البنك الدولي في توجيه الخطط الاقتصادية للدول النامية بقائمة إرشادات ثابتة تتمثل في تقليص القطاعات الحكومية ودعم القطاعات الخاصة وفتح مجالات التنافس. ورفع الضرائب وخفض الدعم. مما نتج عنه انهيار اقتصاديات كاملة مثل الاقتصاد البرازيلي. وانتهت الصورة في القرن الحادي والعشرين بتحكم المنظمات الدولية مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ومنظمة الصحة الدولية واليونسكو برسم مختلف سياسات الدول في العالم. وأثناء ذلك تضخمت الشركات العابرة للقارات وخصوصاً شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل وأمازون ومايكروسفت وفيسبوك وآبل وغيرها من الشركات التي امتلكت بيانات شخصية لمليارات البشر وتاجرت بها بمنطق تجاري يحتاج إلى تقييم أخلاقي. وهكذا اتضح أن العولمة تتجاوز مسألة تقديم خدمات عالمية متكافئة لكل البشر، إلى التمكن من السيطرة على سياسات الدولة وربطها سياسياً واقتصاديا وحتى اجتماعياً بالنظام الدولي، الذي من حق مجموعة دول محدودة أن تطرد أي دولة من هذه الشبكة وتعاقب شعبها بعزله وحرمانهم من الخدمات الدولية التي صارت تضبط حياتهم.
وقد أدركت دول كثيرة مآلات هذا الفخ، فأوجدت لها أنظمتها الخاصة، وبرامجها التنموية المستقلة عن «كاتالوجات» البنك الدولي. كما أنها حافظت على هويتها وثقافتها وطورت أنظمتها التعليمية وأحدثت تقدماً اجتماعياً بعيداً عن رؤية منظمة اليونسكو. والنموذج الأنجح في هذا الاتجاه هي دول شرق آسيا، التي تتفوق على أمريكا والغرب في كافة مؤشرات التعليم، دون الاستعانة بالمنظمات الغربية ودون تبني ثقافة «هوليوود والفاست فود».
رجوعاً إلى التقارير الاقتصادية فإن روسيا وبعض الدول صممت برامج تبادل نقدي بديلة عن نظام «SWEFT». كما أنها خفضت من نسبة التبادل التجاري المعتمد على الدولار. ولدى العديد منها مصالح مشتركة وبرامج تواصل اجتماعي محلية تغنيها عن تويتر وفيسبوك وإنستغرام.
أذكر على سبيل المثال أن الصين عملت بحزم على تحجيم اكتتابات وتوسعات رجل الأعمال جاك ما صاحب شركة علي بابا، الذي كان يطمح للوصول للنموذج الغربي «السوبر» مثل أمازون وغوغل. الصين المتحررة اقتصادياً التي تدعم التنافسية مازالت تنظم العمل التجاري داخلها كي لا يتجاوز أي رجل أعمال الدولة ويحتكر السوق ويضر بمصالح باقي رجال الأعمال، ثم يصبح نداً دولياً للدولة يصعب التعامل معه كمواطن ملتزم وخاضع لقوانينها.
سنتفرج على الغرب وهو يضغط على روسيا الأوروبية ويحرمها من شركاته وخدماته ويمنع استيراد الصادرات الروسية مثل القمح والفودكا والباليه والأدب وأبطال المصارعة، وغيرها. وستنفرج أيضاً على العالم وهو يعيد تنظيم أموره ويستغني شيئاً فشيئاً عن المنظمات والشركات والأنظمة ذات الصبغة الدولية.
لعقود طويلة كان مفهوم «العولمة» هلامياً يصعب توصيفه. بدا الأمر وكأنه انتشار لثقافة الماكدونالدز والكوكاكولا والأفلام الأمريكية من أجل توحيد معالم الثقافة الاستهلاكية الغربية بين دول العالم المفتونة بالتقدم الغربي. ثم تطورت المفاهيم الاقتصادية المرتبطة بالتجارة الحرة لتنفتح أسواق العالم على كل ما هو غربي وتتضرر المنتجات المحلية. الأمر الذي أدى إلى تدخل البنك الدولي في توجيه الخطط الاقتصادية للدول النامية بقائمة إرشادات ثابتة تتمثل في تقليص القطاعات الحكومية ودعم القطاعات الخاصة وفتح مجالات التنافس. ورفع الضرائب وخفض الدعم. مما نتج عنه انهيار اقتصاديات كاملة مثل الاقتصاد البرازيلي. وانتهت الصورة في القرن الحادي والعشرين بتحكم المنظمات الدولية مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ومنظمة الصحة الدولية واليونسكو برسم مختلف سياسات الدول في العالم. وأثناء ذلك تضخمت الشركات العابرة للقارات وخصوصاً شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل وأمازون ومايكروسفت وفيسبوك وآبل وغيرها من الشركات التي امتلكت بيانات شخصية لمليارات البشر وتاجرت بها بمنطق تجاري يحتاج إلى تقييم أخلاقي. وهكذا اتضح أن العولمة تتجاوز مسألة تقديم خدمات عالمية متكافئة لكل البشر، إلى التمكن من السيطرة على سياسات الدولة وربطها سياسياً واقتصاديا وحتى اجتماعياً بالنظام الدولي، الذي من حق مجموعة دول محدودة أن تطرد أي دولة من هذه الشبكة وتعاقب شعبها بعزله وحرمانهم من الخدمات الدولية التي صارت تضبط حياتهم.
وقد أدركت دول كثيرة مآلات هذا الفخ، فأوجدت لها أنظمتها الخاصة، وبرامجها التنموية المستقلة عن «كاتالوجات» البنك الدولي. كما أنها حافظت على هويتها وثقافتها وطورت أنظمتها التعليمية وأحدثت تقدماً اجتماعياً بعيداً عن رؤية منظمة اليونسكو. والنموذج الأنجح في هذا الاتجاه هي دول شرق آسيا، التي تتفوق على أمريكا والغرب في كافة مؤشرات التعليم، دون الاستعانة بالمنظمات الغربية ودون تبني ثقافة «هوليوود والفاست فود».
رجوعاً إلى التقارير الاقتصادية فإن روسيا وبعض الدول صممت برامج تبادل نقدي بديلة عن نظام «SWEFT». كما أنها خفضت من نسبة التبادل التجاري المعتمد على الدولار. ولدى العديد منها مصالح مشتركة وبرامج تواصل اجتماعي محلية تغنيها عن تويتر وفيسبوك وإنستغرام.
أذكر على سبيل المثال أن الصين عملت بحزم على تحجيم اكتتابات وتوسعات رجل الأعمال جاك ما صاحب شركة علي بابا، الذي كان يطمح للوصول للنموذج الغربي «السوبر» مثل أمازون وغوغل. الصين المتحررة اقتصادياً التي تدعم التنافسية مازالت تنظم العمل التجاري داخلها كي لا يتجاوز أي رجل أعمال الدولة ويحتكر السوق ويضر بمصالح باقي رجال الأعمال، ثم يصبح نداً دولياً للدولة يصعب التعامل معه كمواطن ملتزم وخاضع لقوانينها.
سنتفرج على الغرب وهو يضغط على روسيا الأوروبية ويحرمها من شركاته وخدماته ويمنع استيراد الصادرات الروسية مثل القمح والفودكا والباليه والأدب وأبطال المصارعة، وغيرها. وستنفرج أيضاً على العالم وهو يعيد تنظيم أموره ويستغني شيئاً فشيئاً عن المنظمات والشركات والأنظمة ذات الصبغة الدولية.