سكاي نيوز عربية
اتجهت الأنظار في العراق إلى قوى الإطار التنسيقي بعد استقالة نواب التيار الصدري، بطلب من زعيمهم مقتدى الصدر، وسط تساؤلات عن تمكن تلك الكتل من تسلم زمام السلطة في البلاد، في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية.
وتضم قوى "الإطار التنسيقي" الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة، مع ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي وكذلك تحالف الفتح الذي يرأسه هادي العامري وكتل صغيرة أخرى.
وعلى مدار الأشهر الثمانية الماضية، كانت تلك القوى، حجر عثرة أمام مشروع الصدر، الرامي إلى تشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، مع حلفائه رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
قلق شعبي
وبعد استقالة نواب التيار الصدري، بدأت قوى "الإطار التنسيقي" حراكًا سياسيًّا، لتدارك عاصفة استقالة النواب الصدريين، في ظل قلق شعبي من انزلاق البلاد نحو متاهات لا تحمد عقباها، مع توقع الجميع بعدم استسلام الصدر، وتحوله إلى المعارضة الشعبية.
بهذا الشأن، قال المحلل السياسي قاسم العبودي، إن "كل الاحتمالات واردة، فربما يذهب الإطار التنسيقي باتجاه تشكيل الحكومة، لخلو الساحة، كما أن الأجواء مهيأة لإقامة التحالفات بعد انسحاب التيار الصدري وشغور مقاعده النيابية"، متوقعًا أن "تحدث استقالات أخرى من التحالف الثلاثي السني والكردي".
العبودي أوضح في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الإطار لديه القدرة على تشكيل حكومة قادمة بمعزل عن الصدر، وهو مشروع قائم، وهناك من يعمل عليه الآن"، مشيرًا إلى أن هناك ترجيحًا باحتمالية أن يذهب وفد من الإطار التنسيقي إلى الحنانة لمحاولة ثني الصدر عن استقالة أعضاء تياره".
وعلى مدار الأشهر الماضية، كانت القوى السياسية الشيعية، تتحاشى الذهاب نحو تشكيل الحكومة، أو تحمل المسؤولية دون التيار الصدري، وذلك تجنبًا لمعارضته المزعجة، خاصة في حال حرّك الصدر الجماهير في الشارع، إذ يُقدر عدد أنصاره بأكثر من 3 ملايين.
في العام 2016، حرّك الصدر أنصاره، وكاد يطيح بحكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، عندما اقتحم آلاف من أنصاره المنطقة الخضراء، ودخلوا إلى مبنى البرلمان والحكومة، قبل أن يأمر بانسحابهم، في حادثة ما زالت ماثلة أمام القوى السياسية، واعتُبرت دليلًا على قدرة الصدر في تحشيد أنصاره بشكل سريع.
كما أن الاحتجاجات الشعبية، التي شهدها العراق، نهاية العام 2019، وراح ضحيتها آلاف الجرحى والقتلى، كانت بدعم وتأييد من الصدر، وفي أجزاء منها، كانت بتنظيم من أنصاره، حيث لا يتفاعل الصدر مع أي احتجاجات لم ينظمها أو يشارك فيها، ويرى أحيانًا أن الشارع جزء من تكتيكاته.
وحتى الإطار التنسيقي الموالي لإيران، والذي قد يشعر أنه حقق انتصارًا على مقتدى الصدر، فإن غالبية الأطراف فيه تدرك جيدًا بأنّ هذه "الاستقالات" نهاية للعملية السياسية.
يرى مراقبون عراقيون أن العملية السياسية تحولت بعد تلك الاستقالات من الانسداد إلى الانهيار، فالتيار الصدري يعد محورًا مهمًّا في النظام السياسي، واستقالة نوّابه قد تنتج عنها تداعيات خطيرة على الوضع العام.
لكن القوى السياسية التي على الجانب الآخر، مثل "الإطار التنسيقي" سوف تُظهر، حسب مراقبين، أنها لن تتأثر بتلك الاستقالات، وستسعى إلى المضي بالعملية السياسية، على رغم المخاطر المحتملة.
في هذا الجانب، يرى المحلل السياسي نجم عبيد، أن "استقالة نواب التيار الصدري جاءت متوقعة في ظل الانسداد السياسي، وعدم الوصول إلى تفاهمات بين التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي، ورغم أن هذه الاستقالة محرجة للقوى السياسية الأخرى، لكنها ستكابر بالتظاهر بعدم تأثرها".
وأضاف عبيد، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن "قوى سياسية كانت تطالب بإلغاء الانتخابات وإعادتها، وكانت تطالب أيضًا أن تكون هناك آلية لحل البرلمان، لكن بعد هذا التطور عدلت تلك القوى عن هذا الخيار، وأصبحت ترغب الآن بالاستمرار العملية السياسية، وردم الصدع الذي خلفه انسحاب نواب الكتلة الصدرية من البرلمان، للمحافظة على ما تبقى من العملية السياسية".
وعن قدرة هذه القوى الاستمرار بالعملية السياسية، أوضح المحلل السياسي العراقي، أنها "لن تستطيع ذلك، ويجب الذهاب إلى حكومة انتقالية، مع تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي، وتعديل بعض فقرات الدستور، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات مبكرة، فهذه 4 خطوات لبناء عملية سياسية جديدة وإخراج العراق من هذا المنزلق الخطير".