ساهمت الجهود التي بذلتها مملكة البحرين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في جعلها من الدول الرائدة في مسيرة الاستدامة، حيث تبنت المملكة أهداف التنمية المستدامة في برنامج عمل الحكومة ورؤية البحرين الاقتصادية 2030، نظراً لأهميتها في مواكبة ودفع عجلة النمو، فعملت على حشد وتوجيه الإمكانات والموارد المتاحة بالشكل الأمثل من أجل تحقيق هذه الرؤية.
ومع مطلع عام 2020 اجتاحت جائحة كورونا (كوفيد-19) العالم، في زمن يمر بالعديد من التغيرات والتطورات التي ساهمت في خلق تحولات جذرية، ليس فقط في الطريقة التي نعيش بها بل حتى في الطريقة التي تعمل بها الحكومات والمؤسسات، مما كان له تأثير جذري على الاقتصاد ككل. حيث تأكد للعديد من المؤسسات أن العمل بالطريقة التقليدية لم يعد مستداماً؛ فمثلاً تحول العمل والتعليم بين ليلة وضحاها إلى الواقع الافتراضي، متمثلاً في العمل والدراسة عن بُعد، كذلك التواصل العالمي عن طريق المؤتمرات الافتراضية التي زادت من سرعة نقل وتبادل المعرفة، مما عجل في دفع المؤسسات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها لكي تحافظ على استمراريتها. لكن ما هو المقصود بالتنمية المستدامة؛ كلمة مستدامة تعني الديمومية والاستمرارية. وتعني للمؤسسات استمرار وجودها على المدى الطويل من خلال استدامة أعمالها، ومن هذا المنطلق يجب عليها أن تستحضر دائماً وتضع بعين الاعتبار الهدف الرئيس الذي تأسست من أجله، والذي يتمثل في الغالب بتوفير خدمة أو منتج لسد فجوة بين العرض والطلب في السوق، وبالتالي ومن البديهي أن الزبون هو محور نمو واستدامة أعمال المؤسسات، لكن أي مؤسسة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المجتمع والاقتصاد، وبالتالي تؤثر وتتأثر، ليس فقط، من علاقتها مع زبائنها أو أصحاب رأس المال، لكن وبشكل أكبر من مجمل أصحاب المصلحة، ومن هذا المنطلق تتضح أهمية العوامل الاجتماعية في العمل، حيث إن العمليات التجارية لا تكتمل دون الموظفين والزبائن، وتعتبر العوامل الاجتماعية أحد العوامل الأساسية للتنمية المستدامة والتي تتضمن العوامل البيئية والاجتماعية وعوامل الحوكمة.
بالنسبة للعوامل البيئية؛ فقد أعلنت مملكة البحرين التوجه نحو الحياد الصفري بحلول عام 2060، والتوجه لخفض الانبعاثات من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة بنسبة 30%، إلى جانب مجموعة من المبادرات الأخرى، لذلك فقد أصبح من الضروري أن تقوم المؤسسات بدورها في المشاركة بتحقيق هذه الأهداف من خلال مراجعة استراتيجياتها والأخذ في الاعتبار العوامل البيئية في عملياتها واستثماراتها، حيث إن هذه العوامل ستساهم في خلق مجالات جديدة لنمو الأعمال وزيادة كفاءة العمليات.
أما بالنسبة لعوامل الحوكمة؛ فتتضمن أنظمة حوكمة المؤسسات والتي تعتمد على المساءلة والمواءمة، وتشمل عوامل تقيم آلية صنع القرار التي تضع على كاهل قادة المؤسسات المسؤولية عن جميع القرارات الحاسمة المتعلقة باستخدام رأس المال الموكل إليهم من قبل المستثمرين، وكيفية توافق أداء القادة مع قيم المؤسسة وأصحاب المصلحة، لذلك ولكي تحافظ المؤسسات على استدامتها يتعين عليها أن تتبنى ضمن استراتيجياتها عوامل التنمية المستدامة من خلال إدماجها في القيم الأساسية للمؤسسة، وهذا يتطلب الإرادة والالتزام بتطبيق معايير دمج عوامل الاستدامة في آلية صنع القرار المالي كمكمل لعملية التحليل المالي التقليدي وليس بديلاً عنه، وهو أمر مهم لتكوين فهم شامل لمخاطر وعوائد الأعمال الأساسية.
يترتب من ذلك إدراك أن الطرق التقليدية التي تركز على المساهمين فقط وكيفية زيادة أرباحهم ليست كافية، حيث يعتبر ذلك من الاستراتيجيات التي تركز على المدى القصير، لذلك ولكي تحافظ المؤسسات على استدامة أعمالها على المدى الطويل يجب عليها أن تراجع وتتبنى السياسات التي ستساعد على الدمج ما بين مصالح المؤسسة وعوامل الاستدامة وتبني الدور المجتمعي والمسؤول بالتركيز على جميع الأطراف ذات الصلة.
ومن العوائق الملحوظة في هذا الإطار أن بعض المؤسسات تدرك أهمية تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لكنها تجد صعوبة في وضع خطة وآلية لتنفيذ هذه الأهداف بسبب فجوات المهارات وعدم كفاية البنية التحتية المؤسسية، هذه الفجوة المهارية ألهمتنا في معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية لتدشين أكاديمية التنمية المستدامة في مايو الماضي بالتعاون مع معهد لندن للأعمال المصرفية والمالية ومؤسسة فيتش العالمية، لبناء الكفاءات الوطنية في هذا المجال وصقل مهارات وخبرات الكوادر اللازمة في مجال التمويل المستدام وتطوير مبادرات نوعية وبرامج تدريبية تتوافق مع متطلبات سوق العمل، كونه المعهد الرائد في تنمية الكفاءات البشرية والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية في المملكة، حيث تقدم الأكاديمية حلول تعليمية شاملة في المجالات الثلاث الرئيسة للاستدامة وهي؛ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بما في ذلك الشهادات الاحترافية المعتمدة وورش العمل الافتراضية.
* رئيس قسم الصيرفة والمالية - معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية «BIBF»
ومع مطلع عام 2020 اجتاحت جائحة كورونا (كوفيد-19) العالم، في زمن يمر بالعديد من التغيرات والتطورات التي ساهمت في خلق تحولات جذرية، ليس فقط في الطريقة التي نعيش بها بل حتى في الطريقة التي تعمل بها الحكومات والمؤسسات، مما كان له تأثير جذري على الاقتصاد ككل. حيث تأكد للعديد من المؤسسات أن العمل بالطريقة التقليدية لم يعد مستداماً؛ فمثلاً تحول العمل والتعليم بين ليلة وضحاها إلى الواقع الافتراضي، متمثلاً في العمل والدراسة عن بُعد، كذلك التواصل العالمي عن طريق المؤتمرات الافتراضية التي زادت من سرعة نقل وتبادل المعرفة، مما عجل في دفع المؤسسات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها لكي تحافظ على استمراريتها. لكن ما هو المقصود بالتنمية المستدامة؛ كلمة مستدامة تعني الديمومية والاستمرارية. وتعني للمؤسسات استمرار وجودها على المدى الطويل من خلال استدامة أعمالها، ومن هذا المنطلق يجب عليها أن تستحضر دائماً وتضع بعين الاعتبار الهدف الرئيس الذي تأسست من أجله، والذي يتمثل في الغالب بتوفير خدمة أو منتج لسد فجوة بين العرض والطلب في السوق، وبالتالي ومن البديهي أن الزبون هو محور نمو واستدامة أعمال المؤسسات، لكن أي مؤسسة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المجتمع والاقتصاد، وبالتالي تؤثر وتتأثر، ليس فقط، من علاقتها مع زبائنها أو أصحاب رأس المال، لكن وبشكل أكبر من مجمل أصحاب المصلحة، ومن هذا المنطلق تتضح أهمية العوامل الاجتماعية في العمل، حيث إن العمليات التجارية لا تكتمل دون الموظفين والزبائن، وتعتبر العوامل الاجتماعية أحد العوامل الأساسية للتنمية المستدامة والتي تتضمن العوامل البيئية والاجتماعية وعوامل الحوكمة.
بالنسبة للعوامل البيئية؛ فقد أعلنت مملكة البحرين التوجه نحو الحياد الصفري بحلول عام 2060، والتوجه لخفض الانبعاثات من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة بنسبة 30%، إلى جانب مجموعة من المبادرات الأخرى، لذلك فقد أصبح من الضروري أن تقوم المؤسسات بدورها في المشاركة بتحقيق هذه الأهداف من خلال مراجعة استراتيجياتها والأخذ في الاعتبار العوامل البيئية في عملياتها واستثماراتها، حيث إن هذه العوامل ستساهم في خلق مجالات جديدة لنمو الأعمال وزيادة كفاءة العمليات.
أما بالنسبة لعوامل الحوكمة؛ فتتضمن أنظمة حوكمة المؤسسات والتي تعتمد على المساءلة والمواءمة، وتشمل عوامل تقيم آلية صنع القرار التي تضع على كاهل قادة المؤسسات المسؤولية عن جميع القرارات الحاسمة المتعلقة باستخدام رأس المال الموكل إليهم من قبل المستثمرين، وكيفية توافق أداء القادة مع قيم المؤسسة وأصحاب المصلحة، لذلك ولكي تحافظ المؤسسات على استدامتها يتعين عليها أن تتبنى ضمن استراتيجياتها عوامل التنمية المستدامة من خلال إدماجها في القيم الأساسية للمؤسسة، وهذا يتطلب الإرادة والالتزام بتطبيق معايير دمج عوامل الاستدامة في آلية صنع القرار المالي كمكمل لعملية التحليل المالي التقليدي وليس بديلاً عنه، وهو أمر مهم لتكوين فهم شامل لمخاطر وعوائد الأعمال الأساسية.
يترتب من ذلك إدراك أن الطرق التقليدية التي تركز على المساهمين فقط وكيفية زيادة أرباحهم ليست كافية، حيث يعتبر ذلك من الاستراتيجيات التي تركز على المدى القصير، لذلك ولكي تحافظ المؤسسات على استدامة أعمالها على المدى الطويل يجب عليها أن تراجع وتتبنى السياسات التي ستساعد على الدمج ما بين مصالح المؤسسة وعوامل الاستدامة وتبني الدور المجتمعي والمسؤول بالتركيز على جميع الأطراف ذات الصلة.
ومن العوائق الملحوظة في هذا الإطار أن بعض المؤسسات تدرك أهمية تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لكنها تجد صعوبة في وضع خطة وآلية لتنفيذ هذه الأهداف بسبب فجوات المهارات وعدم كفاية البنية التحتية المؤسسية، هذه الفجوة المهارية ألهمتنا في معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية لتدشين أكاديمية التنمية المستدامة في مايو الماضي بالتعاون مع معهد لندن للأعمال المصرفية والمالية ومؤسسة فيتش العالمية، لبناء الكفاءات الوطنية في هذا المجال وصقل مهارات وخبرات الكوادر اللازمة في مجال التمويل المستدام وتطوير مبادرات نوعية وبرامج تدريبية تتوافق مع متطلبات سوق العمل، كونه المعهد الرائد في تنمية الكفاءات البشرية والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية في المملكة، حيث تقدم الأكاديمية حلول تعليمية شاملة في المجالات الثلاث الرئيسة للاستدامة وهي؛ الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بما في ذلك الشهادات الاحترافية المعتمدة وورش العمل الافتراضية.
* رئيس قسم الصيرفة والمالية - معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية «BIBF»