أقامت هيئة البحرين للثقافة والآثار يوما مفتوحا في موقع أبوصيبع الأثري؛ حضره عدد كبير من الأهالي والمهتمين بالتاريخ والآثار؛ وأعلنت فيه الهيئة نتائج التنقيبات الاثرية التي يقوم بها فريق الآثار الفرنسي، وذلك يوم الإثنين الموافق 21 مارس. استمع الحضور الى شرح مفصل عن تاريخ الموقع والاكتشافات الاثرية الاخيرة فيه.
وقد استأنف فريق الآثار الفرنسي من متحف اللوفر - باريس برئاسة الدكتور جوليين كوني الموسم السادس من أعمال التنقيب الأثرية في موقع أبوصيبع الأثري، في 16 فبراير 2022 بمشاركة مختصين بالآثار فرنسيين وبحرينيين.
ويشير مدير إدارة الآثار والمتاحف الدكتور سلمان المحاري بأن هذه الفعالية جاءت استكمالا للمبادرة التي أطلقتها الهيئة قبل عدة أشهر بعنوان "الشراكة المجتمعية - أصدقاء الآثار" ساعيةً من خلالها الى نشر الوعي الأثري لدي المجتمع المحلي واشراكهم في حفظ التراث الوطني. وأضاف بأننا نسعى من خلال فعالية اليوم التي أقيمت في موقع أبوصيبع الى جعل الاهالي القريبين من الموقع الاثري أكثر قربا ومعرفة بتاريخ الموقع ومكوناته وأهميته؛ مما يساهم في حفظه وصونه، ولجعلهم على دراية بالجهود التي تقوم بها هيئة الثقافة والاثار مع شركائها تجاه هذه المعالم التاريخية.
ويؤكد المحاري بأن الهيئة ستواصل جهودها في الكشف عما تضمه أرض البحرين من بقايا أثرية تشهد على الازدهار الحضاري لاهلها على مر العصور.
موقع أبو صيبع عبارة عن مقبرة تلية يعود تاريخها إلى فترة تايلوس الوسطى (50 قبل الميلاد - 150 بعد الميلاد)، يبلغ قطرها الأقصى 70 مترًا ، وارتفاعها يتراوح بين 4 أمتار و 4.5 مترًا . منذ بداية العمل في الموقع في عام 2017 وحتى اليوم ، تم الكشف عن حوالي الثلث من المساحة الكلية للتل، وتم تحديد 93 مدفنا. خلال هذا العام 2022 ، تم اكتشاف 23 مدفنًا جديدًا، فيما تم تنقيب 11 مدفنا بالكامل.
من بين هذه المدافن الإحدى عشر التي تم التنقيب عنها ، كانت ثلاثة منها سليمة ، أما المدافن الأخرى فقد تعرضت للنهب والسرقة عمداً، على الأرجح في العصور القديمة ، لكنها لا تزال تقدم في بعض الأحيان مواد أثرية وأنثروبولوجية مثيرة للاهتمام.
يذكر جوليين كوني رئيس الفريق الفرنسي بأن الهدف الاساسي من التنقيب في موقع أبو صيبع هو دراسة الثقافة المادية لشعب البحرين خلال فترة تايلوس؛ للحصول على معلومات دقيقة عن التسلسل الزمني، المواد وتصنيعها، الطقوس الجنائزية، والعلاقات التجارية. فيما تقدم الدراسة الأنثروبولوجية معلومات عن العمر والجنس والظروف الصحية ومرة أخرى الدلالات و الإيماءات الجنائزية.
ويُضيف جوليين بأنه خلال هذا العام ، تم حفر قبر سليم مثير للاهتمام. وُضعت الجثة على الظهر في غرفة دفن مبنية مغطاة بألواح حجرية. لم تمتلء غرفة الدفن بالرواسب ، كما هو الحال عادة عندما يتم نهب القبور. الهيكل العظمي كان بحالة حفظ جيدة. صاحب القبر ذكرًا يزيد عمره عن 50 عامًا. لقد دفن مع أشياء قليلة: فقط وعاء تم وضعه في يده اليمنى وأجزاء من حيوان ، ربما دجاجة ، كقربان لحياة ما بعد الموت.
عادة يُدفن الميت مصحوبا بأغراضه، فقد تم العثور على بعضها سليمًا. وهي في الغالب أواني فخارية، عادة ما تكون مزججة باللون الأخضر، مثل الأطباق أو القناني الصغيرة أو الأمفورات الصغيرة. في بعض الأحيان ، يتم العثور على أواني زجاجية أيضًا ، لكنها هشة جدًا وغالبًا ما تتحلل أو تنكسر الى أجزاء متفرقة. من الاكتشافات المثيرة هذا العام هي العثور على قبر طفل رضيع عمره حوالي شهر، مدفون ضمن قبر مبني بالحجارة ويرافقه أغراضه الجنائزية والتي هي عبارة مجموعة من اللالئ والخرز ودمية في شكل آدمي مصنوعة من العظم وايضا إناء صغير من المرمر، مما يدل على أن هذا القبر هو لطفل من عائلة مميزة اجتماعيا.
ومن ضمن المعثورات في هذا الموسم أيضا هو العثور على العديد من القطع العظمية الصغيرة في قبرين. كانوا في الأصل يزينون الصناديق الخشبية التي اختفى خشبها بمرور الوقت ، مما أدى إلى تفكيك حشوات العظام المتساقطة والمنقسمة والمنفصلة.
ومن الاكتشافات الفريدة هذا العام هي العثور على جزء من تمثال أنثى من الفخار رأسها مفقود وتفاصيل جسمها واضحة. فيما تم العثور على حجر نرد لأول مرة يُعثر عليه في قبور تعود لفترة تايلوس.
وقد لوحظ بأن أكثر الطقوس الجنائزية شيوعًا في هذه المقبرة هي وضع وعاء مقلوبًا فوق قمة القبر ويحتوي على رماد ناتج عن احتراق مادة مجهولة الهوية. ثم غُطي الوعاء وباقي القبر بالرمل والحصى لتشكيل تلة صغيرة. وهذه العادة كانت شائع في مقابر تايلوس في مناطق البحرين المختلفة.