«الثقافة»: أهمية الحفاظ على خصوصية الجامع التاريخية والعمرانية

تمكنت هيئة البحرين للثقافة والآثار بمساعدة خبراء فريق التنقيب من التوصل إلى اكتشاف الملامح الأصليّة لجامع المهزع التاريخي في مدينة المنامة القديمة، حيث تمكن فريق التنقيب خلال المرحلة الثانية من أعمال التنقيبات بالموقع من اكتشاف البقايا التاريخية والأساسات المعمارية الأثرية للجامع القديم والتي من شأنها إعادة تصور الهوية المعمارية والتاريخية للجامع الذي شُيّدَ في المنامة التّاريخيّة في العامِ 1860م.

واهتمامًا بالأهميّة التّاريخيّةِ والهُويّة التي ينفردُ بها جامع الشّيخ قاسم المهزع بسوق المنامة القديم، توشك هيئةُ البحرين للثّقافةِ والآثار على استكمال أعمال التنقيب بالجامع والتي تمت مباشرتها منذ منتصف شهر يناير 2022 بهدف إعادة تصوّر التّركيبة المعماريّة الخاصّة بهذا الملمح الثّقافيّ الدّينيّ، وذلك بالتّنسيق مع وزارة العدل والشؤون الإسلامية وإدارة الأوقاف السنية والجهات ذات الاختصاص، علمًا أنّ هذه المساعي قد سبقتها دراسة مبدئية لكتلة ومحيط الجامع التي أعدتها هيئة البحرين للثقافة والآثار والتي حازت في العام 2014 على جائزة الأمير سلطان بن سلمان آل سعود للتراث العمراني عن فئة البحث.

من جهتِها أكّدت هيئةُ البحرين للثّقافةِ والآثار أنّها عبر هذا المشروع تعتني بالهُويّةِ المعماريّةِ لهذا الإرث الإنسانيّ الذي يُشكّل مكوّنًا أساسيًّا من تركيبةِ السّوق القديمِ، ومن تركيبةِ النّسيجِ العمرانيّ الحضريّ لمدينةِ المنامة التّاريخيّة، مؤكّدةً: (إنّ مشروع الاشتغال المعماريّ والهندسيّ لجامع المهزع التّاريخيّ يتجاوزُ إعادةَ تهيئةِ معمار المكان، فنحنُ اليوم أمام مشروعٍ استثنائيّ ذي بُعدٍ تُراثيّ وأثريّ، ولا بدّ من صياغةٍ دقيقةٍ ومتأنّيةٍ لاستدراجِ الأصالةِ التي كانت تسمُ هذا الملمح)، مضيفةً: (ما نسعى إليهِ ليس مجرّد استدعاءٍ لما كان عليه الجامع، بل هي مساعٍ حقيقيّةٍ لاستيعابِ مفردات أصالتِه، وذلكَ لإعادةِ هندستِه وتكوينه بما يتّسق مع التّركيبةِ العمرانيّةِ للسّوقِ القديم، ونكرّسُ لأجلِ ذلكَ كافّة الأدوات الثّقافيّةِ والعلميّةِ والفنّيّةِ والتّقنيّةِ).

وحولَ طبيعةِ مراحلِ المشروع، أوضَحَت الثّقافة أنّ فريق العمل الهندسيّ والفنّيّ قام بإزالة كافّة العناصرِ الإنشائيّةِ المتهالكةِ، فيما تمّ تدعيم كافّة الدّكاكين التّاريخيّةِ القديمةِ التي تعتبر وقفًا للجامعِ، وساعدت هذه المرحلةً في دعم جهود الفريق لمواصلة جهود التنقيب والاستمرار في الكشف عن الأساسات المعماريّةِ الأثريّةِ للجامعِ الأصليّ، حيثُ أكّدَ فريق العمل الهندسيّ: (نحنُ الآن أمام مرحلةٍ مفصليّةٍ من مشروعِ إحياءِ جامع المهزع، إذ أنّ بُنيته المعماريّة قائمة على أساساتٍ أثريّةٍ وتاريخيّةٍ، وقد ساهمَت إزالة العناصر غير ذات القيمة في الكشفِ مبدئيًّا عن ملامح الأصالةِ، وهو ما يؤكّدُ العمق التّاريخيّ للجامعِ وللمدينةِ عمومًا، وبكلّ تأكيد فإنّ الاستمرار في أعمال التنقيب بمعيّةِ الخبراء والاختصاصيّين ستنقل المشروع إلى مرحلةٍ تحليليّةٍ دقيقةٍ لتلكَ الأساسات، والتي بدورها ستنعكسُ على تصميمِ الجامعِ وهُويّته التي ستتّخذُ ملامح الهيئةِ الأصليّةِ والتّوزيع الوظيفيّ الأقرب لما كان عليه الجامع حين بنائهِ في أواخر القرن التّاسع عشر).

من الجدير بالذّكر أنّ جامع الشّيخ قاسم المهزع يجسّد خصوصيّة واستثنائيّة تاريخيّة عريقةً كونه قد شُيّدَ من قِبَل المغفور له بإذن الله الشّيخ علي بن خليفة آل خليفة، والد المغفور له بإذن الله الشّيخ عيسى بن عليّ آل خليفة حاكم مملكة البحرين آنذاك، ويشكّل قيمةً معماريّةً وذاكرةٍ لتاريخِ القضاء إلى جانب رمزيّته الدّينيّة، واتّصاله بنسيجٍ عريقٍ بسوق المنامة القديم المُدرَج على قائمة التّراث الوطنيّ.