يخشى الكثيرون من تطور الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حرب كونية ثالثة تكون فداحتها أخطر بكثير من الحربين العالميتين السابقتين. وهذا توجس لا مبالغة فيه. فالأجواء المسيطرة على العالم في هذا الظرف هي ذاتها التي شهدتها إرهاصات ما قبل الحرب العالمية الأولى.
لم يكن اغتيال الأمير فرديناند ولي عهد النمسا وزوجته، في سراييفو السبب الرئيس وراء اندلاع الحرب العالمية الأولى. ولكن الكثيرين في أوروبا كانوا بانتظار تلك «الرصاصة» لبدء عملياتهم العسكرية. قصة الحرب العالمية الأولى قصة طويلة جداً تمتد لأكثر من ستين عاماً قبل اندلاع شرارتها. وباختصار هي نتاج سلسلة من التحالفات والتحالفات المقابلة بين الدول الأوربية. وهي نتاج للتوسع الاستعماري الكبير لبريطانيا وفرنسا في كل أرجاء العالم، وطموح بعض الإمبراطوريات الأوربية مثل ألمانيا والنمسا في التوسع. وطموح دول صغيرة حينها مثل إيطاليا وبعض دول البلقان وخصوصاً صربيا في الاستقلال والتوسع أيضاً. وكانت أهم جغرافيات الصراع تجري على جسد الرجل العثماني المريض. أدت تلك الأسباب إلى تشكيل تحالفات ومناوشات عسكرية انفجرت جميعها لحظة اغتيال ولي عهد النمسا في سراييفو التابعة للإمبراطورية العثمانية، والتي تحتلها النمسا، على يد فتى صربي كان يطمح في الاستقلال التام لصربيا.
ورطت الحرب العالمية الأولى بكل تعقيداتها عدداً كبيراً من الدول في أتونها. وانتهت الحرب بالثورة البلشفية في روسيا. وسقوط ثلاث إمبراطوريات هي: العثمانية والألمانية والنمساوية، وإعادة رسم خرائط العالم، على نحو أسس لأسباب الحرب العالمية الثانية. فالحروب العالمية هي نتاج عقود من الصراعات التي تتشابك ثم تنفجر فجأة لسبب عارض يمكن أن يتحقق في غضون ساعات.
الظروف الراهنة هي مماثلة في بنيتها وتأثيرها ما كان واقعاً قبل الحرب العالمية الأولى. فنحن على أعتاب قوى عظمى مثل أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوربي يتضعضع نفوذها. وثمة دول تحاول اختراق الزمن لتزاحم في منصة القوى العظمة مثل روسيا والصين والهند. ويسير في ركابها بعض الدول الطموحة مثل تركيا وإيران ودول الخليج العربي. والقيم التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية وصارت تحكم المسارات السياسية والاقتصادية استنزفت ذاتها وتفسخت بما كشف فجأة أن الكثير من دول العالم بدأت تعزف عنها. وخصوصاً قيم نشر الديمقراطيات وحماية حقوق الإنسان ودعم الأقليات التي بررت للتدخل الدولي وزعزعت استقرار كثير من الدول. وهيمنة الدولار والمنظمات الدولية التي صارت سيفاً تسلط عقوباته على أي دولة تصنف بأنها مارقة. وبدأ الجميع ينادي بقيم جديدة كاحترام الثقافات المحلية واستقرار الدول والتعامل المبني على المنفعة والمنفعة المتبادلة.
وفي خضم كل ذلك يمكننا رصد بعض التحركات المقلقة: إيران تطلق مجموعة صواريخ على إربيل العراق معلنة استهدافها لقواعد إسرائيلية. الحوثيون في اليمن يشنون هجوماً على منشآت نفطية سعودية. باكستان تطلق «خطأ» صاروخاً نووياً تجاه الهند. الزعيم الكوري الشمالي يستعرض إطلاق صاروخ جديد عابر للقارات. تايوان تعبر عن قلقها من استغلال الصين للتركيز العالمي على أوكرانيا وتقوم بتنفيذ تهديداتها بإعادة ضم تايوان. روسيا تعلن عن انسحابها من مفاوضات السلام مع اليابان بشأن جزر الكوريل، وتطالب باستعادة الجزر كاملة. زيارات مكوكية ثلاثية متبادلة على مستوى وزراء الخارجية بين كل من الصين وباكستان وأفغانستان.
إنه عالم معبأ فعلاً بالبارود. وإذا كانت الحرب العالمية الاقتصادية قد انطلقت فعلاً بإعلان فلاديمير بوتين قصر بيع النفط والغاز لأوروبا بالروبل الروسي. فإن السؤال الذي يخشى الجميع من مواجهته، هو: من سيطلق الرصاصة «الصربية» التي قد تفجر الحرب العالمية الثالثة.
لم يكن اغتيال الأمير فرديناند ولي عهد النمسا وزوجته، في سراييفو السبب الرئيس وراء اندلاع الحرب العالمية الأولى. ولكن الكثيرين في أوروبا كانوا بانتظار تلك «الرصاصة» لبدء عملياتهم العسكرية. قصة الحرب العالمية الأولى قصة طويلة جداً تمتد لأكثر من ستين عاماً قبل اندلاع شرارتها. وباختصار هي نتاج سلسلة من التحالفات والتحالفات المقابلة بين الدول الأوربية. وهي نتاج للتوسع الاستعماري الكبير لبريطانيا وفرنسا في كل أرجاء العالم، وطموح بعض الإمبراطوريات الأوربية مثل ألمانيا والنمسا في التوسع. وطموح دول صغيرة حينها مثل إيطاليا وبعض دول البلقان وخصوصاً صربيا في الاستقلال والتوسع أيضاً. وكانت أهم جغرافيات الصراع تجري على جسد الرجل العثماني المريض. أدت تلك الأسباب إلى تشكيل تحالفات ومناوشات عسكرية انفجرت جميعها لحظة اغتيال ولي عهد النمسا في سراييفو التابعة للإمبراطورية العثمانية، والتي تحتلها النمسا، على يد فتى صربي كان يطمح في الاستقلال التام لصربيا.
ورطت الحرب العالمية الأولى بكل تعقيداتها عدداً كبيراً من الدول في أتونها. وانتهت الحرب بالثورة البلشفية في روسيا. وسقوط ثلاث إمبراطوريات هي: العثمانية والألمانية والنمساوية، وإعادة رسم خرائط العالم، على نحو أسس لأسباب الحرب العالمية الثانية. فالحروب العالمية هي نتاج عقود من الصراعات التي تتشابك ثم تنفجر فجأة لسبب عارض يمكن أن يتحقق في غضون ساعات.
الظروف الراهنة هي مماثلة في بنيتها وتأثيرها ما كان واقعاً قبل الحرب العالمية الأولى. فنحن على أعتاب قوى عظمى مثل أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوربي يتضعضع نفوذها. وثمة دول تحاول اختراق الزمن لتزاحم في منصة القوى العظمة مثل روسيا والصين والهند. ويسير في ركابها بعض الدول الطموحة مثل تركيا وإيران ودول الخليج العربي. والقيم التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية وصارت تحكم المسارات السياسية والاقتصادية استنزفت ذاتها وتفسخت بما كشف فجأة أن الكثير من دول العالم بدأت تعزف عنها. وخصوصاً قيم نشر الديمقراطيات وحماية حقوق الإنسان ودعم الأقليات التي بررت للتدخل الدولي وزعزعت استقرار كثير من الدول. وهيمنة الدولار والمنظمات الدولية التي صارت سيفاً تسلط عقوباته على أي دولة تصنف بأنها مارقة. وبدأ الجميع ينادي بقيم جديدة كاحترام الثقافات المحلية واستقرار الدول والتعامل المبني على المنفعة والمنفعة المتبادلة.
وفي خضم كل ذلك يمكننا رصد بعض التحركات المقلقة: إيران تطلق مجموعة صواريخ على إربيل العراق معلنة استهدافها لقواعد إسرائيلية. الحوثيون في اليمن يشنون هجوماً على منشآت نفطية سعودية. باكستان تطلق «خطأ» صاروخاً نووياً تجاه الهند. الزعيم الكوري الشمالي يستعرض إطلاق صاروخ جديد عابر للقارات. تايوان تعبر عن قلقها من استغلال الصين للتركيز العالمي على أوكرانيا وتقوم بتنفيذ تهديداتها بإعادة ضم تايوان. روسيا تعلن عن انسحابها من مفاوضات السلام مع اليابان بشأن جزر الكوريل، وتطالب باستعادة الجزر كاملة. زيارات مكوكية ثلاثية متبادلة على مستوى وزراء الخارجية بين كل من الصين وباكستان وأفغانستان.
إنه عالم معبأ فعلاً بالبارود. وإذا كانت الحرب العالمية الاقتصادية قد انطلقت فعلاً بإعلان فلاديمير بوتين قصر بيع النفط والغاز لأوروبا بالروبل الروسي. فإن السؤال الذي يخشى الجميع من مواجهته، هو: من سيطلق الرصاصة «الصربية» التي قد تفجر الحرب العالمية الثالثة.