هو عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، كان مشهوراً بين العرب والصحابة بالجود والكرم، وهو أول من فطّر جيرانه في شهر رمضان، وأول من وضع الموائد في الطرق يأكل منها الصائمون، وكان عبيد الله وسيماً جهير الصوتِ يشبه أباه في الجمال، أحد أجواد الإسلام يلقب بتيار الفرات لسخائه، وكان رضي الله عنه ينحر كل يوم جزورا، فنهاه أخوه عبد الله، فلم ينته، ونحر كل يوم جزورين.

قال أبان بن عثمان: «أراد رجل أن يُضارَّ عبيد الله بن عباس، فأتى وجوه قريش»، فقال: يقول لكم عبيد الله تغدَّوا عندي اليوم، فأتوه حتى ملؤوا عليه الدار، فقال: ما هذا؟ فأُخْبِر الخبر، فأمر عبيد الله بشراء فاكهة، وأمر قوما فطبخوا وخبزوا، وقدمت الفاكهة إليهم، فلم يفرغوا منها حتى وُضعت الموائد، فأكلوا حتى صدروا، فقال عبيد الله لوكلائه: أو موجود لنا هذا كل يوم؟ قالوا: نعم، قال فليتغدّ عندنا هؤلاء كل يوم وكان رضي الله عنه مشهوراً بين العرب والصحابة بالجود والكرم، لفرط جوده يسمى معلم الجود، وكانت نفقته في كل يوم خمس مئة دينار، وإذا خرج من دوره طعام إلى رحابه ومساجده لا يرد إليها منه شيء، فإن لم يجد من يأكله ترك مكانه فربما أكلته السباع، وكان هو والناس في ماله سواء، من سأله أعطاه ومن لم يسأله ابتدأه، فلا يرى أنه يفتقر فيقتصر ولا يرى أنه يحتاج فيدخر، وكان يقال من أراد الجمال والفقه والسخاء، فليأت دار العباس، فالجمال للفضل والفقه لعبد الله والسخاء لعبيد الله.